اخبار السودان لحظة بلحظة

الدفعة 31 و الثورة.. جنرالات في واجهة الأحداث

الخرطوم: صديق رمضان
عندما تلقى رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبدالفتاح البرهان، نبأ الرحيل المفاجئ لوزير الدفاع الفريق أول جمال عمر، لم يتمكن من السيطرة على مشاعره، فرغم اتصاف العسكر بالصبر عند الشدائد ونائبات الدهر إلا أن الرجل اجتاحه الحزن وبدا متأثراً بفقدان من جمعته به الظروف منذ أربعين عاماً، ففقيد السلام الذي غادر الفانية بصمت يحاكي مسيرته العسكرية من ذات الدفعة التي ضمت ستة من أبرز الجنرالات الذين اختاروا الانحياز إلى ثورة التاسع عشر من ديسمبر، فالبرهان والراحل جمال عمر، بالإضافة إلى عمر زين العابدين، وجلال الشيخ وأبوبكر دمبلاب، وجمال عبدالمجيد تعود العلاقة بينهم إلى العام 1979 حينما تزاملوا في الدفعة 31 في الكلية الحربية.
عندما اندلعت ثورة ديسمبر شكك كثيرون في انحياز المؤسسة العسكرية إلى الشارع والاستجابة إلى نبضه، لجهة أن الذي ثار ضده الشارع جنرال في القوات المسلحة ،غير أن الحادي عشر من أبريل عام 2019 جاء يحمل بين ثناياه خبراً ساراً للسودانيين عنوانه البارز اختيار المؤسسة الأمنية الوقوف بجانب ثورته، لتبدأ مرحلة جديدة من عمر البلاد شهدت في الأشهر الأربعة الأولى منها توتراً واضحاً بين المدنيين والعسكر كاد أن يُذهب فرحة إسقاط نظام الإسلاميين، غير أن أغسطس من ذات العام شهد تقاربهما بتوقيعهما على الوثيقة الدستورية، وخلال الفترة التي أعقبت سقوط البشير فإن المشهد في السودان شهد بروز العديد من الوجوه العسكرية، التي نالت عضوية المجلس العسكري والمجلس السيادي، وفي المرحلة التي كان يمسك فيها الجنرالات بزمام الأمور في البلاد عقب الثورة برز الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي جاء خلفاً للفريق أول عوض ابنعوف وبجانبه عدد من الوجوه التي يبدو أنه اختارها لتكون بالقرب منه بحكم الزمالة التي جمعته بهم منذ العام 1979 حينما كانوا طلاباً بالكلية الحربية .أبرز الوجوه بطبيعة الحال الجنرال جمال عمر الذي استعان به ابن دفعته البرهان في الثالث والعشرين من شهر مايو من العام الماضي ليكون عضواً في المجلس العسكري خلفاً للجنرال مصطفى محمد مصطفى قائد الاستخبارات العسكرية الذي تقدم باستقالته وقتها ، وهو أيضاً من مسنسوبي الدفعة 31، وتولى فقيد السلام جمال عمر رئاسة لجنة الأمن والدفاع بالمجلس العسكري الانتقالي في مرحلة أمنية بالغة التعقيد شهدها السودان، وهو الامر الذي جعله مؤهلاً لقيادة وزارة الدفاع حينما تم تشكيل حكومة رئيس الوزراء .
ومن ذات الدفعة 31 كلية حربية جاء مدير جهاز المخابرات الاسبق الفريق اول ابوبكر دمبلاب الذي كان ايضاً من الوجوه التي صعدت في ثورة ديسمبر، حينما تم تعيينه مديراً للجهاز خلفاً للفريق اول صلاح عبدالله قوش الذي وتحت ضغط الثورة لم يجد امامه عقب نجاح الثورة غير تقديم استقالته، ورغم ان دمبلاب بدا منسجماً مع الوضع الجديد في البلاد غير ان تمرد قوات هيئة العمليات بجهاز المخابرات الاخير اطاح به من منصبه ليخرج من التشكيلة الحكومية، والغريب في الامر ان الذي خلف دمبلاب في جهاز المخابرات الفريق اول ركن جمال عبدالمجيد ايضاً من زملاء البرهان في الدفعة 31 كلية حربية . أما الفريق اول ركن جلال الدين الشيخ فقد كان ضابطًا بالجيش أعاده البشير من التقاعد وألحقه بعد ترقيته لتولي منصب نائب مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني في فبراير من العام الماضي ،ويشير البعض الى ان الشيخ كان من الجنرالات الذين انحازوا الى الثورة بممارسته ضغطاً على الفريق اول عوض ابن عوف لاجبار البشير على التنحي ، وكان الشيخ من اعضاء المجلس العسكري غير ان ضغط الشارع الذي كان يطالب بابعاد الوجوه المحسوبة على الاسلاميين دفعه لتقديم استقالته وهو ايضاً من ابرز منسوبي الدفعة 31 كلية حربية.
ثم يأتي رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الفريق عمر زين العابدين الذي كان من ابرز قادة التنظيم الاسلامي الذي حكم السودان لثلاثين عاماً بالقوات المسلحة وتنقل في عدد من الوحدات العسكرية الى ان استقر به المقام في التصنيع الحربي ،وعند اندلاع الثورة برز نجمه حينما تم تكليفه برئاسة اللجنة السياسية بالمجلس العسكري غير ان الرجل لم يتمكن من مواصلة رحلته بعد ان تعرض لضغوط كثيفة من ميدان الاعتصام كانت تطالب بابعاده لصلته الوثيقة بالاسلاميين فذهب ابن الدفعة 31 بعيداً عن المجلس العسكري.
والدفعة 31 بالكلية الحربية التي قدمت خمسة من منسوبيها لتصدّر المشهد السياسي عقب نجاح الثورة ابرزهم البرهان والفقيد جمال عمر جاء تخريجها في يوم 12/10/1982 م خلافاً لما كان سائداً ومألوفاً، حيث كان يتم التخرج في ذكرى الاستقلال أو ذكرى ثورة الخامس والعشرين من مايو وقضت في التدريب عامين وستة اشهر ومن ابرز الذين تميزوا فيها والي جنوب دارفور الاسبق اللواء ادم جار النبي وعمر زين العابدين. وبخلاف الخماسي الذي كان حضوره طاغياً عقب الثورة ينتسب اليها ايضاً الفريق اول ركن محمد عثمان الحسين رئيس هيئة الأركان، والفريق اول ركن ميرغني ادريس سليمان مدير الصناعات الدفاعية.
وبذهاب وزير الدفاع الفريق اول جمال عمر ورحيله عن الحياة صباح امس في عاصمة دول الجنوب مدينة جوبا، فان نجماً اخر من نجوم الدفعة 31 الذين برزوا عقب سقوط البشير توارى عن الانظار غير ان سيرته تظل حاضرة ليكابد الفريق اول عبدالفتاح البرهان مصاعب الفترة الانتقالية وبجانبه ابن دفعته مدير جهاز المخابرات جمال عبدالمجيد بعد ذهاب زملاء دفعته بعيداً عن الفعل السياسي.

اترك رد