اخبار السودان لحظة بلحظة

حزب الفاتح جبرة أم الصادق المهدي

عبر صفحته بالفيس بوك اطلق الأستاذ الفاتح جبرة الدعوة لقيام حزب سياسي يضم لجان المقاومة و الشباب الثائر و تجمعات المهنيين ، و يستهدف الحزب الفوز بالانتخابات القادمة . الملامح التي ذكرها الأستاذ الفاتح جبرة للحزب الجديد انه حزب الأغلبية الصامتة ، حزب الملايين التي صنعت الثورة ، و الحزب الذي سيحمي الديمقراطية من السرقة .

هذه الفكرة ليست غريبة على الوسط السياسي بعد الثورة ، إذ تكررت الدعوة لأحزاب بهذا الشكل و اخرها دعوة مولانا سيف الدولة حمدنا الله التي انطلق منها الأستاذ الفاتح جبرة ، بينما أوضح دعوة في هذا الصدد هي دعوة الامام الصادق المهدي لتجمع المهنيين بالتحول إلى حزب سياسي .

تعدد هذه الدعوات يدل فعلا على شبه اتفاق في الفضاء السياسي السوداني على أن هناك حوجة لحزب سياسي جديد يحرك الجمود و يضخ مزيدا من الحيوية و التنافس في الساحة ، خاصة في الانتخابات القادمة و التي يبدو أنها في ظل غياب احزاب سياسية جديدة و فعالة ستؤول كما العادة إلى أحزاب الامة و الاتحادي ذات الأغلبية الجماهيرية التاريخية .

حزب الأستاذ الفاتح جبرة يبدو حتى الآن أقرب إلي تحالف انتخابي بين كيانات متعددة جمعها الشارع في ثورة ديسمبر ، و الف بين قلوبها اعتصام القيادة . و فكرة الكيان المركزية تتمحور حول مفهوم ايجابية قيادة التيار الشبابي الثائر المستقل لأول حكومة منتخبة بعد الفترة الانتقالية مما يضمن تحقيق شعارات الثورة و يضمن إستدامة الديمقراطية عبر وجود حاضنة شبابية هائلة العدد و متماسكة و قادرة على حماية حكومة حزبها في وجه الانقلابات و المغامرات العسكرية ، و هو ما لم يحدث في الديمقراطيات السابقة .

قد تبدو الفكرة جميلة و براقة و سهلة و لكنها ليست كذلك و انما تنطوي على كثير من الإشكالات التي ستظهر تباعا اذا لم يلتفت إليها الأستاذ الفاتح جبرة و رفاقه و أولها إفتقار الحزب السياسي الجديد للانسجام بين مكوناته الجماهيرية و هو عدم انسجام ناتج عن إختلاف المكونات الفكري و عن اختلاف البيئات الثقافية التي تنطلق منها و منطلقات التغيير فيها ، هذا غير أزمة القيادة و المؤسسية و الثقة ، فمن هم القادة و ما هو تاريخهم السياسي و النضالي ؟ و ماهي الهياكل الحزبية و كيف تتم تعبئتها من بين عضوية الحزب ، هل بالانتخاب ام بالكفاءة ؟ و غير ذلك من الأسئلة التي قد تؤثر على تصميم برنامج الحزب و خاصة عند مواجهته بالأسئلة الصعبة في الساحة مثل أسئلة العلمانية و تقرير المصير و الاقتصاد اشتراكي ام رأسمالي و العلاقات الخارجية و إصلاح القوات المسلحة و القصاص للشهداء و غير ذلك من الأسئلة التي قد يصعب الاتفاق عليها بين هذه الفسيفساء الجماهيرية الواسعة .

و من هذا المنطلق فدعوة السيد الصادق المهدي لتجمع المهنيين للتحول إلى حزب سياسي تبدو أكثر معقولية من دعوة الاستاذ الفاتح جبرة حيث ان المهنيين يجمعهم الانسجام المهني كما أن الثورة أفرزت لهم قيادة معروفة و مجربة نضاليا ، كما أنتج جسمهم هيكلة معقولة يمكن الانطلاق منها ، هذا غير الثقة التي يحظى بها التجمع في أوساط الشعب عموما و الشباب خاصة و التي ستكون الرصيد السياسي الأضخم له في مواجهة بقية الأحزاب السياسية ، و الثقة في النتخابات مهمة جدا عند الشعب السوداني الذي تعتمد ثقافته الاجتماعية على اختيار أهل الثقة دوما للقيادة بغض النظر عن معايير موضوعية أخرى كثيرة .

اذا لم تفلح دعوة الاستاذ الفاتح جبرة و الأمام الصادق المهدي في تكوين أحزاب سياسية بالطريقة التي طرحوها فيبقى في الإمكان ظهور مستقبلي لأحد القيادات المستقلة البارزة ببرنامج عملي ينافس به مباشرة في الانتخابات الرئاسية على منوال ماكرون في فرنسا او قيس سعيد في تونس و يستقطب به أصوات الناخبين الشباب و يفوز بجدارة .

sondy25@gmail.com

اترك رد