اخبار السودان لحظة بلحظة

شركة المتطورة للتعدين.. كيف استولت على آليات ولاية كسلا؟؟!!

تحقيق: ياسر الكردي – اليسع أحمد
حصَّلت (السوداني) على مستندات تؤكد تورط شركة المتطورة في الاستيلاء على آليات ومنقولات تتبع لحكومة ولاية كسلا تقدر قيمتها بـمليونيْ دولار.. واستنطقت والي الولاية، وأيضاً كبير المستشارين بوزارة العدل، ومحامي مساهمي المتطورة، ومُصفِّي الشركة، وخرجت بالحصيلة التالية.

ما هي (المتطورة)؟؟
نبدأُ تحقيقنا بتعريف بشركة المتطورة لأنَّ كُل محور الحديث يدور حولها وجُل أصابع الاتهامات تشير اليها، يقول عاطف جعفر دياب، المحامي لأحد المساهمين من المكون السوداني بالشركة؛ يقول لـ(السوداني) إن شركة المتطورة للتعدين تم تأسيسها في العام (2012م) بشراكة سودانية صينية مناصفة بين المكون الصيني والمكون السوداني ممثلاً في: الطيب الشريف، ومصطفى إبراهيم عبد العال وهما من يتناصفان نصيب المكون الوطني.

والي كسلا يتوعَّد..!!
والي ولاية كسلا اللواء ركن محمود بابكر محمد همد قال لـ (السوداني) إن شركة المتطورة لتعدين الذهب المحدودة استولت على آليات تخص حكومة ولاية كسلا تقدر قيمتها بـمليونيْ دولار منذ العام (2013م)، مشدداً على أن حكومته أوْلَتْ اهتماماً بفتح كل ملفات الفساد والتجاوزات السابقة، وأكد أن الإدارة القانونية لحكومة الولاية بالتنسيق مع وزراة العدل حصرت (51) آلية استولت عليها المتطورة عن طريق عملية (تصفية) حامت حولها شُبهات كثيرة، وبمراجعة شهادة الوارد تم التأكُّد من ملكية حكومة كسلا لكل هذه الآليات.
وتوقَّع همِّد حسم الملف قريباً لأن الإجراءات تمضي بشكل جاد ما جعلهم يضعون يدهم على جزء كبير من الآليات التي تتبع لحكومة ولاية كسلا التي استولت عليها شركة المتطورة متوعِّداً بملاحقة كل الذين مارسوا الفساد المالي والاداري بولايته وقال: سنعمل بكل عزيمة واصرار لاسترداد جميع الممتلكات.

استشارة عدلية
ويقول كبير مستشاري وزارة العدل مولانا هيثم يوسف الكنزي لـ (السوداني) إن مُلَّاك شركة المتطورة الأصليين هم صينيون أتوا إلى كسلا بأموال طائلة حيث تمت شراكة بينهم وبين سودانيين الذين أصبحوا مُلَّاك الشركة أخيراً وها الطيب الشريف التوم، ومصطفى إبراهيم عبدالمتعال، مشيراً إلى أنه قد تمت تصفية رضائية وهي حجز ونقل وبيع آليات حكومة ولاية كسلا باسم كسلا للتعدين في عهد الوالي الأسبق محمد يوسف آدم والتي تتجاوز قيمتها مليونيْ دولار بعدها تم تعيين (مُصفٍّ) من قبل مصفي الشركات حيث تولَّت المهمة شركة (صن رايز) والتي حصرت (51) آلية وهي عبارة عن (قلابات، لودرات، بوكلين وبعض المعينات الخاصة بالتعدين والآليات ببعض محليات الولاية منها على سبيل المثال تلكوك، لافتاً إلى أنه تم حجز ونقل وبيع الآليات دون الرجوع لشهادات الوارد لتحديد الملكية، الأمر الذي أدى إلى شروع ولاية كسلا بتنسيق عالي المستوى مع وزارة العدل ومخاطبة الجمارك لمطابقة المستندات والتي أكدت تبعية كل هذه الآليات لحكومة ولاية كسلا، مبيناً أنه تم فتح إجراءات جنائية من قبل شكوى حكومة ولاية كسلا وعلى ضوء ذلك تم إيقاف شركة المتطورة.
في قبضة العدالة..!!

مولانا هيثم يوسف الكنزي أكد لـ (السوداني) أنه قد تم بالفعل القبض على “الطيب الشريف التوم” أحد مُلَّاك شركة المتطورة للتعدين بعد فتح بلاغ بالرقم (26/2020)، المادة (180) من القانون الجنائي فيما يجري البحث عن متهمين آخرين، منوهاً إلى أنه بحسب منطوق المادة (80) من القانون الجنائي لا يجوز الإفراج عن المتهمين إلا بعد سداد المبلغ الموازي لقيمة الآليات وهو مليوني دولار.

إجراءات جنائية
ويمضي مولانا هيثم الكنزي في افاداته لنا قائلاً: إنه واستناداً على المادة (171) في قانون الشركات لسنة (2015) قامت وزارة العدل بفتح إجراءات جنائية في مواجهة شركة (صن رايز للمزادادت والخدمات وشركة المتطورة ) وقد بدأت الإجراءات تحت المادة (47) تحريات أولية وتمت المخاطبة من قبل نيابة مكافحة الفساد والتحقيقات المالية للهيئة العامة للجمارك حول هذه الآليات، فجاء رد هيئة الجمارك بأنه وفقاً للمستندات الرسمية فإن كل هذه الآليات تخص حكومة ولاية كسلا ممثلة في شركة (كسلا للتعدين) وهي اسم العمل المملوك لحكومة كسلا وذلك وفق شهادات الوارد، وهنا يؤكد مولانا الكنزي أنه وعلى ضو ذلك تم تعديل مسار القضية من المادة (47) إجراءات أولية إلى تقييد دعوى جنائية تحت المادة (180) من القانون الجنائي (تملُّك جنائي) وتم إصدار مذكرات إيقاف بحق المتهمين.

المُصفِّي على الخط
السؤال الذي يطرح نفسه هنا وقد توجَّهنا به إلى المُصفِّي “محمد الأشرف” هو: كيف آلت هذه المعدات التي أثبتت شهادات الوارد ملكية حكومة كسلا لها؛ كيف آلت لشركة المتطورة؟ ورغم وضوح السؤال ومباشرته إلا أن المُصفِّي “محمد الأشرف” لم يشفِ غليلنا بإجابة واضحة، فقط اكتفى بالقول: إن مهمة المُصفي هي المحافظة على أملاك الشركة وبيعها مباشرةً – وفقاً للقانون – وذلك في حال خشى المُصفِّي عليها من التلف، وأكد محمد الاشرف أن لديه قرارا من المحكمة بالبيع المباشر.

منافع شخصية
ويقول مدير مكتب والي ولاية كسلا العميد ركن عوض الكريم عبدالرحمن الأمين لـ (السوداني) إن الإستيلاء على آليات تتبع لحكومة ولاية كسلا وتقدر قيمتها بـمليونيْ دولار منذ العام (2013) يرجع إلى التراخي من الولاة السابقين ، مؤكداً أن الحكومة السابقة هي أحد أسباب المشكلة، وأضاف أن القضية الآن أمام القضاء وهو الجهة المخوَّل لها بالقول الفصل في الموضوع لكن ما يجب قوله هنا هو إن عدم جدية الولاة السابقين في العهد المباد في الملكية لآليات ضخمة تتبع للحكومة، يجعل المرء يتساءل عن سبب (سكوتهم)، هل لهم مصلحة أو منافع من عدم استرداد (52) آلية قيمتها المالية تفوق الـمليوني دولار؟؟!!.

ماذا قالت (المتطورة)؟
سعينا للتواصل مع الطرف الآخر في القضية وهو شركة المتطورة ممثلة في الشريكين “الطيب الشريف”، و”مصطفى إبراهيم عبدالعال” لكن كل المحاولات للوصول إليهما باءت بالفشل لأنَّ أحدهما تم القبض عليه وهو الآن في الحراسة، أما الآخر فيبدو انه يخفي نفسه بعد إلقاء القبض على شريكه، لكننا وبعد جهد حثيث توصَّلنا إلى رقم هاتف المستشار القانوني لأحد المساهمين “مصطفى عبد العال” وهو المحامي عاطف جعفر دياب، والذي قال لـ(السوداني) انه في العام (2013م) قرر المكون الصيني التخلي عن الجانب السوداني وأن ذلك لم يتم بصورة قانونية ليقوم بعدها الصينيون الشركاء في شركة المتطورة بإنشاء شركة جديدة باسم (التعاون) والتي قامت بنقل أصول شركة المتطورة بالمنطقة الحرة بولاية البحر الأحمر إلى شركة التعاون بولاية كسلا عبر تزوير مستندات تؤكد بأن شركة المتطورة تنازلت عن أصولها لصالح شركة التعاون ليتم بعدها إبرام شراكة ما بين شركة التعاون وحكومة كسلا وشرعوا في اسم عمل جديد وهو (كسلا للتعدين).. وعندما طلبت منه (السوداني) أن يملَّكها المستندات المؤيدة لحديثه هذا لم يفعل دياب بل مضى بالقول إنه وبحسب القانون فالحكومة ليس لها الحق في إنشاء اسم عمل أو الدخول في شراكة باسم عمل وأن هذا مخالف للقانون.

دياب قال إن الآليات منذ دخولها للميناء بولاية البحر الحمر كانت باسم المتطورة ولدينا بوليصة شحن وشهادات وراد وفواتير تؤكد ذلك وفي المرحلة الثانية دخولها المنطقة الحرة باسم شركة المتطورة، منوهاً إلى أنه داخل المنطقة الحرة تم نقل الملكية من شركة المتطورة إلى شركة التعاون ليتم في المرحلة الأخيرة وهي التخليص باسم كسلا للتعدين. وتشير (السوداني) هنا، إلى اطلاعها على المستندات التي تؤكد ملكية حكومة ولاية كسلا لهذه الآليات – مٌرفقة كصور مع التحقيق- في حين أن محامي المتطورة دياب قال انهم يمتلكون مستندات تؤيِّد ملكيتهم للآليات لكنه لم يسلِّم (الصحيفة) هذه المستندات. ومن ثم عاد ليقول إنه في العام (2013م) قدَّم الصينيون طلبا تصفية للمحكمة التجارية بالرقم (2/2013) ليوافق المساهمون على التصفية فقررت المحكمة تعيين مصفٍّ وهو إبراهيم دهب وتم جرد كل الآليات، مؤكداً أن اجمالي قيمتها يقدر بـ (30) مليون دولار وليس (2) مليون دولار. بعدها قدمت حكومة ولاية كسلا طلبا للمحكمة بادعاء ملكيتها للأصول.

استئذان محكمة
أما المستشار القانوني للمُساهم الآخر بشركة المتطورة “الطيب الشريف” وهو المحامي عبد الرحيم النصري، فلم تبعد افاداته كثيرا عن من سبقه بالحديث – المحامي دياب- حيث قال لـ(السوداني) إن جميع هذه الآليات دخلت البلاد باسم شركة المتطورة للتعدين ولا علاقة لها بكسلا للتعدين ، مؤكدا أن الأخيرة تم رفضها بواسطة المصفي وكذلك المحكمة التجارية، مما دعا (كسلا للتعدين) لاستئناف قرار المحكمة؛ فتمَّ رفضه أيضاً وطلبت منهم المحكمة سداد رسوم عمل للشركة ومن ثم رفع الدعوى، واختتم بقوله: جميع البوليصات وشهادات وارد الآليات والمنقولات طرفنا لكن لا نستطيع نشرها إلا باذن من المحكمة لأن القضية الآن قيد النظر أمامها وأن النشر ربما قد يؤثر على سير القضية.

اترك رد