اخبار السودان لحظة بلحظة

يشهد غموضاً وترقباً يشوبه الحذر.. المسرح السياسي الآن السيناريو الأسوأ

<

p style=”text-align: justify;”>
تحليل: أحمد يوسف التاي

لم يعد خافياً أن المسرح السوداني على صعيده السياسي يشهد حالياً حالة من الغموض والترقب المشوب بالحذر، على نحوٍ يفتح المجال واسعاً أمام كل السيناريوهات بما فيها الأسوأ التي تبدو محتملة الحدوث بنسب كبيرة جداً، كالانقلاب العسكري، والانفلات الأمني الدموي، كل السيناريوهات المحتملة تعززها كثير من المعطيات والمؤشرات وقرائن الأحوال، بما يجعل حدوثها أمراً ليس مستبعداً، خاصةً إذا ما اقترنت بالرغبة الدولية خلف الأكمام..

وللاقتراب من المشهد بشكل أكثر دقة لا بد من الإشارة إلى واحد من أخطر هذه السيناريوهات والظروف المحيطة به ونضوجها ومعطيات حدوثه وهو سيناريو الانقلاب العسكري الذي بات أقرب الاحتمالات على الإطلاق في الوقت الراهن سواءً أتى من أذرع النظام المخلوع بوجهٍ جديد، أو من غيره.
الظروف المحيطة:
صحيح أن الاوضاع الداخلية في ظاهرها لا تشجع على الانقلاب العسكري غير ان العوامل الخارجية، الدولية منها والإقليمية يمكن ان تشكل عاملاً حاسماً في تشجيع هذه الخطوة ودعمها بشكل غير منظور طالما أنها تحقق أهداف الصراع الدولي والإقليمي، وصحيح ايضاً أن المجتمع الدولي والإقليمي يرفض الانقلاب ظاهرياً، إلا أن القوى المتنفذة إقليمياً ودولياً داخل هذا المجتمع الدولي نفسه ترى في الانقلابات العسكرية والاضطربات والفوضى وانفراط عقد الأمن في البلد المستهدف اهم وسائلها غير المعلنة لتحقيق اهدافها واجندتها..
وتأسيساً على هذه النقطة الحساسة فإن القوى الإقليمية، والدولية المتنفذة لا يُستبعد ان تكون هيأت المسرح لهذا السيناريو واعدت رجالها لهذه المهمة منذ وقت بعيد، ولعل التراجع الدولي عن دعم حكومة حمدوك يمثل أهم مؤشرات دعم سيناريو الانقلاب على حكومة الثورة.
حمدوك والقوى الانتهازية:
بعد تسلم الدكتور عبدالله حمدوك رئاسة الحكومة تسابقت نحوه ذات القوى الإقليمية والدولية الانتهازية لاحتوائه، لكنه ـ أي ـ حمدوك قطع الطريق امام هذه القوى، قبل أدائه القسم رئيساً للوزراء، وذلك من خلال السياسة الخارجية التي أعلنها والتي أبدى فيها قدراً كبيراً من الاستقلالية، ثم اتبع ذلك بمواقف تعزز السيادة الوطنية وحرية القرار السيادي والبعد عن سياسة المحاور التي انتهجها النظام المخلوع الأمر الذي أدى إلى تراجع تلك القوى عن دعمه وعن الوعود التي قطعتها لمساعدة السودان، بصورة ترمي إلى إضعاف حكومته أمام العواصف التي تحاصرها الآن بالداخل.
خنق حكومة الثورة:
بات واضحاً أن التعاطف الدولي والإقليمي الذي ابدته بعض القوى مع حكومة حمدوك بعد تسلمه منصب رئيس الوزراء قبل أربعة اشهر تراجع في الوقت الراهن، كما ذهبت وعود إعفاء الديون والمساعدات الخارجية أدراج الرياح، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل مارست بعض القوى ضغوطاً كما في حالة المطالبات الامريكية بدفع تعويضات مالية لاسر ضحايا المدمرة (كول)، وربما يتطور الامر إلى مطالبات أخرى مثل تفجير سفارتي نيروبي ودار السلام .
الوضع الاقتصادي:
يشكل الوضع الاقتصادي المتدهور أيضاً آلية من آليات الضغوط المكثفة على حكومة حمدوك على نحو يقود إلى تعقيد كثير من الازمات والمشكلات، ويبرر الانقلاب العسكري المحتمل الذي تقف خلفه ذات القوى الدولية والإقليمية التي تتقاطع مصالحها في المنطقة مع توجه السودان الاستقلالي والتمتع بحرية القرار السياسي والسيادة الوطنية الكاملة، باعتبار أن فشل حكومة حمدوك في إحداث اختراق للأوضاع الاقتصادية المتأزمة يقود إلى التفكير في بديل آخر.
فلول النظام المخلوع:
تشكل تهديدات فلول النظام المخلوع، أيضاً احد ابرز واخطر التهديدات التي تمثل ضغوطاً على حكومة الثورة، خاصة وأنها تستغل الاوضاع الاقتصادية والضائقات المعيشية والأزمات التي باتت عنواناً بارزاً للمشهد منذ العام 2012.
النيران الصديقة:
الخلافات التي تشهدها ساحة حلفاء الثورة انفسهم والتنازع الذي يبدو من خلال تباين المواقف وما يرشح منه في وسائل الإعلام، يشكل نوعاً آخر من الضغوط، وهي ضغوط في واقع الأمر وسيلة من وسائل الصراع حول المواقع والسلطة، وتتخذ اشكالاً عدة مثل المواكب والاحتجاجات غير أنها تستتر تحت لافتة القصاص للشهداء ومحاكمة المتورطين في قضايا فساد وإبعاد كوادر النظام المخلوع من مؤسسات الدولة.
إذاً وبناءً على ما تقدم فإن حكومة حمدوك الآن تواجه ضغوطاً مكثفة وتهديدات ظاهرة ومستترة من جهات عدة أبرزها فلول النظام المخلوع وجهات داخل قوى الحرية والتغيير نفسها تتصل بالصراع حول المواقع، وضغوط أخرى لإنجاز السلام في وقته المحدد وفرض رؤية محددة، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المعقد، وكل ذلك يمهد الطريق لسيناريو الانقلاب العسكري، وبالطبع هناك سيناريوهات أخرى محتملة مثل الانتخابات المبكرة التي يسعى لها حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي، وسيناريو الانزلاق الأمني والذي هو بدوره يعطي المؤسسة العسكرية أكثر من مبرر للإجهاز على السلطة في البلاد.

The post يشهد غموضاً وترقباً يشوبه الحذر.. المسرح السياسي الآن السيناريو الأسوأ appeared first on الانتباهة او لاين.

اترك رد