اخبار السودان لحظة بلحظة

الرواية الأولى…مجدي عبدالعزيز

والسؤال عنوان هذه الزاوية ربما ليس مقصودًا لذاته أو هو دعوة للتعبئة العامة حاليًا وإن كانت واجبة في نظري لما يكتنف البلاد من أزمات غير معلومة المدى أو المآلات، ورغم أن مصطلح التعبئة العامة (General Mobilizations) ارتبط في السياق العام بالمجهود الحربي وتحويل القوات الوطنية إلى حالة الحرب وتوظيف كافة القدرات لصالحه إلى أجل مسمى، لكن كثيراً من الدول تلجأ إلى إعلان التعبئة العامة لمواجهة الأزمات الخانقة أو الأخطار المحدقة أو الكوارث الطبيعية أو حتى الأوبئة الفتاكة على غرار ما يجري في جمهورية الصين الشعبية حالياً لمواجهة وباء كورونا الجديد الذي أوقف العالم كله (على رِجِل واحدة) وليس الصين وحدها.
معلوم أن من شروط نجاح التعبئة العامة هو وضع الأمة أمام تحدياتها ورفع همتها وتغذية استعدادها عبر وسائل الاتصال المختلفة التي تحمل محتوى الرسالة المؤثرة والقابلة (للهضم)، وكذلك الالتزام التام بمتطلبات مرحلتها والانصياع القاسي لقوانينها المنظمة، وأكثر القطاعات تأهيلًا لاستيعاب وتنفيذ هذه الشروط في حالة المجهود الحربي – مثلًا – بالطبع هو القطاع العسكري الذي هو بالخدمة والذي هو بقائمة الاحتياط ذلك بحكم التنظيم والانضباط والانقياد المهني الذي يمتاز به،، ولكن أن تقوم تعبئة عامة أو نفير وطني تنفخ له الأبواق أو تدق له الطبول بهدف مواجهة الأزمات المدمرة أو إعادة بناء الاقتصاد أو تأسيس الخدمات في أمة نخبتها وقادة تياراتها ومن يؤثرون في مسيرتها غارقون في التباين الجوهري والخلاف المرحلي وصراع الكسب الذاتي لا أعتقد أن مؤشرات القياس ستميل بأي درجة جهة زاوية النجاح بالمرة، مما يؤكد – مرارًا – أن بيئة التفاهمات على الحدود الدنيا والتسامي نحو قامة الوطن هو ما يخلق الإرادة الحقيقية التي بها يمكن الالتزام والانصياع لمتطلبات مرحلة التعبئة العامة إن وجبت كما أظن.
إعلان حالة الطوارئ بالبلاد التي قام المجلس العسكري بتمديدها عقب التغيير الكبير الذي تم في إبريل من العام الماضي كانت معلومة الأسباب والدوافع وهي تأمين الوضع العام بالبلاد كعادة أي تغيير أو انقلاب يحدث، ثم قام مجلس السيادة بتمديدها لمدة ثلاثة أشهر في أكتوبر من العام الماضي. بتأييد من قوى الحرية والتغيير ـ الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية. على أن تنتهي في يناير المنصرم، وبعد نهاية التمديد الأخير صار أمرها مبهماً وغير واضح، وكما هو معلوم أيضاً أن حالة الطوارئ هي إجراءات استثنائية وفرض سياسات غير طبيعية لوقت معلوم لمجابهة ظروف استثنائية، ولكن ما أود التساؤل عنه هنا وإثارته هو لماذا لم توظف حالة الطوارئ وأوامرها. من بعد التأمين وتمديد الاعتقالات السياسية – في مواجهة جزء مهم من أسباب الأزمة الاقتصادية وهو محاربة الجشع والتهريب والمضاربة بالعملات وكل الموبقات التي تندرج تحت طائلة تخريب الاقتصاد الوطني والتلاعب بمعاش الناس؟، مجرد سؤال إن لم تتوفر شروط التعبئة العامة لمواجهة الأزمات.
ثم هل البلاد في حالة توهان وسط تباين الرؤى وتجاذب أطراف السلطة حول الأولويات وقضايا السلام ومكاسب النفوذ؟ هل وقع الوطن أعمق فأعمق في فخ الأزمات بمعنى أنها من صنع صانع أو خنق خانق؟، هل هناك ما يجري من وراء الحجب ووراء البحار لرسم مسار محدد لبلادنا دون إرادة شعبه؟، هل من تعبئة عامة تنهض بجسارة لخلق التفاهمات الوطنية (الحقيقية) وصنع الأفكار القوية وانتشال البلاد، ومواجهة الأزمات؟، حتى بروز الإجابات الوافية لذلك ولأجلها سنطرق ونطرق دون كلل، وإلى الملتقى.

اترك رد