منذ سقوط نظام المؤتمر الوطني وحتى هذه اللحظة، ظللتُ أتابع بأسى ودهشة كتابات مدير الإعلام بجهاز أمن البشير اللواء محمد حامد تبيدي من خلال زاويته الراتبة بصحيفة (الصيحة)، ومنبع الأسى ليس لأن هذا الرجل يطعن الثورة بنصل مسموم يخفيه بين السطور، بل لكونه مازال يجد مساحة واسعة وبشكل راتب في الصحافة السودانية التي سامها سوء العذاب، وأعمل فيها المجازر والتنكيل، وصادر وكسر الكثير من الاقلام الحُرة بالإيقاف والملاحقات والاستدعاءات والاعتقالات، فقد كان هذا التبيدي يمارس قهراً واستبداداً وإهانةً لكل صحافي يكشف سوءات نظام البشير أو ينتقد ممارساته الفاسدة، فقد كان عدواً فاجراً لكل الأقلام الحُرة وحامياً متفانياً في خدمة البشير، ولم يخف ذلك حتى اليوم، فقد كتب وتغزل في رأس نظامه المخلوع بعد محاكمته كما لو أن البشير على كرسي الحُكم.
مصدر الدهشة والأسى أيضاً أن حُراس بيت الصحافة الحرة يتصالحون مع وجوده داخل البيت حتى الآن ولم يطردوه منه، خاصة أنه لا صلة له بالمجتمع الصحفي، فهو رجل أمن ظل يُمارس أسوأ أنواع الاستبداد والقهر للصحافيين الأحرار، ولم يكن رجل إعلام، وإذا كان في السابق يضع العديد من الصحف ورؤساء تحريرها وناشريها تحت إبطه والكل يخشاه ويعمل له ألف حساب اتقاءً لشره ومكره، وقد فُتحت له الأبواب للكتابة في الصحف وكأنه (هيكل) ونال عضوية اتحاد الرزيقي، ولا أحد يمنعه من فعل اي شيء بوصفه مدير الإعلام بجهاز الأمن الذي يُحكم قبضته على كل شيء، إذا كان ذلك في ظل نظام هو احد حُراسه المخلصين له، فلماذا يظل تبيدي حتى الآن يتمدد في الصحافة والمجتمع الصحفي وهو ليس منه ولا يملك أية مؤهلات ليكون متدرباً في صحيفة أسبوعية، فعلامَ استمراره اليوم كاتباً راتباً في الصحف ينفث السموم ضد الثورة، فمن الهوان والغفلة أن يظل تبيدي قاهر الصحف الحُرة وكاسر الأقلام الجريئة، كاتباً في صحافة ما بعد الثورة.. وليكن واضحاً في الأذهان أننا لم نرفضه لكونه من كوادر المؤتمر الوطني والنظام البائد، بل لأننا لا نقبل بوجود رجل أمن داخل البيت الصحفي ارتكب المجازر في حق الصحافة ونكّل بمجتمع الصحافيين الأحرار، فهو جانٍ يجب أن يجد جزاءه لا استمرار عضويته في اتحاد الصحافيين، وإذا كان في السابق قد استغل موقعه وسلطته في أن يفرض نفسه على الجميع، فليس هناك من مبرر لاستمرار هذا الوضع المتهاون.
طرد تبيدي من المجتمع الصحفي ومنعه من الكتابة فيه تصحيح لمسار (صاحبة الجلالة) التي يجب أن تتخلص من جميع الأعباء والتشوهات التي ألحقها بها اتحاد الرزيقي، ليأتي بعد ذلك رد الظلم الذي ألحقه تبيدي بالصحافيين والصحف الحُرة التي رفضت الركوع تحت أقدامه، وهو يمارس لُعبة اضطهاد الصحافة الحرة واستنزافها بالمصادرة بعد الطباعة… وعلى الصعيد الشخصي لدي الكثير من التجارب المريرة التي يتوجب عليّ الاستدلال بها، ولكني أعفُّ عن ذلك حتى لا أغرق في الذاتية الممقوتة عندي، ولكن ما ينبغي التأكيد عليه هو وجوب التفريق تماماً بين حُرية الإعلام لصحافي محترف أيّاً كان لونه السياسي، وبين التهاون مع (جزّار) الصحافة الذي يلبس عباءتها ويُخفي خنجره المسموم ويعيش آمناً داخل بيتها ويُغرد في سربها دون أن يستوقفه أحد، فهذا ليس معقولاً أبداً.. اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
The post اخرج من بيتنا يا تبيدي appeared first on الانتباهة او لاين.