بقلم: أحمد يوسف التاي
(الشائعات والمظاهرات لا تتركنا نعمل، وهما مُعوِّق لعمل الحكومة)…العبارة بين القوسين هي آخر تصريحات صحفية أطلقها رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وهو يشير إلى بعض المعيقات التي تعترض طريق الحكومة الانتقالية، وأجد نفسي متفقاً تماماً مع السيد البرهان في هذه الجزئية التي يمكنني أن أضيف إليها أيضاً التصريحات (المشاترة) لبعض المسؤولين والتي تغذي هذه الشائعات… وما لم يسترسل البرهان في ذكره واكتفى فيه بالإشارة فقط يمكننا أن نُسهب في ذكره تصريحاً وتلميحاً…
صحيح تماماً أن الشائعات وكثرة المواكب والمظاهرات تمثل عائقاً واضحاً أمام عمل الحكومة الانتقالية وتزيد إبطاءها وتَثاقُل خطاها السلحفائية، فأما الشائعات فمصدرها مألوف وهدفها معروف، وقد أصبحت الآن الوسيلة الأكثر انتشاراً وفاعلية لدى أنصار ورموز وكوادر النظام المخلوع، وقد تفعل الشائعات ما لم يفعله جيش بكامل عدته وعتاده إذا لم يتحصن المجتمع بالوعي ويعمل على كشف هذه الأهداف الخبيثة، وأما المظاهرات فأصبحت ماركة مسجلة لقوى الحرية والتغيير للضغط بها على الحكومة لتحقيق مطالب الثورة وأهدافها، وهو وضع غريب, ووجه الغرابة أن المواكب فاتت حدها فانقلبت إلى ضدها، وأصبحت دون دراية ووعي تخدم أجندة خصوم الثورة بما تحدثه من (ربكة) للحكومة الانتقالية التي مازالت تتلمس الخطى لإصلاح ما أفسدته سنوات البشير العجفاء.
قد يكون طبيعياً أن يتخذ خصوم الثورة الذين جفت منابع ملذاتهم وهُدمت أمجادهم وتلاشى جاههم ونفوذهم السلطوي، من الطبيعي أن يتخذوا الشائعات وسيلةً لإرباك الحكومة والتشويش عليها، ولكن ما يبدو غريباً ومدهشاً أن تساعد الحاضنة السياسية لحكومة الثورة خصوم الثورة في تحقيق أهدافهم دون وعي، وقد علموا مقدار الغيظ الذي تمور به صدورهم ضد الثورة، ولن يكفّوا يوماً عن السعي لإجهاضها.
الشائعات الآن لا تخفى على أحد، فهي تأخذ لَبِنةً صغيرةً من الحقيقة ثم تبني عليها أسواراً شاهقة من الشائعات كفيلة بحجب الحقائق.. أسلوب الشائعات هذا معلوم تأريخياً عن جماعة الإخوان المسلمين عبر تأريخهم الطويل ومسمياتهم المختلفة وأحوالهم المتقلبة، لذلك لم يكن مُستغرباً أن ينشطوا في بث الشائعات التي ما تخلوا عنها وهم في قمة السلطة، فهي وسيلتهم التقليدية لتحقيق أهدافهم في الحكم والمعارضة على حد سواء، لكن ما يثير علامات التعجب هو (حلاوَة مواكِب) التي درج عليها شباب المقاومة وتجمع المهنيين، وهي فعلٌ لا يصبُّ إلا في معين خصوم الثورة بما يحدثه من خلل في المرور وخدمات التعليم والصحة وإغلاق الأسواق ورفع حالة الضجر لدى المواطنين وتعطيل دولاب الدولة، ووضع الحكومة في حالة استعداد كامل كما لو أنها في ساحة حرب، وما يتبع ذلك من صرف وإرهاق لخزانة مهترئة أصلاً، وربكة في المشهد السياسي، مع احتمال فقد للأرواح والإصابات في أوساط المتظاهرين إن تسلل بينهم مندسون من (وكر الثعالب)، ألم أقل إنهم يفعلون كل ذلك بدون وعي، وكان بإمكان قوى الحرية والتغيير أو أيٍّ من فصائلها أن تجتمع مع رئيس الوزراء والمجلس السيادي، وتعمل على تحقيق مطالبها، ولتدع المظاهرات للمعارضة.. الـلهم هذا قسمي في ما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.
The post (الشائعات وحلاوَة مواكِب) appeared first on الانتباهة أون لاين.