اخبار السودان لحظة بلحظة

مختصر المقال في تبدل الايام والاحوال

قبل عام من الان وانا اهم لشد الرحال لاداء العمرة، كان العالم كله غير مانعرفه الان. استطعت ان اغادر بلدي وانا في كامل الانشراح والاطمئنان علي نفسي واهلي واتنقل من مركبة واخري والاوضاع طبيعية والاحوال عادية وانا اري اهل السودان يزاولون حياتهم في همة ونشاط رغم ضنك العيش واجواء السياسة التي تلت رحيل البشير.
وعندما وجدت نفسي علي الساحل الشرقي للبحر الاحمر رات عيني عالما غير سوداني يعيش هو الاخر حياته لا يكدرها مرض ولا جائحة.
قبل عام من الان كان كل العالم وكل البشر يعيش في حرية الفضاءات وتبادل المنافع والخبرات ولا تنفك الموانئ والمطارات تضج بحركة البشر وصخبهم وكل ارجاء الكرة الارضية لاهية وناسية عما يخبئ لها القدر من خطر. الحروب تدور وتقام المهرجانات والالعاب وكل ضروب الرياضة تنتظم نشاطاتها في كل جهة وصوب والمصانع تدور ومكينة الاقتصاد العالمي تسرع الخطا في غير ما بلد تسجل النمو والانكماش وترصد الركود والانعاش والعلماء منكبون في جامعاتهم ومعاملهم يستلهمون حلولا لمشاكل تؤرق البشرية. علي مقربة من مكاني وانا اقيم في البر الشرقي للبحر الاحمر،حيث تتاخم الدول وتتزاحم كانت تدور حروب في اليمن وشرقا وشمالا في ارض الرافدين وسوريا. وفي عوالم الغرب الاروبي وفي اميركا البعيدة كانت تقام المؤتمرات لمناقشة قضايا البيئة وكيفية مواجهة ما يسمونه بالارهاب. نعم كانت بؤر الحرب ومستنقعات الموت تلون وجهة الكرة الارضية في اكثر من مكان ورغم ذلك ظل التفاؤل والراحة النفسية له مساحات في حياة البشر. الان نصف سكان الكوكب في حالة حذر وحظر lock down في منازلهم. الي متي يدوم ذلك وماهي مالاته المنظورة. لقد خفت وتائر التلوث ومعدلاته الان قياسا عما كان عليه قبل شهور، فمصر التلوث الرئيسي ومنبعه قل استهلاكه وانخفض سعره الي الحضيض حتي بلغ 11 دولار للخام الامريكي، ولكن تلوثت الان حياة البشر بالتشاؤم وفقدان الامل . هل العالم مهيئ وقابل الان على اجتياز هذه المحنة باقل الخسائر في الانفس والثمرات. لقد تحسر الناس لايام مضت قبل عام وشهور وهم يتنفسون الهواء وينطلقون في الاجواء ويهبطون في الارجاء، ولا يخاف بعضهم من بعض ان تصيبهم عدوى بفيروس سمم الاجواء. كان عالما آمنا او هكذا يحسبه اهله من ان ياتي طارئ تحار اقوي العقول والدول ان تتعامل معه وتكف شره وهو يمسك بخناق الجميع. هل يعتبر ما مضي من ايام العام الفائت هي اخر عهدنا بايام بلا جوائح . يا له من عالم مختلف وايام متباينات، والان هناك العالقون الذين يودون الوصول لاوطانهم واهليهم ولو بسق الانفس ولكن قوانين وقيودا جديدة تمنع ذلك وتحول دونه. من بين عامين انقلب عالمنا رأسا علي عقب والسنين تمضي والركب يسير والايام تدور ونحن في دوامة الموت والحياة لم نقض منها اربنا ولم ينقض فيها طلبنا .

ورغم ذلك فالايام حبلي بالجديد الذي قد لا يخطر علي بال وتبقي الامال والتطلعات والتفاؤل في نيل الغايات هي سمة كل محب للحياة ومدرك ان الكون لا يذهب خبط عشواء وان مدبر الاكوان بيده العافية والفناء، فليكن الامل والعمل هو حادي ركابنا وموجه بوصلتنا في تلاطم امواج الصعاب.
لا معني للحياة بلا امل
ولا معني للامل بلا عمل.

اترك رد