رفع الدعم عن المحروقات في 2020.. الخــــروج مــن عنق الزجاجة

الخرطوم: رباب علي
انسابت التحليلات والقراءات لمآلات رفع الدعم عن المحروقات، واخذت حيزاً كبيراً من منتديات الجامعات والمختصين في الشأن الاقتصادي، فاثار جدلاً كثيفاً حول رفع الدعم عن المحروقات بين خبراء محذرين من مغبة رفع الدعم عن المحروقات واهمال الحلول الاقتصادية الاخرى، التي يجب توفرها ليصبح رفع الدعم مجدياً من الناحية الاقتصادية لتحقيق أهداف التوازن المالي، فيما رأى آخرون بانه المخرج من الازمة لجهة ارتفاع تكلفة المعيشة وفقدان السيطرة على التضخم وتدهور صرف العملة، وكان التداول في المنتدى التفاكري الاول لدائرة الابحاث الاقتصادية والاجتماعية عن موازنة العام 2020 ومآلات رفع الدعم عن المحروقات، الذي اقامته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي امس حول الانعكاسات المتوقعة والايجابيات المرجوة.
إطلاق شعارات
تناولت الجلسة الاولى التي حملت قراءة تحليلية لموازنة 2020 لاستاذ الاقتصاد العام د.حسن بشير محمد نور، جانب التوقعات التي كانت مرجوة من الموازنة لاختلاف ظروفها المصاحبة سياسياً واقتصادياً وما اثاره الاتجاه لرفع الدعم فيها والتبشير المبكر برفع المرتبات والتي يتصيدها السوق لرفع الاسعار مع تدهور القوة الشرائية.
وذكر ان بعض الشعارات التي اطلقت خرجت عن اطار الموازنة المتعارف عليها ، مشيراً الى ان مشكلة الدعم والموازنة انحصرت في اهمال العوامل الاقتصادية التي يجب ان توفرها ليصبح الدعم مجدياً من الناحية الاقتصادية لتحقيق اهداف التوازن المالي، دامغاً بان الايرادات العامة تمثل خطراً كبيراً على الموازنة كما ان التمويل بالعجز عبر طباعة النقود سيؤثر سلباً على مؤشرات التثبيت الاقتصادي المستهدف، اضافة الى ارتفاع المصروفات الجارية مقابل مخصصات التنمية.
وقال حسن ان قطاع الاتصالات غير منتج وارتفاع الجانب الطفيلي فيه بنسبة عالية رغم اهميته في الكفاءة والانتاج، وعلى الحكومة وضع الخيارات البديلة لرفع الدعم قبل شهر مارس المقبل.
وقطع بان رفع الدعم سيؤدي الى حدوث انفجار سياسي كبير وارتفاع نسبة الفقر اجتماعياً.
تحصيل حاصل
واكد مدير مصنع بركة للبسكويت د.زهير سعيد، أن رفع الدعم عن القطاع الصناعي لا يؤثر عليه لعدم وجود دعم له في الجازولين وله اثر سالب عليه، واوضح في ورقة مآلات رفع الدعم على القطاع الانتاجي ان القطاع يستهلك الجازولين بديلاً للكهرباء ولهذا ترتفع تكلفة كل الصناعات، ووصف الدعم بتحصيل حاصل وله اثار سيئة على القطاع ، وقال ان التعدين يستهلك ما بين 25 ـ 35 برميل يومياً.
وابان ان القطاع الزراعي الاكثر ضرراً برفع الدعم خاصة المشاريع النيلية والتي تشتري الجالون بقيمة 100 جنيه وتتعرض لسلسة خسائر مستمرة، واشار الى ان الاقتصاد مهزوز ومشوه ونستهلك اكثر مما نتج وبالتالي رفع الدعم دون وجود معالجات انتحار.
حالة إغراق
فيما تناولت ورقة اثار رفع الدعم على قطاع النقل التي قدمها اسامة سيد احمد اثار رفع دعم الجازولين على النقل البري وتمثيل الجازولين كعنصر رئيس لحركته في كل انواع الشاحنات وينقل 97% من البضائع والركاب، وكل الصادرات السودانية والواردات تنقل عبره وبدونه ينعدم .
واكد ان ما يرفع قيمة الترحيل ليس الجازولين بل هناك عوامل اخرى والعكس صحيح، ومؤشرات تكلفة ترحيل الطن تحسب بوحدة القياس ما بين (الخرطوم ـ بورتسودان) ووجدنا ان تكلفة الجازولين تمثل 6% من تكلفة الطن، والـ94% اشياء اخرى لا علاقة للجازولين بها.
وقال اسامة ان قطاع النقل يعاني من حالة من الاغراق وافلاس الكثير من منسوبيه، واصفاً النقل البري بالكارثة التي صنعتها الانقاذ.
منبهاً الى ان مجموع ما دفعته المالية للعام 2019م بلغ 203.3 مليون جنيه وعند قسمته على سعر الصرف الحر 90 جنيهاً وجدنا انها تحتاج لدعم الجازولين بقيمة 2.3 مليار جنيه خلال 2020م.
إصلاح شامل
وحدد استاذ الاقتصاد بمدرسة العلوم الادارية بجامعة الخرطوم د.ابراهيم اونور، ان سعر الصرف الحقيقي يحدد بناءً على الموارد المتاحة وليس التي من الممكن ان تتحقق، ومن هنا يجب البدء بالحديث عن رفع الدعم، وربط رفع الدعم السلعي بالاصلاح الشامل للنظام الضريبي السائد الذي يعيق الوصول الى الكفاءة المنشودة وتحقيق العدالة المطلوبة، وطالب اونور بالابقاء على دعم دقيق القمح وفرض ضريبة على كل السلع الكمالية لتضييق فجوة العجز الناتج عن الدعم.
عقوبات رادعة
وفي حديثه ممثلاً لتجمع المهنيين وصف د.صدقي كبلو، ان الدعم بشكله الحالي يدعم الاغنياء وبعض الطبقات والفئات الفقيرة فيما يتعلق بالمواصلات ونقل البضائع بين المدن، الا انه استدرك بان رفع الدعم يؤثر على الجميع.
واقترح كبلو ان تمول الحكومة البنزين بشكل حقيقي، ذاكراً بان الاحصائيات اكدت وجود 4.200 مليون سيارة ملاكي في السودان، مطالباً بتحميلهم تكلفة الدعم المقدرة بـ15 مليار جنيه ليستفيد منها المواطن العادي مع زيادة رسوم الرخصة والتأمين الاجباري الشامل وغير الشامل،
ولكنه عاد بالقول بان هذا لن يحل المشكلة مما يتطلب تنظيم المواصلات الداخلية في المدن وتقليل استخدام السيارات وعندها يحرر سعر البنزين حسب الاسعار العالمية، داعياً الى وضع عقوبة رادعة للتهريب ما بين السجن والغرامة والحجز للمركبات ومراقبة الحدود والمطارات بتوفير التكنولوجيا المختصة في ذلك.

The post رفع الدعم عن المحروقات في 2020.. الخــــروج مــن عنق الزجاجة appeared first on الانتباهة او لاين.