تقرير: سناء الباقر
فيما انطلق التفاوض حول مساري الشرق ودارفور أول أمس الجمعة بجوبا، استبقت قوى الحرية والتغيير الجلسات العملية والتي استؤنفت السبت بتصريحات جددت فيها رفضها القاطع للتفاوض مع كيانات الشمال والوسط والشرق، وطالبت بإلغاء المسارات على أن يلتقي الجميع في مؤتمر دستوري جامع. وكان مبررها لهذا الرفض هو ليس من منطق التفاوض مع ممثل منطقة ليست بها حروب، موضحة أن القضية تتمثل في السلام وعودة النازحين الطوعية لقراهم، بجانب إرجاع الحواكير التاريخية. ومنذ البدء في الترتيب للتفاوض تم استبعاد قوى الحرية والتغيير من جولات التفاوض، حيث عاد عدد من ممثليهم على رأسهم إبراهيم الشيخ من جوبا، وأدلى بتصريحات غاضبة وقبيل بدء التفاوض بأيام قليلة لم يفوت الفرصة هو ولا الحزب الشيوعي لعقد مؤتمرات جاء فيها (إن هذه المفاوضات لن تفضي إلى سلام شامل).
لم تسر المفاوضات بالقدر الذي خطط لها في الوثيقة الدستورية على الأقل من حيث الفترة الزمنية التي حُددت بستة أشهر، لكن رغم ذلك تم التوقيع على اتفاق سلام نهائي في مسار الوسط في الرابع والعشرين من ديسمبر، حيث وقّع عن الحكومة نائب رئيس المجلس السيادي الفريق حميدتي، ووقع عن مسار الوسط التوم هجو، بينما وقّع عن الوساطة مستشار دولة الجنوب، توت قلواك، بحضور رئيس الجبهة الثورية وبعض الوفود المشاركة. أيضاً تم التوقيع على مسار الشمال بعده بشهر تقريباً، حيث وقّع عن الحكومة شمس الدين كباشي، ودهب إبراهيم دهب عن حركة «كوش» وعن الوساطة، توت قلواك .
تصريحات قوى التغيير رغماً عن التقدم في بعض المسارات ربما أدت لانتكاسها، فلا يستقيم أن ترفض المسارات بعد التوقيعات التي تمت، فكان عليها والحكومة، الاتفاق على هذه التفاصيل قبل التوقيع النهائي على بعض المسارات المذكورة . وكان وفد من قوى الحرية والتغيير بقيادة عمر الدقير قد وصل جوبا اول امس، ووصف كباشي الوفد التفاوضي الذي وصل بانه اكثر عزيمة واصراراً لتحقيق السلام بعد توافق الاجهزة في الحكومة الانتقالية وقوى اعلان الحرية والتغيير، وقال ان وفداً من الحرية والتغيير قد وصل جوبا لدعم عملية التفاوض والالتقاء بقادة الحركات المسلحة، وحاولت (الانتباهة) استقصاء التفاصيل وبعض الحقائق من داخل اروقة التفاوض، الا ان الاستاذ اسامة سعيد الناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية قال لـ(الانتباهة) سيتم لقاء مع وفد قوى الحرية والتغيير مساء اليوم ( الامس) والسماع منهم حول ما يدور . فالى اي مدى يمكن التفاهم بين قوى التغيير والجبهة الثورية حول هذه المسارات، ولماذا الاختلاف بين الحكومة وقوى التغيير التي تعتبر الحاضنة الاساسية لها حول عملية السلام ومساراتها ؟ ألم يكن من الاجدى الاتفاق اولاً على كيفية وآليات الوصول الى سلام ثم يبدأ التفاوض ؟ ولماذا التنافر بين الجبهة الثورية وقوى التغيير اصلاً اذصا كانت الثورية هي جزء من قوى التغيير ؟.
المحلل السياسي امير النعمان يرى الا توافق كافياً منذ البداية حول قضية استراتيجية تتعلق بالسلام، الذي يعتبر من اقدم الشعارات المرفوعة ويشكل محوراً لكل القضايا الاقتصادية كمرتكز اول، وكذلك للصلح والسلم الاجتماعي والامن والعلاقات الخارجية . واكد ان ما يدور الان نتيجة حتمية لعدم التوافق، ورأى ان التشاور كان يمكن ان يكون في المراحل الاولية. وقال ان قوى التغيير تعتبر الحكومة تجاوزتها، وان موقف ابراهيم الشيخ وتصريحاته بعد عودته من جوبا هو الموقف الاكثر بروزاً في هذا الاتجاه، ووصف علاقات قوى التغيير بجزء كبير من الجبهة الثورية بغير الجيدة . وأرجع سوء العلاقة بينهما للاجراءات في توزيع المناصب بتجاوز الجبهة الثورية، واعتبر ان قضية المسارات كشكل جديد من اشكال التحاور للسلام هي موضوع خلاف وموضع نظر ليس فقط في المجموعات المتفاوضة، ولكن حتى داخل اهل المسار الواحد، واعتبر ان السلام بهذه الطريقة وإن تم سيكون سلاماً جزئياً وناقصاً باي حال من الاحوال، وتوقع النعمان انعقاد مؤتمر كبير للسلام باشراف دولي واقليمي وباشراف الفاعلين الرئيسيين في الوطن دون استثناء للتعامل مع السلام . واعتبر الخلاف حول المسارات تجاوزه الزمن وان الترتيب منذ البدء لم يكن سليماً وكل مسار الان تجزأ ضارباً المثل بمسار الشرق . واقترح اجتماع كل المختصين الاستراتيجيين سواء في الجوانب الاقتصادية اوالعسكرية او الامنية والاجتماعية والثورية.. الخ، للاتفاق على توجه وحيد لقضية السلام مضيفاً ان اكبر إشكال يواجه السلام هو المدى الزمني الذي حُدد من خلال الوثيقة الدستورية وقارب على الانتهاء. وأضاف والإشكال الاكبر الان أيضاً حتى الوثيقة الدستورية المدى الزمني كاد ان يصل ستة اشهر ولم يحدث شيء، مما يضيف شكوكاً كبيرة في الدستورية والتي تم تجاوزها في كثير من القضايا خلاف قضية السلام نفسها.
The post إلغاء مسارات الشرق والشمال والوسط.. صراع «المواقع» appeared first on الانتباهة أون لاين.