حوار: عبد الرؤوف طه
• يعد المصرفي محمد عصمت يحيى من ابرز الاصوات المثيرة للجدل في الساحة السياسية في الاشهر الماضية، وذلك بسبب تصريحاته الصحفية، فضلاً عن وجوده الدائم في التظاهرات الجماهيرية التي ظلت تخرج في الاسابيع الماضية.. (الإنتباهة) جلست اليه لمناقشة عدد من القضايا السياسية والاقتصادية فخرجت بالتالي:
• مضى عام الا نيفاً على سقوط الانقاذ وصعود حكومة الحرية والتغيير.. ماذا تحقق من احلام خلال هذه المدة؟
ــ الاحلام بلا سقوف، والانسان يحلم كما يريد وكما يشتهي، ولدينا حكومة مجتهده ونحن نجتهد معها، وسنصل في نهاية المطاف للمبتغى.
• انتم كحاضنة سياسية للحكومة لا تقومون بالدور المطلوب في الاسناد والتفكير؟
ــ انا اعترف بذلك، والحاضنة السياسية الممثلة في الحرية والتغيير اصبحت عبئاً على الحكومة الانتقالية برئاسة دكتور حمدوك .
• ما السبب في ذلك؟
ــ السبب غياب الروح التي سادت في ساحة الاعتصام ايام الثورة .
• لماذا لم تقوموا باصلاح الاوضاع داخل الحرية والتغيير؟
ــ كحزب اتحادي موحد طالبنا باعادة هيكلة الحرية والتغيير، ليس على مستوى الهيكلة الادارية والتنظيمية فقط، وانما على مستوى البرامج والخطط الموضوعة التي نأمل ان تشكل مسارات مضمونة النتائج للحكومة الانتقالية .
• نفهم من حديثك ان الحرية والتغيير لا تملك برنامجاً للحكم؟
ــ هنالك غياب تام داخل الحرية والتغيير للبرنامج الواضح الواقعي القابل للتنفيذ، ولذلك تجتهد الحكومة الانتقالية بمعزل عن حاضنة سياسية كان يجب ان تكون هي المسند للحكومة.
• هل الحرية والتغيير تعاني من صراع احزاب بداخلها؟
ــ نعم بدون شك .
• صراع سلبي؟
ــ صراع غير محمود، واحياناً الصراع مطلوب ومرغوب من اجل انتاج الافكار والرؤى وهذه تتولد بالصراع، ولكن صراع الحرية والتغيير الحالي غير محمود، الحرية والتغيير تسودها الروح الحزبية الضيقة وليست الروح الوطنية .
• ما هي الروشتة لمعالجة الخلافات داخل التحالف؟
ــ الروشتة تتمثل في استدعاء الروح الوطنية التي كانت سائدة في فترة الاعتصام والثورة، وهذه الروح هي المخرج للتحالف، فضلاً عن التفات الحرية والتغيير للهم الوطني دون النظر للأجندات الحزبية الضيقه، وتجاوز هذه النقاط سيباعد بين الشارع والحرية والتغيير، وبدأت ملامح الخصام بين الشارع والتحالف تظهر في الايام الماضية.
• هنالك من يقول إن الحرية والتغيير دفعت بكوادر ضعيفة للجهاز التنفيذي؟
ــ هذه حقيقية مطلقة .
• هل توجد ازمة كوادر مؤهلة داخل التحالف؟
ــ ربما وجود كوادر هشة بالتحالف خلق ازمة كادر، وربما منع الوثيقة الدستورية للمشاركين في الحكومة الانتقالية من الترشح في الانتخابات جعل كثيراً من الاحزاب السياسية تحتفظ بكوادرها المقتدرة للانتخابات، وهنالك احزاب كثيرة جداً داخل التحالف حجب عنها امر المشاركة رغم امتلاكها كوادر بسبب المحاصصة .
• هل كنت رئيساً للجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير؟
ــ مطلقاً، بل لم اكن حتى عضواً في اللجنة الاقتصادية .
• كنت تتحدث في الاعلام بصفتك رئيساً للجنة الاقتصادية بقحت؟
ــ هي صفة غير حقيقية .
• كيف؟
ــ منحني الإعلام هذه الصفة كما منحني درجة الدكتوراة رغم انني لست دكتوراً .
• ماذا تشغل داخل الحرية والتغيير؟
ــ لم اكن اتمتع باية عضوية للجنة او مستوى تنظيمي داخل الحرية والتغيير، ولم اكن عضواً في المجلس المركزي ولا اللجنة التنسيقية ولا اية لجنة من لجانها.
• هل تم ابعادك من هياكل الحرية والتغيير؟
ــ ابتعدت بمحض ارادتي .
• لماذا؟
ــ لم ارشح للعمل باية لجنة ولم ارشح نفسي .
• ذكرت في تصريحات صحفية انك دفعت فاتورة ثورية تمثلت في السجون وتمويل الاعتصام، ومع ذلك لم تجد منصباً بالتحالف.. هل تخوفت من المناصب؟
ــ لست متخوفاً ولم اكن راغباً في خوض المعارك من اجل الوصول لمستوى رئاسة لجنة بالمجلس المركزي .
• انت الآن لست قيادياً بالحرية والتغيير؟
ــ انا داعم لحكومة حمدوك وداعم للحرية والتغيير، ولكن لا قداسة عندي للحرية والتغيير او اي شخص او حزب، انا كل تركيزي على الشارع العام ومازالت موجوداً به، واحظى برضاء من الشارع العام ما كنت ساحصل عليه اذا كنت قيادياً بالحرية والتغيير.
• ان توجد بالشارع من اجل الوصول لموقع مدير البنك المركزي؟
ــ ليس ذلك صحيحاً .
• في موكب امام القصر الجمهوري صعدت الى المنصة وطالبت بهيكلة البنك المركزي، وهذه تعتبر اشارة ضمنية لرغبتك في المنصب؟
ــ انا رئيس لحزب سياسي وهو حزب اتحادي يرى انه حزب الحركة الوطنية، ورئيس الحزب لا يمكن ان تكون تطلعاته واحلامه ان يكون محافظاً للبنك المركزي او وزيراً، رئيس الحزب الاتحادي اما يكون رئيساً للسودان او رئيساً للوزراء، لذلك لا يمكن ان يكون طموحي مقصوراً على درجة وظيفية .
• انت تملك درجة نقابية وهي انتخابك رئيساً للهيئة النقابية؟
ــ ابداً لست رئيساً للهيئة النقابية بالبنك المركزي، رغم انني احظى بقبول مرضٍ.
• ولكن كل احاديثك للاعلام والجماهير منصبة حول بنك السودان المركزي؟
ــ لانني اعمل به منذ سنوات طويلة واعلم حجم الضرر الموجود به .
• هل البنك الآن خاضع للاسلاميين؟
ــ ادارته العليا ادارة كيزانية !
• كيف تنظر لتأجيل مؤتمر المانحين؟
ــ تأجيله مسألة مقلقة، ونحن كنا في انتظاره لعله يساهم في الاستفادة من مخرجاته، وكنا ننتظر ونعول على دعم دولي من هذا المؤتمر ولكن في النهاية هذه ارادة المانحين .
• الحكومة لم تتحوط لاية بدائل حال تأجيل مؤتمر المانحين؟
ــ الحكومة تملك عدة بدائل ولكنها بدائل مشروطة .
• بدائل مثل ماذا وما هي الشروط؟
ــ وزير المالية يرى ان رفع الدعم احد المخارج للازمة الاقتصادية، ولكن الشارع يرفض، واذا كان هنالك تواصل مع الشارع من قبل الحكومة لرفع الدعم! وهنالك رغبة حقيقية من الشارع السياسي لايجاد مخارج للازمة الاقتصادية.
• الا يوجد مخرج بخلاف رفع الدعم؟
ــ هنالك مخارج ولكن هنالك عقبات تحول دون تحقيق البدائل، مثلاً الذهب مورد مهم ولكن توضع العقبات للحيلولة دون الاستفادة القصوى من الذهب كسلعة لمعالجة الازمة الاقتصادية، وهو يخضع لسلطات جهات نافذة داخل الدولة ومؤسسات عسكرية ومؤسسات لديها ارتباطات بالنظام السابق .
• الحكومة وضعت كل خياراتها لحل الازمة الاقتصادية على الخارج؟
ــ مؤتمر المانحين ينبغي الا يعول عليه في الدعم الاقتصادي فقط، وهو مدخل لاعادة السودان للمجتمع الدولي، والدعم الدولي ليس قاصراً على القروض والمنح والاعانات، ونحن في اقتصادنا نحتاج للدعم الفني في المسائل المتعلقة باعادة هيكلة الاقتصاد ومؤسستنا الاقتصادية .
• هنالك من يقول ان الحكومة تعاني من هشاشة لذا تراجع المجتمع الدولي عن دعمه؟
ــ ربما، ولكن حكومتنا رغم كل العقابيل والعراقيل تسير على الطريق الصحيح، نعم هنالك بعض البطء في اداء بعض الوزارات والمؤسسات، ونحن نرى ان الطريق واضح وملامحه واضحة، واعتقد ان رئيس الوزراء يقوم باداء ممتاز رغم الضغوط المفروضة عليه وعلى حكومته، ووصم الحكومة بالهشاشة تقييم غير سليم، والحكومة تجد الترحيب من المجتمع الاقليمي والدولي، وهذا مؤشر لانجاح الحكومة .
• الحكومة في ملف معاش الناس لم تحدث اي اختراق؟
ــ الحكومة تتحرك في ملف معاش الناس.
• هل تتوقع تعديلاً وزارياً في الحكومة الانتقالية لانعاشها وضخ دماء في شرايينها؟
ــ مطلوب جداً اجراء تعديل في الحكومة، وهنالك وزارات ادائها غير جيد، وكذلك مؤسسات الخدمة الوطنية تحت اعادة النظر فيها.
• اين اصدقاء السودان من الدول العربية والخليجية ولماذا توقف دعمهم الاقتصادي؟
ــ الدول الداعمة للحكومة هي الامارات والسعودية ومازالتا تقدمان الدعم .
• ولكنه دعم مشروط؟
ــ بوضوح اصلاً ليس في الدنيا هنالك دعم لله، والعلاقة بين الدول تربطها المصالح.
• ما هي المصالح التي تربطنا بهذه الدول؟
ــ بيننا مشتركات ومصالح اهمها مقاومة تيار الاسلام السياسي، وبالتالي مسألة الدعم المشروط لا يجوز الحديث عنها ولا يوجد دعم غير مشروط مطلقاً.
• كخبير اقتصادي كيف تنظر لمسألة الوقود التجاري الذي افترعته الحكومة لحل الازمة؟
ــ تقديم الدعم عملياً اصبح مشوهاً ويذهب لغير مستحقيه، ومهم ترشيد الدعم اولاً وارساله لمستحقيه، والا يرفع الدعم الا بعد معالجات اهمها عدم تضرر الفقراء من رفعه، ومن ثم نصل لمرحلة تتساوى فيها اموال دخل الفرد مع الوضع الاقتصادي.
• لم تجب عن سؤال كيف تنظر لخطوة الوقود التجاري؟
ــ المدهش ان التزاحم على الوقود التجاري اكثر من التزاحم على الوقود المدعوم، الوقود التجاري يعتبر مقدمة لرفع الدعم، والوقود التجاري بهذه الطريقة لن يشكل حلاً معقولاً للازمة.
• من يضع المتاريس امام حكومة حمدوك؟
ــ المكون العسكري بالمجلس السيادي.
• نفهم ان شماعة الدولة العميقة انتهت؟
ــ الدولة العميقة من يحميها هو المكون العسكري داخل مجلس السيادة .
• الفريق اول محمد حميدتي قال انتم غير شريك حقيقي؟
ــ هل كانوا هم شريكاً، واقصد البرهان وحميدتي ودمبلاب للمدنيين.
• لماذا تتشاكس شراكة الحكومة الانتقالية؟
ــ السبب الارتباطات القديمة بين العسكريين وجماعة الاسلام السياسي .
• الى متى يستمر هذا التشاكس؟
ــ نأمل أن يسود الرشد الوطني، ويجب ان يعلم المكون العسكري ان النظام الذي ارتبطت مصالحه بمصالحهم ذهب ولن يعود باي حال من الاحوال، وعليهم ان يفكروا في الحاضر والمستقبل، وان يعودوا لحضن الشعب السوداني، ويعلموا ان مؤسساتهم العسكرية بكل ما فيها من امكانات هي من دخل الضرائب المأخوذة من محمد احمد السوداني .
• هنالك قانون لتفكيك التمكين ومع ذلك تتحدث عن استمرار التمكين عبر المكون العسكري؟
ــ بعض لجان ازالة التمكين هي نفسها تحتاج لازالة .
• ماذا تقصد؟
ــ لجان ازالة التمكين تسرب اليها بعض الذين ليست لهم علاقة بالتفكيك، ولم يكن لديهم رأي سواء كان في النظام السابق او الحالي، وتداخلت المصالح الحزبية مع الشخصية.
• كيف تنظر لاقالة عدد من مديري البنوك بامر لجان التمكين؟
ــ أنا قلق جداً من الطريقة التي يتم بها التفكيك في النظام المصرفي، والسبب ضعف الخبرة وعدم التجربة السياسية وعدم المام اللجان بالعمل السياسي داخل الجهاز المصرفي، والاعتماد على الانتماء السياسي ليس مؤهلاً للقيام بعملية التفكيك، فنحن نفكك نظاماً سياسياً موجوداً باذرعه داخل الجهاز المصرفي، وهذا امر لا يمكن ان يقوم به الا شخص لديه بعد سياسي داخل الجهاز المصرفي، وتم اعفاء مديري بنوك كان المفترض اعفاء نوابهم وليس هم.
• هل الاعفاءات كانت بطريقة خاطئة؟
ــ ربما كانت تصفية حسابات.
• صلاح مناع هو المسؤول عن تفكيك المصارف لماذا لم تتحدث معه؟
ــ لا اعلم من هو المسؤول عن تفكيك المصارف .
• لماذا لم تكن جزءاً من تفكيك المصارف؟
ــ تجاوزني الاختيار ولا ادري لماذا .
• كنت راغباً في العمل بلجان ازالة التمكين؟
ــ نعم هذه لجنة وليست وزارة .
• هل تملك معلومات عن المصارف التي بحاجة لتفكيك؟
ــ طبعاً انا موجود في الوسط المصرفي لفترة (35) عاماً.
• لماذا لم تقدم معلوماتك للجان ازالة التمكين؟
ــ لم يطلبوا مني، بل لا اعرف عضوية اللجان ولا عنوان مكاتبهم ولا الشخصيات التي تقود تفكيك المصارف .
• لمن يتبع البنك المركزي؟
ــ للمجلس السيادي، ولكن اصل الاشياء كان يجب ان يكون مستقلاً مثل النيابة العامة والمراجع، وطالبنا بذلك بكتابة الوثيقة الدستورية، ولكن للاسف قوبل هذا الطلب بالرفض من المجلس العسكري آنذاك، المكون العسكري هو من قام بتعيين الادارة العليا للبنك وقبل ايام من توقيع الوثيقة الدستورية، فنحن طالبنا باستقلاليته وعدم تبعيته لمجلس الوزراء لأن دكتور حمدوك يفهم مدى استقلالية البنك المركزي.
• تبدو معولاً على حمدوك؟
ــ لانه رجل صاحب مقدرات مهنية وعملية وعلمية ولديه علاقات دولية متميزة .
• تعرض للنقد بسبب لجوئه للامم المتحدة والمطالبة بوضع السودان تحت البند السادس؟
ــ هذه خطوة محترمة، وكشفت ان حمدوك رجل سياسي من الطراز الاول.
• ماذا يستفيد السودان من البند السادس؟
ــ نضمن به عدم تفكير المؤسسة العسكرية (ام رأسين) في الانقلاب على ثورة ديسمبر المجيدة، واذا تجرأت على الانقلاب على السلطة الشرعية المصير سيكون واضحاً ومعروفاً، وبهذه الخطوة اثبت حمدوك انه رجل دولة من الطراز الاول وسياسي رفيع المستوى.
• لديكم خلاف مع التجمع الاتحادي؟
ــ نحن من اسسه.
• من انتم؟
ــ الاحزاب الاتحادية (الوطني الاتحادي، الوطني الاتحادي الموحد والاتحادي الموحد)، فنحن اسسنا التجمع الاتحادي.
• لكن التجمع الاتحادي صار لافتة منعزلة عنكم؟
ــ نقدر ظروفهم، ولكن سنكون لافتة موحدة قريباً والحوار بيننا وبينهم مفتوح .
• أما زلت مصراً على ان رموز النظام السابق تملك (64) مليار دولار بالخارج؟
ــ بل المبلغ اكثر من (64) مليار دولار وهذا هو الموجود في ماليزيا، وهنالك اموال اخرى في بريطانيا وتركيا وقطر، وهذه معلومات من مصادر موثوقة، وعلى الدولة ان تلهث وراء هذا الموضوع، والمسألة الآن تحت تصرف الدولة من اجل اعادة الاموال المنهوبة، واعادتها بيد الدولة، وانا ملكت الدولة رسمياً معلومات بهذه الاموال .
• هل انت واثق من حديثك؟
ــ نعم، وعلى الدولة أن تتحرك ان كانت ترى صدقاً يسيراً في حديثي، وربما يكون هنالك خلاف مقدار في المبلغ .
• لماذا لم تتحرك الدولة حتى الآن لاستعادة هذه الاموال؟
ــ لا اعلم ان كانت تحركت ام لا، وربما تحركت سراً، ولا بد من اصدار قانون خاص بالاموال المنهوبة وبموجبه يمكن استعادة الاموال، ونحتاج لخبراء دوليين في هذا المجال والاستفادة من تجارب مصر وتونس، وهم قد قاموا باسترداد اموال رموز النظام السابق من تلك البلدان.
• قلت ان هنالك اموالاً في تركيا وقطر وبريطانيا؟
ــ يجري الآن البحث عن استردادها حسب معلوماتي .
The post محمد عصمت لـ (الانتباهة): الحـرية والتغيير أصبحت عبئاً على الحكومة الانتقالية appeared first on الانتباهة أون لاين.