أشرتُ أمس إلى حالة الفوضى والتزوير التي تمارسها بعض المكاتب التابعة لوزارة الزراعة في كثير من مناطق الزراعة الآلية المطرية مع السماسرة والتجار وإسهامها في تدمير القطاعات الإنتاجية بتشجيع ورعاية النشاط الطفيلي الإجرامي، ونبهتُ إلى الخلل الكبير الذي يسمح بذهاب التمويل الزراعي إلى أيدي السماسرة والمضاربين وأرباب تجارة الكسر والمعاملات الربوية بعد حرمان المزارعين أصحاب الحق منه بسبب البيروقراطية المفتعلة والمتاريس التي توضع في عتبات البنوك أمام المزارعين…
وبما أن السيد وزير الزراعة د. عيسى عثمان الشريف هو المسؤول الأول عن العمليات الزراعية في السودان فإننا نلفت انتباهه إلى أن وزارته الآن ومن خلال تساهلها وتهاونها مع الممارسات الفاسدة التي أشرنا لها عبر هذا المقال فإنها تساعد في تدمير الإنتاج الزراعي بدلاً عن تحفيز المنتجين، وتُشجع النشاط الطفيلي الإجرامي الذي تنامى وكبر في عهد النظام المخلوع وأصبحت له مخالب وأنياب، فقد نبهنا إلى الخلل وعلى عاتق الوزير تقع مسؤولية معالجة هذا الخلل الكبير …
فإذا أصدر السيد الوزير قراراً بمنع تسجيل أي أرض زراعية إلا بعد زيارتها ميدانياً، والتحقق منها فإنه بهذا الإجراء سيسهم كثيراً في توجيه التمويل الزراعي إلى موضعه الصحيح، ويقطع الطريق أمام النشاط الطفيلي الذي تمارسه جماعات مافيا الجازولين والكتفلي والمعاملات الربوية بأموال التمويل الزراعي..
بعض أفرع البنوك المختصة بالتمويل الزراعي تعمل عكس أهداف التمويل وخطة الدولة الرامية لتشجيع المنتج المحلي وذلك من خلال تسهيل عمليات التسليف للتجار والسماسرة عوضاً عن تمويل المزارعين ويتم هذا الإجراء بناء ًعلى مفهوم غريب وهو أن العمليات التجارية الأخرى غير الزراعية سريعة ومربحة بالنسبة لهذه البنوك، وعن طريقها يمكن للبنوك أن تتفادى تعسر السداد لدى المزارعين الذين يفشلون في عمليات السداد في أحيان كثيرة بسبب تأخير التمويل وتعقيد الإجراءات، ولهذا تلجأ بعض الأفرع إلى تسليف تجار المحاصيل والسماسرة المعروفين بدلاً عن المزارعين، على أن يقوم تجار المحاصيل الذين هم في الأصل سماسرة لا علاقة لهم بالأرض والزراعة، بشراء المحاصيل والسداد للبنك في موسم الحصاد بأسعار زهيدة بعد التحكم في الأسعار، وهذا يعني أن البنك أسهم بقدر كبير جداً في دعم وتشجيع النشاط الطفيلي الذي ثبت جلياً أنه الأخطر ـــ على الإطلاق ـــ على القطاعات الإنتاجية في أي دولة… …اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.