فاطمة الجعلي
صباح اليوم، سيحط رئيس الوزراء عبدالله حمدوك قدميه في منطقة كاودا التي ظلت عصية على النظام البائد، طيلة الفترة الماضية، ورغم أن الزيارة ستستغرق يوماً واحداً إلا أن كثيراً من المراقبين اعتبروها زيارة تاريخية وتمثل اختراقاً نوعياً في العلاقة مع الحركة الشعبية برئاسة عبد العزيز الحلو، لكن هناك من رأى أن العلاقة الشخصية التي تربط بين (حمدوك) و(الحلو) منذ (الستينيات) تعتبر الدافع الأساسي لهذه الزيارة والتي أكدوا أنها سيكون لها انعكاس إيجابي في ملف السلام خاصة ما يلي ملف (جبال النوبة)، فيما وصفتها الحكومة بأنها زيارة تاريخية ستحدث اختراقا كبيرا في ملف السلام ستكسر الحاجر النفسي والأمني، وتوقع الكثيرون أنها ستحظى باهتمام من قبل المجتمع الدولي .
رسل سلام
الزيارة الى كاودا في نظر الحكومة أنها ستنهي عهد التعامل مع حركات الكفاح المسلح كأعداء، بجانب كسرها للحاجز النفسي والأمني والسياسي، وأشارت الى أن هناك خلافات سياسية يدور الحوار فيها في جوبا لفكفكتها ، وأضافت لا نتعامل كخصوم وأعداء .
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل محمد صالح، في تصريحات صحفية الأربعاء، ان رئيس الوزراء سيرافقه الى منطقة كاودا عدد من الوزراء والمسؤولين تلبية لدعوة قدمها رئيس الحركة الشعبية عبدالعزيز الحلو، وأضاف :نذهب الى كاودا كرسل سلام وأخوة، وأوضح انه رغم قصر الزيارة لكنها ستحدث اختراقا كبيرا ورسالة قوية، وزاد : (نريد ان نرسل رسالة سلام) والتأكيد على استعدادنا للسلام بلا حدود وفِي نفس الوقت نطمئن على أوضاع المواطنين في هذه المنطقة. وقال نعول تعويلا كبيرا على الزيارة التاريخية ،لافتا الى أنها ستسهم بدرجة كبيرة في فتح الآفاق أمام عملية السلام وتسهيل المفاوضات الجارية في جوبا ، وأضاف ندعو الحلو الى زيارة الخرطوم أو ان يرسل وفدا الى الخرطوم حتى تكون عملية السلام شاملة لا تتم داخل الغرف المغلقة فقط، ولكن في الفضاء المفتوح .
علاقات شخصية
وفِي الأثناء كشف المحلل السياسي محمد محمد خير في حديثه لـ(الإنتباهة) عن العلاقة الشخصية التي تربط (حمدوك) و(الحلو) منذ الستينيات، وأوضح أنهما درسا المرحلة الوسطى مع بعض، وافترقا في المرحلة الثانوية ليجتمعا مجدداً في جامعة الخرطوم، وأضاف رغم اختلاف الكليات إلا ان (روابط جنوب كردفان) في الجامعة ربطت بينهما مرة أخرى، بجانب عملهما مع بعضهما البعض في هذه الروابط، وقال إنه في فترة من الفترات كان حمدوك عضوا في اتحاد (جبال النوبة)، ولفت الى ان المجموعة الاستشارية للحلو من أصدقاء حمدوك وزملائه في المراحل التعليمية المختلفة مؤكداً ان العلاقة بينهما لم تنقطع.
(مرتع صباه)
وواصل محدثي سرده لنا من خلال معرفته الجيدة برئيس الوزراء ان موافقة الأخير برئاسة الوزراء مبنية على رهان استطاعته ان يحدث اختراقا كبيرا في ملف السلام في (جبال النوبة)، وأضاف ان منطقته (الدبيبات) تقع بالقرب من (جبال النوبة)، وأشار الى وجود اختلاط بينهما قديم وعلاقات عميقة، قائلاً حمدوك ماشي مرتع صباه)، وأوضح ان (الحلو) ظل يزور (حمدوك) في أي زيارة له الى أديس أبابا، موضحاً ان الزيارة جارية على أرضية العلاقة الشخصية العميقة التي استمرت ما يقارب (40) عاما ولَم تفتر بينهما.
إحداث اختراق
في الأثناء قال محمد خير إن عملية السلام في جبال النوبة لابد ان يتدخل فيها جنوب السودان بشكل واضح باعتبار أن الحلو كان ضابطا في الحركة الشعبية ورئيسه سلفا كير ميارديت ، وأضاف لابد أن تأتي موافقة الحركة الشعبية على موضوع السلام، وزاد حسب المعلومات التي توافرت لدي أن السودان ويوغندا اتخذتا قبل عدة أشهر قراراً استراتيجيا بوقف الحرب في أي مكان، وأضاف حتى الدول التي كانت داعمة لانفصال الجنوب حريصة على السلام لأنها ترغب في الاستثمار في الجنوب والحروب لن تسمح لهم بذلك، وقال حتى يحدث سلام في (جبال النوبة ) لابد من ضمان ان الحكومة السودانية لن تدعم المعارضة الجنوبية في أي لحظة من اللحظات وزاد: (هذا قرار سياسي فوق لحمدوك) لكن لصالحه، وقطع بامكانيته في إحداث اختراق في ملف السلام في جبال النوبة.
اختراق نوعي:
واعتبر مراقبون تحدثوا لـ(الإنتباهة) الزيارة اختراقاً نوعياً في العلاقة مع الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو على خلفية انها أول زيارة لمسؤول حكومي ممثلة في رئيس الوزراء الى هذه المنطقة وأكدوا ان الزيارة ستحظى بمردود تجاه عملية تحقيق السلام، وتوقعوا أن تحرك ملف السلام الى درجة كبيرة لأنه سيتم خلالها مخاطبة القواعد، وأوضحوا أن الزيارة ليست منفصلة من نتائج زيارة عبدالعزيز الحلو الى الإمارات. لانه أعلن عنها عقب زيارته الى الإمارات مباشرة .
وتوقع المراقبون ان تفتح الزيارة آفاق السلام وتسرع من العملية الخاصة بالإجراء الخاص بالمفاوضات واعتبروا الزيارة دعما للقضية الخاصة بفتح المناطق المسيطرة عليها الحركات المسلحة للإغاثة والعون الإنساني، وأشاروا الى ان كاودا من أول المناطق التي رفع عنها الحظر وتتلقى عونا انسانيا من داخل وخارج السودان.
دعم لحمدوك:
واعتبر المراقبون الزيارة دعما لحمدوك شخصيا في ظل انتكاسات تواجه حكومته في الداخل والخارج أولها استعادة المبادرة السياسية في ملف السلام لانه ملف ظل يشرف عليه المكون العسكري في مجلس السيادة، وأشاروا الى انها المرة الأولى التي تعود المبادرة في ملف السلام الى حمدوك ، ولفتوا الى أنها ستحظى بترحيب العالم الخارجي سيرحب باعتبار أن عملية السلام عادت لسلطات رئيس الوزراء، وتوقعوا ان تأتي الزيارة أكلها خلال الفترة القادمة ، وأشاروا الى أنها ستساعد في تقليل وتخفيف الضغوط على الحكومة في الداخل، وتحول النظر من الأزمة الاقتصادية التي ارتبطت بإجازة الميزانية الى عملية السلام وستدعم الزيارة من موقف حمدوك السياسي في الداخل وتمنحه نقاط قوة في استعادة الملف من المكون العسكري رغم أن القضايا الاساسية ستكون موجودة خاصة قضية الترتيبات الأمنية هل سيكون جيش واحد أم ستتم إعادة بنائه بعقيدة جديدة، وأوضحوا أن رئيس الوزراء ليست لديه مشكلة في مطالب الحركة في وجود سودان علماني كمقدمة ضرورية للسلام وليس لديه عليها تحفظ.
The post كاودا .. حمدوك في (المدينة المحرمة) ! appeared first on الانتباهة او لاين.