في واحدة من المناسبات التقيت واحداً من قيادات الأحزاب في الصف الأول، حاولت أن أعرف منه ما يجري الآن من أحدث على المستوى الاقتصادي فقط، وما هي أسباب الغلاء المتفشي في كل شيء؟. قال لي إن تلك الأزمات وارتفاع الأسعار كلها أسباب مصنوعة من بعض الجهات التي كانت سبباً في سقوط نظام الإنقاذ، والآن تحاول أن تلعب نفس اللعبة لإفشال وسقوط هذا النظام، لقد أخذت حديث الرجل مأخذ الجد، وهو العارف ببواطن الأمور، وهو الأقرب إلى تلك الأحزاب السياسية عقائدية أو أحزاب حديثة، إن حديث الرجل يؤكد أننا شعب لن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام، طالما هذا الحقد موجود في دواخلنا، لقد عانى النظام السابق من الضرب تحت الحزام من (ناسه) أو غيرهم، فالفترة الأخيرة من نظام الإنقاذ والأزمات التي أوقفت حال البلد كانت أزمات فعلاً مصنوعة، وقام بها كبار التجار لمصلحة آخرين، بجانب بعض السياسيين المتحالفين مع هؤلاء التجار، لذا فإن الأسواق التي تعمل على إفشال الحكومة الانتقالية هي أسواق وراءها بعض الساسة، فلم يهدأ لهم بال إلا إذا سقط النظام، ولكن الحكومة الانتقالية إن أرادات أن تنجو من هذا المخطط، لابد أن تواجه تلك الحملات المسعورة بكل جرأة للقضاء على رجال (المافيا)، فالكل الآن استبشر خيراً بوجود نائب رئيس مجلس السيادة الفريق “محمد حمدان دقلو” على رأس قائمة اللجنة الاقتصادية التي يمكن أن تكون بشارة خير لهذا البلد، إن تعامل معها بصدق، فالجميع مع هذا الرجل ومع هذه اللجنة، إن حديث السياسي الذي قال لي إن الأزمات مفتعلة، يؤكد هذا الحديث، فالأزمات السابقة خاصة أزمة النقود التي عجز الكل عن الحصول على أموالهم المودعة لدى البنوك وقتها، فكانت المطاولات ومنح صاحب المال نذراً من ماله، ولكن حينما سقط النظام، لم تمض أيام فإذا بالأموال تتدفق إلى البنوك وإلى الصرافات بصورة تؤكد فعلاً أننا شعب يعمل ضد مصلحة الوطن، بل يعمل على خيانته، إن الحالة التي نعيشها الآن من أزمات طاحنة، ما هي إلا أزمات يقف وراءها أشخاص لهم مصلحة في زعزعة استقرار الوطن، فهؤلاء إن لم تتعامل معهم الحكومة بالشدة والقوة، فلن ينصلح الحال، بل سيؤدي إلى كارثة لن ينجو منها أحد، لذلك على الحكومة الانتقالية أن تتعامل مع تلك المجموعات المخربة بكل حسم لإعادة هيبة الدولة، وإعادة الاستقرار الاقتصادي بدلاً من الانفلات الذي نعيشه. إن مشكلة الوطن في الضمائر الخربة والنفوس المريضة والتجار الجشعين الذين يحاولون استغلال تلك الأزمات من أجل الغنى، إن الحكومة الانتقالية هي المسؤولة الآن عن تلك الفترة فإن أرادت تجميل وجهها للفترة القادمة عليها أن تضرب بيد من حديد على كل من يحاول أن يستغل الفترة من أجل المصلحة الشخصية، فالمواطن الغلبان ليس بيده شيء يحاول أن يقوم تلك (المافيا) التي وجدت في كل مكان في المواصلات، وفي الأسواق وفي التعليم وفي المستشفيات، الضمائر الخربة لا يهمها مصلحة الوطن أو المواطن، فهمها كيف تعمل على مص تلك الدماء الطاهرة، فوطن تتوفر له كل سبل النهوض يفشل في تحقيق بند واحد من تلك البنود الكثيرة، لذا فإننا لن ننهض ما لم يكن لدينا القائد الذي يحسم الأمور بجدية، ويعمل بعيداً عالعواطف والأجاويد.
The post أزمات مصنوعة!! appeared first on صحيفة المجهر السياسي السودانية.