اخبار السودان لحظة بلحظة

الموازنة المؤقتة.. (سيد الرايحة )..

هنادي النور
لايزال الجدل يتصاعد حول موازنة العام 2020 وبها ضبابية ولا أحد يعرف ملامحها على وجه الدقة حتى الآن، فيما تبقت فقط 5 أيام من نهاية العام. ومعلوم مع خواتم العام كل تفاصيل الميزانية بأرقامها وعجزها تكون معروفة، ولكن نسبة للأوضاع التي تمر بها البلاد، يبدو أن هنالك تضارب كبير حول هذه الموازنة التي دار حديث عنها أمس، بأن هنالك توافق مع قوى الحرية والتغيير والحكومة على إصدار ميزانية مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر هكذا جاءت التصريحات التي نشرتها صحف الأمس، ولكن ثمة تساؤل: ماهي الموازنة المؤقتة وكيف تكون أوجه الصرف فيها؟, بينما تخوف عدد كبير من الخبراء المصرفيين من هذه الموازنة والتي غالباً أنها تحمل نفس ملامح موازنة 2019 وأنها تواجه إشكالات كبيرة وربما تؤدي الى الخروج الى الشارع، لجهة أنها لسيت مُرضية لتطلعات الثورة .
كلام واتساب :
فيما استنكر مصدر مطلع بوزارة المالية ماورد عبر منشيتات الصحف بأن هنالك موازنة مؤقتة ودحض ذلك بالقول « هذا حديث واتساب « ووصف من تداولوا تلك الأخبار بعديمي الفهم « وأنه حديث غير صحيح، وأردف لو تم فيها تعديل يمكن من خلال الربع الأول. وأكد لـ «الإنتباهة» أن السياسة المالية لدى الدولة هي موازنة كاملة ويمكن التعديل فيها خلال الربع الأول ولكن بنفس تشريعاتها وقوانينها.
موازنة مبتورة :
ولم يذهب بعيداً الخبير الاقتصادي د. عبدالعظيم المهل عن الحديث الذي سبقه بوصفه للموازنة المؤقتة بأنها «مبتورة «ولن تنفذ برامجاً وإنما هي تصريف أعمال، وبالتالي تكون إيراداتها ومنصرفاتها على ثلاثة أشهر فقط ولن تكون هنالك مشاريع تنموية ولاصرف رأس مال, ونبه المهل في حديثه لـ(الإنتباهة) أمس، أن القرارات الكبيرة ستواجه إشكالية، بمعنى لن يكون بها رفع دعم ولازيادة في الأجور والمرتبات، وأيضاً مشكلة البطالة وسعر الصرف والتضخم والارتفاع المستمر في السلع الاستهلاكية، وستكون امتداداً لموزانة 2019، وبالتالي لن يكون هنالك تخفيض في الدولار الجمركي وأيضاً ستواجه إشكالية بأنها ليست موازنة الثورة في تحقيق تطلعات واحتجاجات الثورة وبذلك كنا منتظرين المناحين وتحقيق السلام، وهذا عائق ومشكلة كبيرة وما يمكن وصفها بأنها موازنة تصريف أعمال .
تسييرية :
وأوضح الخبير المصرفي د.عبد الله الرمادي أنها موازنة تقديرية مختصرة لفترة في حدود أقل من ستة أشهر، وهذه الموازنة المقترحة للربع الأول من السنة، وهي ثلاثة أشهر وتكون ظروفاً اضطرارية قد تعذر فيها تقديم موازنة كاملة وربما لرفض الموازنة المقدمة لإعادة النظر فيها بتوجيهات وهذا ما يحدث غالباً او لأسباب سياسية كما في البلاد نتيجة لعدم الاستقرار في الساحة والتجاذب الذي يحدث وتأخر إعداد الموازنة، والآن رفضت الموزانة المقدمة من قبل وزير المالية لإقحامه فيها أشياء مرفوضة من قبل الشارع وكثير من القيادات السياسية كمثال رفع الدعم عن السلع وأيضاً توحيد سعر الصرف مما يعني تخفيض لقيمة الجنيه السوداني مما يترب عليه زيادة في معدلات التضخم وتكون تجازوت حد الجموع بمقدر كبير جداً وأيضاً إجراء رفع الدعم أيضاً تضخمي وسوف يرفع معدلات التضخم الى معدلات مخيفة وقد لايحتملها الشارع ويضطر الشباب الذين خرجوا للشارع وأسقطوا النظام السابق نتيجة للضائقة المعيشية سوف تتكرر ضائقة أخرى على مدى أفدح وتؤدي الى خروج الشباب مرة أخرى وهذا متحمل كبير لذا رفض كثير من السياسيين من جانب قوى الحرية والتغيير تمرير هذه الإجراءات والتي في أصلها هي الوصفة المعروفة لدى صندوق النقد والبنك الدوليين وانصاع لها وزير المالية وهو « موظف ورئيس ومعه رئيس الوزراء لدى هذه الجهات» -على حد قوله- وأردف الرمادي قائلاً « لايمكلون إلا الإنصياع لتعليماتهم وكان هنالك وفد غادر قبل يومين البلاد لصندوق النقد الدولي لطرح هذه الإملاءات, وهذا الوضع أدى لرفض الموزانة وقد تبقت أربعة أيام لانتهاء السنة وليس هنالك وقت لإعادة إعداد موازنة جديدة لعام كامل تكون مدروسة وعميقة وفيها رؤية محايدة، بل منحازة الى المواطن «المكدود « هذا يتطلب الكثير من الوقت.
وقدم الرمادي مقترحاً قائلاً: « إيقاف العمل بهذه الموازنة المرفوضة ويلجأ الى موازنة مؤقتة وهي عبارة عن تقديرات لأقل من ستة أشهر وتكون في الربع الأول من السنة وعادة تكون موازنة تيسييرية وليست هنالك إجراءات تصحيحية لمسار الاقتصاد وإجراءات ضخمة، وإنما هي عملية تسيير في الغالب تكون تكراراً لما كان من اعتمادات في العام السابق في كافة المنصرفات، وأتوقع أن تكون الإيرادات في نفس النهج وليست بها أية قرارات كبيرة مؤثرة، وقد لايكون فيها إنفاق تنموي او مشروعات بني تحتية وليس هنالك صرفاً جارياً فقط هي لتسيير الأمور .
مرتكزات الميزانية :
وكان وزير المالية قدم مسودة موازنة 2020 للجنة الخبراء الاقتصاديين بقوى الحرية والتغيير ولقيادة تجمع المهنيين حول مؤشرات موازنة 2020، خلال الأسبوع الماضي، وأبدت ملاحظاتها ومقترحاتها حول ما يجب أن تتضمنه الموازنة. وبعد المداولة حول مسودة الموازنة في اجتماع مشترك للمجلس المركزي ولجنة الخبراء وتوصلت قوى الحرية والتغيير أن هذه الموازنة لا تعبر عن برنامج قوى الحرية والتغيير والوثيقة الدستورية والبرنامج الإسعافي ولا عن طموحات وتوقعات قوى الثورة والشعب السوداني الذي فجر ثورة ديسمبر المجيدة.
رفض شعبي :
وتضمنت الموازنة جدولاً زمنياً لرفع الدعم عن السلع الأساسية، وعدة إجراءات تتناقض مع آمال وطموحات الشعب، وهي مرفوضة رفضاً تاماً من قبل قوى الحرية والتغيير، وتتمثل تلك الإجراءات في إنفاذ نظام التسعير التقاطعي للكهرباء في مارس 2020, تحرير سعر الصرف للصادرات في مارس وتحرير سعر البنزين وبدء التحرير المتدرج لأسعار المحروقات الأخرى في مارس 2020 وإكمال تحرير أسعار الجازولين في أغسطس 2020 وبدء التحرير المتدرج لسعر صرف الدولار الجمركي للواردات في أغسطس 2020
غلاء المعيشة :
وبالنسبة لأسباب رفض قوى الحرية والتغيير فإن الموازنة بعيدة كل البعد عن البرنامج الإسعافي والسياسات البديلة (الإطار العام) الذي قدمته قوى الحرية والتغيير في اكتوبر 2019 وعن توقعات الشعب بأن تكون موازنة 2020 بداية لتخفيف أعباء المعيشة وتخفيض الأسعار، وهذه الإجراءات ستؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات كافة وزيادة تكلفة الإنتاج ومعدلات التضخم لتصل إلى ثلاثة أرقام تؤدي هذه الإجراءات إلى رفع سعر الدولار وبقية العملات الحرة في السوق الموازي بصورة غير مسبوقة، وبالتالي تخفيض قيمة الجنيه السوداني بدلاً عن تعزيز قيمته. كما تم الاتفاق على مسودة موازنة 2020 التي قدمها الوزير ومن ضمنها وظائف الشباب ومعالجة غلاء المعيشة, ورفع مستوى الأجور للأطباء والمعلمين وأساتذة الجامعات وموظفي الحكومة والرواتب والأجور عامة وإزالة التشوهات الخاصة بالمرتبات وصرف معاشات الذين فصلوا تعسفياً والذين دخلوا سن المعاش بالقوات النظامية كافة, مضاعفة الصرف على الصحة والتعليم والالتزام بمجانية التعليم والعلاج ومنع فرض الرسوم وزيادة كفالة الطالب الجامعي،
وتعزيز الحماية والرعاية الاجتماعية للفئات الخاصة وأصحاب الدخل المحدود.
رفض رفع الدعم :
وأكدت قوى الحرية والتغيير على ضرورة إيقاف تطبيق الموازنة التي قدمها وزير المالية والتأكيد على رفض رفع الدعم الحكومي عن أية سلعة من السلع في موازنة 2020 وأية إجراءات تؤدي إلى تخفيض قيمة العملة الوطنية، والتأكيد على ضرورة تكوين فريق مشترك من خبراء قوى الحرية والتغيير ولجان وزارة المالية لإصلاح الموازنة الحالية لتتوافق مع رؤى قوى الحرية والتغيير وأهداف الثورة في محاربة الفقر أو اعتماد موازنة مؤقتة تصدر بأمر مؤقت لمدة أشهر حتى الفراغ من وضع موازنة بديلة لبقية العام .

The post الموازنة المؤقتة.. (سيد الرايحة ).. appeared first on الانتباهة او لاين.

اترك رد