اخبار السودان لحظة بلحظة

الانتظار القاتل

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتأزمة والضائقة المعيشية المفترسة التي تأخذ بتلابيب الناس أجمعين، وفي حال المخابز المتوقفة وصفوف الوقود المتراصة، و»ألسنة» الأسعار اللاهبة سيكون من السفه أن تضيع حكومة حمدوك أي وقت في الجدل حول لقاء «عنتبي» وما أحدثه من شرخ وانقسامات وتصدعات تطَلَّب أمرها ترميماً على وجه السرعة حتى لا تنصرف الحكومة الانتقالية عن مهامها الأساسية وتحدياتها المتمثلة في الملف الاقتصادي الذي سبقت الإشارة إليه، ومن الجيد أن البرهان وحمدوك تجاوزا حكاية كلمتني وما كلمتك و( قو أهد، وقو داون) وكان لا بد أن يتجاوزا ويتخطيا كل رواسب «عنتبي» لأن ما ينتظرهما أهم وأخطر من قضية التطبيع مع إسرائيل التي لم تكن هي القضية ذات الأولوية القصوى قبل السلام ومعاش الناس، ولن تكون هي الطريق لحل هذه القضايا وإن سوّق البعض لذلك.
اليوم حكومة حمدوك في محك صعب للغاية وإن كانت لا تعلم أنها الآن على حافة الخطر والانزلاق فلْتَنَمَ ولتصح على أمر قد قُدر فلن يفيدها علمُها بعد الآن، وفي رأيي أن الأمر تجاوز الغلاء والضائقة المعيشية وسيول الأسعار الصاعدة بقوة إلى قمم بلا سقوف، الأمر تعدى كل ذلك إلى فوضى شاملة اخفت معالم الدولة تماماً فلا تكاد ترى مظهراً للدولة والقانون لا في الأسواق ولا المواصلات ولا المخابز ولا الصيدليات ولا حتى عند «بوكسي الخُضار» أو «كارو اللبن» فالكل يفعل ما يريد بالمواطن المغلوب على أمره، حتى لجان المقاومة بالأحياء أصابها الإحباط ولم تعد قادرة على فعل شيء.
الشعب السوداني لن يتحمل أكثر مما تحمّل وهو يرى التلكؤ والسلحفائية القاتلة التي أطاحت البشير وقد منحكم الثقة وعلق كل آماله على حكومته الثورية وأعطاكم الوقت الكافي لبسط هيبة الدولة على السوق وعلى معاش الناس حتى لا يبدو نهباً وغنيمةً لجهابذة الجشع ، فها هي «الستةُ» الأولى انقضت وملف السلام لم يتقدم خطوة إلى الأمام ، و(قُفة المُلاح) تقفز إلى أعلى بلا كابح، وحليب الأطفال يزهو في حلبة الغلاء بلا رادع ولا رحمة لصراخ الجياع من «زغب الحواصل».
لو غضضنا الطرف عن أي إنجاز صغير للحكومة ولو بحجم «حملة نظافة» بولاية الخرطوم بسبب عمرها القصير، فلن نغض الطرف عن الأفكار والخطط التي طٌرحت حتى الآن لمعالجة الأزمة لنعرف حجم الكفاءة التي وليناها أمرنا، وحينها سنجد أفكاراً متواضعة جداً بل بائسة في بعض الأحيان كالأفكار التي يطرحها وزير المالية لمعالجة المشكلة الاقتصادية ، نريد أفكاراً عملية وذات فائدة وجدوى ونتائج ، وإن تطلب الأمر جراحة بدون «بنج» فافعلوا فهو خير من انتظار الموت على السرير، وأشرف من البحث عن العلاج في «عنتبي» و»واشنطون»، وإن تطلب الأمر رفع الدعم بشكل عاجل فارفعوه عن الوقود والخبز وكل شيء اليوم قبل الغد بدلاً عن «اللجلجة» وانتظار المجهول فقد ملّ المواطن هذا الانتظار القاتل… اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

The post الانتظار القاتل appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد