اخبار السودان لحظة بلحظة

سـرطان الأطفـال .. أوجاع باقية ؟!

عرض: ملوك ميوت

استوطنت آلام الأطفال المصابين بالسرطان وارتفعت آهاتهم التي عجزت أمهاتهم وآباؤهم عن تخفيفها وإزالتها عن فلذات أكبادهم، باعتبار أن مرض السرطان عُرف بأنه «الموت البطيء»، ومع ذلك لم يُعرف له دواء ناجع حتى اللحظة، وإنما جرعات كيميائية، إما أن تخفف الألم وإما أن تأججه وتساعد في انتشاره بكل أنحاء الجسد ولكن عندما يكون جسداً لطفل غض، لا يمكن أن يقاومه هنا يجب أن يضع القائمون على الأمر سواء على مستوى وزارة الصحة او المنظمات الطوعية يضعوا تحديات وإعانات لتخفيف أوجاع هؤلاء الصغار. «الإنتباهة» فتحت ملف سرطان الأطفال وتناولته بمنظور مختلف للوقوف على الجهود التي بذلت لتذليل عقبات أولياء الأمور القادمين من الولايات في رحلتهم لعلاج أطفالهم .
نظرة حزن
ومن داخل استراحة أطفال السرطان، نلاحظ أن أمهات الأطفال ينظرن الى فلذات أكبادهن يلتوون من شدة الألم ولا يستطعن فعل شيء سوى الدعاء لله، وترى الدموع تنهمر على خدودهن.
وتقول محاسن والدة الطفل محمد حسين لـ»الإنتباهة» إنها جاءت من شمال كردفان قبل سنتين وأن ابنها أصيب بالمرض في السابع من عمره. وأضافت أنها تقيم في هذه الاستراحة أكثر من عام وأبدت محاسن الرضاء بالخدمات التي تقدمها استراحة (جوانا أمل) للأطفال المرضى ومرافقيهم. وقالت «والله الناس ديل ما قصروا معانا قدموا لينا ما لم تقدمه الحكومة» .
إمام حمدان يوسف والد الطفل المريض يقول إنه جاء من أقصى قرى جنوب سنار، وتحملوا أشد أنواع المعاناة حتى وصلوا الى العاصمة للبحث عن علاج لصغيرهم. وقال استمرت إقامتنا حوالي سنتين وما زال العلاج متواصلاً، ولفت الى مشكلة عدم وجود مراكز للسرطان في الولايات ووصفها بالمشكلة الكبيرة التي تؤرق المواطن الكادح البسيط إضافة الى التكلفة العلاجية العالية والضغوط النفسية. وأوضح أنه ملازم لطفله في فترات العلاج تاركاً خلفه بقية أسرته في منطقة (رورو) يواجهون مصيرهم بعدما باع قطعة الأرض التي كانت مصدر الرزق للأسرة .
تحديات ولكن
لم يكن تنفيذ مشروع إقامة استراحة لأطفال السرطان بالأمر الساهل، ولكنه واجب وحتمي التنفيذ خاصة أن هناك كثير من أسر الأطفال المرضى قادمون من الولايات وليس لهم مكان يلجأون إليه في العاصمة ليقول محمد الأمين أن استراحة (جوانا أمل) للأطفال مرضى السرطان، أنشئت لمساعدة الأطفال القادمين من الولايات مع ذويهم وهي تتبع لمنظمة كلنا قيم وهي من المنظمات المسجلة في مفوضية العون الإنساني وتعمل في عدد من المبادرات، ومن المعروف أن ذوي الأطفال القادمين من الولايات يأتون الى الخرطوم للبحث عن علاج، ولكن عندما يكتشفون بأن طفلهم مصاب بالسرطان يعانون الأمرين، لجهة أن علاج السرطان مرهق مادياً ونفسياً وأن كل القادمين من ولايات السودان المختلفة ليست لديهم استطاعة التكاليف الباهظة، ومعروف أن علاج السرطان متمركز في الخرطوم فقط. استراحة جوانا امل تقدم لطفل السرطان ومرافقه خدمة الإيواء الكاملة منها خدمة الترحيل من والى المستشفى بعد أن يتم تحويله من مستشفى الأمل، كما أن استراحة جوانا امل تقدم لطفل السرطان ست وجبات صحية حتى يتمكن من مقاومة العلاج الكيميائي، إضافة الى الفحوصات والتنويم خارج برج الأمل، بالإضافة الى شراء بعض المضادات الحيوية وللمرافق ثلاث وجبات. وأوضح الأمين أن المبنى مؤجر من قبل فاعل خير سوداني يقيم بدولة قطر حيث قام أيضاً بتوفير عربة للنقل وأن هذا الأمر تناولناه كثيراً لأننا نريد أن نخرج من دائرة الإيجار الى امتلاك استراحة باسم (جوانا امل) للأطفال مرضى السرطان. ونحن نتحدث من خلال معايشتنا كمتطوعين متعمقين في هذه القضية، لذلك نطالب الجميع بالدعم اللوجستي والمادي حتى نتمكن من مساعدة أبنائنا الصغار من هذا الداء العضال ونقدم ما يلزم تقديمه.
نواقص خدمات
الكثير من التحديات والمصادمات التي تواجه كل من يسير في طريق التعمق بقضية السرطان سواء على مستوى المصابين او المتطوعين لتذليل العقبات من منظمات وجهات أخرى التي تواجه جوانا أمل، ليقول مدير المشاريع مجاهد البشير بما أن مبنى الأطفال مرضى السرطان كتجربة ليست الأولى، بل سبقتها تجارب مُماثلة. أمّا هدفها فهو توفير المأوى لمن داهمهم السرطان وجاءوا من الولايات البعيدة، أنشأها فاعل خير سوداني التزم بإيجار المبنى وكان الهدف توفير جو صحي معافى يتمتّع برفاهية عالية للأطفال، والآن العدد متزايد بعد تحويلهم من برج الأمل إلى هذه الاستراحة. فالمبنى مقسّم لجزئين أحدهما خاص بالنساء وأطفالهن المرضى والآخر للرجال وأطفالهم وهنالك غرفة خاصة تُسمى العزل مخصصة للأطفال بعد أخذ الجرعات، حيث يوفر لهم فيها جو عالٍ الرطوبة نسبةً لسخونة العلاج ونحتاج فيها لزيادة المُكيّفات كما أن هنالك صالة مخصصة للألعاب وأخرى للتلفاز. ويضيف البشير بقوله نقدم لهم ثلاث وجبات تُحدِّدها اختصاصية التغذية بالإضافة للمكملات الغذائية والتي تمثل مشكلة كبيرة نسبةً لارتفاع أسعارها يحتاج التوفير والدعم، وهنالك عربة مخصصة لنقلهم من الاستراحة إلى المستشفى وبالعكس ولا يخرج طفل إلاّ بعد قرار الطبيب المعالج باكتمال شفائه.
إن المشاكل التي تواجههم تتمثل في وجود عربة واحدة للترحيل فقد تتحرّك مع شخص ويحتاج آخر لنقله الى المستشفى بالإضافة للمرتبات التي تُصرف لـ (7) وظائف اختصاصي تغذية شركة نظافة مُشرفين طبّاخين وإشراف ليلي، إضافة لمُولِّد كهرباء توسع في الاستراحة لاستيعاب أكبر عدد ممكن وتجهيز غرفة الألعاب بمواصفات خاصة وناشد الدولة والمُنظّمات وكل الخيِّرين بأن يُساهموا في هذا العمل من أجل أطفال السرطان.
تكمله علاجية
وباعتبار أن مرض السرطان خطير جداً ويحتاج الى نظام علاجي متكامل يبدأ بالغذاء لتقول مديرة التغذية باستراحة أطفال لواحظ عبد المجيد لـ»الإنتباهة» يجب أن يعتمد النظام الغذائي نوع العلاج والمكملات الغذائية الأخرى ونحن بدورنا لدينا جدول دوري أسبوعي متبع حسب العناصر الغذائية ومن التدخلات الأولوية الدائمة التي نقدمها لأطفال مرضى السرطان بالاستراحة إلا أن بعض مرافقي الأطفال يركزوا على العصائر لكننا بدورنا نقوم بتعليم المرافق بكيفية تغذية مريض السرطان حتى يكون المرافق رسولاً وله دور فاعل في ولايته لتقديم النصح والإرشاد، والمهم أن يأخذ الطفل وجبة متكاملة تحتوي على جميع العناصر الغذائية التي تمكنه من مقاومة العلاج الكيميائي
جانب نفسي
لم يتخلف الجانب النفسي لأطفال السرطان من الوقوف في قضيتهم، بل كان من المهم أن يكون بينهم طبيب نفسي وتقول اختصاصية علم النفس صفاء عصام لـ»الإنتباهة» نستعرض هذا الملف الذي له أهمية بالغة لأطفال مرضى السرطان في استراحة جوانا امل وهو أول تجربة تطبق من خلال استراحة جوانا امل وأن الهدف منه تقديم الدعم المعنوي لطفل السرطان ونحاول بكل الجهود زراعة امل جديد في نفسه وتشجيعه على مقاومة العلاج الكيميائي وقطع الطرق أمام فقد الأمل ومحاولتنا لتصحيح نظرة المجتمع لمريض السرطان وبصورة شخصية وعلمية نحن ضد هذه النظرة لأن طفل السرطان طفل حقيقي مفعل بصورة مختلفة وله قدراته لتحقيق آماله وأحلامه التي يمكن أن تفيد المجتمع ككل في يوم من الأيام ومن حقنا أن نرعاه حتى يجتاز الى شواطئ الصحة والعافية فكونه مصاب بهذا الداء فهي فاجعة لكن سيظل في وسطنا وسنساعده حتى يصل مرحلة الشفاء التام وبصورة علمية. وقالت توصلنا الى دراسة تؤكد أن نسبة التعافي لأطفال مرضى السرطان أكبر من نسبة تعافي الكبار وهذا ما يؤكد أن في جوانا امل كبير جداً في أطفالنا ولدينا أكثر من نموذج قدم في استراحة جوانا امل لأطفال تعافوا من السرطان وعادوا لممارسة نشاطهم بصورة طبيعية. ولفتت الى أن إدارة الملف النفسي بدأت بثلاث نقاط بينها البيئة التي يأتي منها الطفل مريض السرطان وهي التي تشكل لنا المحتوى الأساسي لبنائه الاجتماعي وهذا ما يشجعنا أن نقوم بتقديم كل ما في وسعنا حتى يتجاوب المريض بالعلاج وكذلك هناك حالات ليست لديها القدرة الاقتصادية لمجابهة تكاليف العلاج الباهظة بالإضافة الى مراقبة التفاعل الحركي والقياس السلوكي ونقدمها عبر أسئلة مبسطة لأطفال السرطان..
تقصير حكومي
وتواصل اختصاصية علم النفس حديثها لـ»الإنتباهة» أن الاستراحة تستقبل من عمر(8 شهور حتى 14سنة) وأن كل المرافقين لأطفال المرض الذين يأتون الى استراحة جوانا امل يعانون من الجهل والفقر وعدم توفر الخدمات الضرورية وهي نسب عالية داخل كل الأسر. وأشارت الى أن كل اثنين او ثلاث حالات قادمة من منطقة واحدة مما جعلنا نلتفت الى فتح مركز للبحوث ودراسة الحالات لمعرفة الأسباب الحقيقة لمجابهتها في المستقبل.. فاستراحة أطفال مرضى السرطان تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة لأننا نستقبل عدداً كبيراً من الفئات بمختلف القبائل والسلوك والعادات، ونقوم بتوجيههم على نمط وسلوك معين وتفاعل محدد ونسبة أمل تجعله ينظر الى ضوء في الأفق والعملية لست سهلة لكننا نحاول تقديم ما يمكن تقديمه حتى يتخطوا نسبة الإصابة بمرض السرطان والخروج بأقل خسائر..وهذا ما يحدث لدى أطفال جوانا امل ونحن نعلم بأن طفل السرطان في السودان ليس لديه حقوق سوى وجوده في المستشفى وجرعة الكيمائي مجاناً وليس لديه كيان او مكان خاص به وهذا تقصير كبير من الحكومة لكن لابد أن نكون عمليين في تجربة العمل الطوعي .

The post سـرطان الأطفـال .. أوجاع باقية ؟! appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد