اخبار السودان لحظة بلحظة

العزاء خيار و فقوس – سهير عبدالرحيم

دهشت أيما دهشة وأنا اشاهد الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة وبعضاً من أعضاء مجلسه يتراصون جنباً الى جنب وخلفهم مجموعة ضخمة من الحشود العسكرية في انتظار وصول جثمان الفريق جمال عمر وزير الدفاع بمدرج مطار الخرطوم .
منبع الدهشة التزاحم والتراص ونحن نعيش أزمة جائحة مرض كورونا المستجد، وكأني بتحذيرات منظمة الصحة العالمية تذهب ادراج الرياح بل وكأني بقرارات مجلس السيادة والوزراء نفسه ومؤتمرات وزير الصحة الاتحادي يضرب بها عرض الحائط .
مسلسل الزحام والتدافع لم ينتهِ عند مدرج الطائرة وانما تواصل الى المقابر، حتى مواراة الجثمان الثرى وانتقل بعدها الى منزل المرحوم بضاحية الرياض، حيث نصبت سرادق العزاء .
هنالك حدث ولا حرج الفاتحة يا جماعة وما يعقبها من مصافحة بالايدي و(مقالدة)، ثم صواني العشاء والافطار والشاي والقهوة وجيب موية يا ولد وكب شاي تاني، وجر الكرسي داك.. وغيرها من الممارسات التي تسهم في انتقال الفايروس بنسبة ١٠٠٪‏ ان كان هنالك شخص واحد موجود وحامل للعدوى !!
بعض اهالي حي الرياض أطلقوا نداء للشرطة بضرورة فض العزاء لما يشكله من خطر صحي على الحي بأكمله، ولكن لا حياة لمن تنادي أصلاً الحكومة عن بكرة أبيها كانت موجودة بشقيها المدني والعسكري .
حسناً(  لماذا حدث ما حدث ..؟؟)، هل كان الامر بالنسبة للبرهان طقس رسمي وبروتكول عسكري لا بد منه في استقبال جثمان شخصية رفيعة رغم الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد، والذي حذرت الحكومة نفسها منه وظلت تصرخ ليل نهار في أجهزة الإعلام أن اجتنبوا الزحام …!؟
كيف يكون إذن قائد ركب هذا الزحام هو أرفع شخصية في الدولة، والرجل الأول …، حسناً ماذا ترك البرهان للمواطنين البسطاء ناس قريعتي راحت…!!، كيف يمكن ان يتقبل مواطن نصحاً اوتوجيهاً او ارشادات او قرارات بعد ذلك وهو يشاهد قيادات الدولة هم اول من يكسر ويخرق تلك الإجراءات .
هل تستطيع الدولة تطبيق حظر تجول على مراسم عزاء لاحقاً، هل تستطيع منع التجمعات، هل تستطيع فرض هيبة الدولة في محاربة كورونا .
خارج السور :
مع استسهال الامر من قبل الدولة وعدم الجدية في تطبيق القرارت و ردة الفعل الباردة من قبل المواطنين تجاه هذه الجائحة، تتوقع منظمة الصحة العالمية أن يصبح السودان بؤرة لهذا الوباء…..ولن يجدي وقتها البكاء ع اللبن المسكوب.

اترك رد