كمال عوض
] جاء في الأخبار أن الحكومة وافقت على التفاوض لدفع تعويضات لأسر ضحايا تفجير سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية في كينيا وتنزانيا، أسوة بتفاوضها مع ذوي ضحايا الهجوم على المدمرة الأمريكية (كول) باليمن.
] بحسب تقديرات مجموعة من الخبراء، ربما تصل قيمة تعويضات هاتين الحادثتين إلى (10) مليارات دولار، وهو رقم ضخم لا يمكن أن تحتمله خزانة خالية واقتصاد يتهاوى يوماً بعد يوم.
] لكن دعونا نتحدث من منطلق أن هذه الخطوات ضرورية جداً من أجل إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى جانب حلحلة الديون الخارجية.
] سيدفع السودان فاتورة باهظة الثمن ليصل إلى هدف مازال بعيد المنال، وربما تكون الشروط تعجيزية وغير منطقية في الوضع الحالي.
] إذا تتبعنا الخطوات التي انتهجتها الحكومة في هذا الملف الخطير، فإننا نجدها أبدت حسن نوايا بأكثر مما يجب وأضعفت موقفنا التفاوضي بـ (إنبراشة) غير مبررة، والتعهد بتنفيذ شروط يستحيل الإيفاء بها في ظل هذا الواقع المتردي.
] ذهب رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك إلى واشنطون وعقد لقاءات مهمة مع قيادات رفيعة في الإدارة الأمريكية، والتقى مسؤول ملف الإرهاب، لكن ما هي النتائج؟ مزيد من الضغوط لتقديم تنازلات أكثر.
] قفزت الحكومة قفزة مثيرة للجدل باتجاهها للتطبيع مع إسرائيل وفتح المجال الجوي لطائراتها، وبرغم تصريحات نتنياهو المطمئنة بأن السودان يسير في الطريق الصحيح، إلا أنه حتى الآن لم تظهر أية بشريات تنبئ بأن الخطوة كانت مفيدة.
] ثم جاءت الخطوة الثالثة بالتعهد بدفع تعويضات لأسر ضحايا تفجيرات إرهابية لا شأن للسودان بها، وأيضاً لم تسفر الخطوة عن شيء جديد.
] ظل الشعب السوداني يعيش وضعاً اقتصادياً خانقاً، ويعاني من شح كبير في ضروريات حياتية كالخبز والمحروقات مثلاً، ووقف المجتمع الدولي متفرجاً على ذلك، كأنه يشاهد حلقة مملة تنتهي بموت الضحية بعد رحلة تعذيب طويلة.
] غلت البنوك والشركات والمؤسسات المؤثرة في الاقتصاد العالمي يدها عن دعم السودان، وحجبت رؤوس الأموال والمستثمرين عن ثروات تدر عليهم مليارات الدولارات، انتظاراً لإيماءة من سيدة العالم.
] عشنا سنوات خانقة من الحصار من قبل، واستطعنا بمعاونة دول آسيوية كالصين وروسيا وبقية (دول البريكس) تجاوز الأزمة، وسارت الحياة كما يجب رغم الأزمات العارضة.
] الآن كدنا نصاب بالشلل ونحن ننتظر السراب!! لا بوادر تلوح في الأفق القريب بأن ما نفعله سيعود علينا بالخير.
] تابعوا وسائط التواصل الاجتماعي في السودان واقرأوا ما هو الهم الأكبر الذي يجثم على صدور أبنائه.. إنه شبح الجوع والفقر.
] نعم.. هذا ما يهدد بلداً مترامي الأطراف، أنهاره دائمة الجريان وأراضيه من أخصب أراضي الدنيا وثرواته المعدنية والحيوانية تسيل اللعاب.
] تركيزنا على إنهاء العزلة الدولية والتهافت على الدول الغربية، حول أنظارنا عن قيمة حقيقية إن انتبهنا لها فإننا لن نحتاج لكل ذلك.
] إن كانت لدينا كل هذه الأموال، لماذا لا نسخرها لحل المشكلات التي تحيط بنا ونوفر بها الخبز والمحروقات، ونعيد تأهيل كثير من مشروعاتنا التي تصل خيراتها للمواطن بصورة مباشرة وفي وقت وجيز جداً.
] طريق السودان الوحيد للخروج من هذا المأزق الاقتصادي هو تشجيع الإنتاج المحلي وإدارة الماكينات المتوقفة. وتوفير قطع الغيار بتطوير المعاهد الفنية وتحفيز المخترعين والمزارعين والصناع، ليجسروا الهوة السحيقة بين الصادرات والواردات.
] تعزيز الثقة في المواطن وخلق فرص العمل، ضرورة ملحة تغنينا عن الهرولة وراء العبارات المنمقة والوعود الكاذبة.
The post تعويضات ضحايا التفجيرات وشبح الجوع والإرهاب appeared first on الانتباهة أون لاين.