بقلم: صبري محمد علي (العيكورة)
Sabri-1961@hotmail.com
التعميم الصحفي الذي صدر مساء الثلاثاء عن إعلام مجلس السيادة لم يضع النقاط فوق الحروف كما ينبغي بل ترك الباب موارباً للاجتهادات ، لم يُنكر لقاء السيّد البرهان برئيس الوزراء الاسرائيلي (نتنياهو) بل برره من موقع مسؤوليته باهمية العمل الدؤوب لحفظ وصيانة الامن الوطني السوداني و تحقيق المصالح العليا . ثم أمّن البيان على أن تطوير العلاقة بين السودان و اسرائيل هي مسؤولية المؤسسات المعنية بالامر حسب ما نصت عليه الوثيقة الدستورية واكد في الختام على موقف السودان الثابت من القضية الفلسطينية وعلى حق الفلسطينيين في انشاء دولتهم المستقلة و اصفاً (الموقف) بانه ما زال ثابتاً و سيستمر وفق الاجماع العربي و مقررات الجامعة العربية هكذا اوردها البيان، إذاً أين المشكلة؟ لا إشارة للتطبيع فقط أثبت حقيقة اللقاء .
قرأتُ البيان مرتين حتى (قلبت) الموبايل لعل هناك معلومة ناقصة قد (لزقت) به فلم أجد تفسيراً للماء إلا بالماء فالبيان أمسك بالعصا من المنتصف كما يقال .(برأيي) البيان لم يُنكر اللقاء وفي ذات الوقت أمّن على أن مسؤولية العلاقات السودانية الاسرائيلية هي من اختصاص الجهات المعنية دون تسميتها في إشارة للحكومة و ربما البرلمان الذي لا وجود له حالياً في حالة اشبه بالاعتذار الضمني لوزارة الخارجية المغيبة عمداً عن هذا الملف، تأكيد البيان على مواقف السودان الثابتة من القضية الفلسطينية (اتوقع) جاء بضغوط من مجلس الوزراء و(قحت) لاستمالة الشارع (المذهُول) لجانبها و إلا فكيف للرئاسة الاسرائيلية أن تعلن أن اللقاء تجاوز المصافحة الى السماح بعبور الطيران من والى اسرائيل عبر الاجواء السودانية و أن السودان طلب المساعدة لرفع العقوبات و شطب الديون في خطوات اعتبرها كثير من المراقبين أنها (متقدمة) رغم أن بيان البرهان نفى ذلك . ومع تأكيد البيان أن موقف السودان لم يتغير من القضية الفلسطينية إلا أنه أغفل الاشارة الى (القُدس) كعاصمة للفلسطينيين كما كان معتاداً و اكتفى بالتأكيد على انشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وهذا أيضاً يقرأ من زاوية أن لقاء البرهان نتنياهو قد وضع خطوطاً حمراء تحت الثوابت الاسرائيلية وهي أبدية القدس كعاصمة لليهود . البيان لم يشر للوسيط الذي رتب اللقاء بهذه السرية فرغم أن معظم وكالات الانباء اشارت لدولة الامارات كوسيط بعلم مصر و السعودية وقلة من السياسيين السودانيين إلا انه تجاوز الاشارة لذلك ربما لعدم احراج تلك الدول أو لتقديرات أمنية لا يمكن الافصاح عنها .
(برأيي) أن اسرائيل هي الرابح وأن السيد (نتنياهو) شخصياً قد وفر على نفسه عناء الحملة الانتخابية بعد (صفقة العصر) الاخيرة و ستكون رسالته للناخب الاسرائيلي أن السودان المزعج المرعب المخيف قد أمنا جانبه و أن دعم (حماس) لن يكن من الخرطوم بعد اليوم و أن لا سلاح سيهرب عبر شرق السودان ليذبحكم ، و لا أستبعد أن يبشرهم بأن الارض الموعودة من النيل الى الفرات قد أصبحت مسألة وقت ليس إلا.
ومع قناعتنا بأن ما تم ليس من صلاحيات الحكومة الانتقالية بشقيها السيادي و الوزراء بقدر ما هو قرار وطني يحتاج لبرلمان منتخب و قد يطرح لاستفتاء شعبي كون (التطبيع) قرار سيادي . إلا أن ما حدث لا يمكن قراءته بمعزل عن حالة الضعف و التخبط التي تعيشها حكومة السيد حمدوك ، فما لقاء المبعوث الامريكي بالدكتور غازي صلاح الدين في منزل الاخير ثم لقاء غازي وحمدوك والسفر المفاجئ لحمدوك لدولة (جيبوتي) حيث يقيم صلاح قوش كما تفيد بعض الانباء ،فكل هذه الخيوط المتقاطعة تشير الى أن هناك تغييراً يجري الاعداد له لضبط بوصلة الحكم بالخرطوم تقوده الولايات المتحدة الأمريكية مع حلفائها بالمنطقة، و لربما تشهد الايام القادمة ضخ ودائع بالبنك المركزي و إبحار بواخر نفط وقمح و معلبات (أدفينا) و (قها) ابتهاجاً بفرحٍ قد لا يكتمل .
تقول الطرفة : أن مصرياً اشتكي جاره لأنه فتح نافذة على الحائط المشترك بينهما دون إذنه فحكم القاضي بإغلاقها فما أن شرع الجار في البناء حتى أوقفه مندوب البلدية بحجة البناء بدون تصريح ، فرجع (صاحبنا) للقاضي واضعاً باطن كفه اليمنى على ظاهر اليسرى قائلاً :(سيادة الآآضي دلوأتي أنا أفتح الشِباك واللاّ أأفل الشِباك؟) .
ومع بيان مجلسي السيادة و الوزراء المتناقضين اصبح السودانيون في حيرة من امرهم هل يقفلوا الشباك أم يفتحوا الشباك !
تحذير:ـــ عزيزي المواطن احذر أن تبيع شبراً من أرضك فاليهود قادمون وما أكثر السماسرة .
++++++++++++++++
صلاح
The post نقفل الشباك أم نفتح الشباك؟ appeared first on الانتباهة أون لاين.