اخبار السودان لحظة بلحظة

فورين بوليسي: تركيا الرابح الأكبر من التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط



ترك برس

نشرت مجلة فورين بوليسي تقريرا عن التحولات الجيوسياسية الأخيرة في الشرق الأوسط، والأسباب التي تدفع تركيا إلى التمحور مع إيران وروسيا رغم عضويتها في حلف شمال الأطلسي، معتبرة أن أنقرة هي الرابح الأكبر من هذه التحولات.

ويقول التقرير إن الاستراتيجية الجديدة التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في سوريا، التي تؤشر إلى الابتعاد عن مهمة القضاء على تنظيم داعش، والتحول إلى هدف على احتواء إيران، لم تأخذ في الحسبان تحديا مهما يتمثل في الاصطفافات المتغيرة في المنطقة، والتي اشتدت بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.

وأوضح التقرير أنه في أعقاب الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، بدا من المؤكد أن القوى الإقليمية المدعومة من واشنطن المتمثلة في دول الخليج وتركيا وإسرائيل ستنجح في عزل نظام الملالي. لكن عوامل محلية وإقليمية ودولية كثيرة تضافرت لتفادي هذا الوضع القائم منذ زمن طويل. وكانت النتيجة الأكثر أهمية لهذه التطورات هي انجراف تركيا بعيداً عن الولايات المتحدة وتوجهها نحو إيران وروسيا.

ووفقا للتقرير، فإن هناك عدة أسباب لاصطفاف أنقرة المستجد مع طهران وموسكو. أولها، أن “وصول رجب طيب أردوغان إلى سدة الرئاسة التركية في عام 2014 كان مؤشرا على تحول في سياسة البلاد… وعلى غرار طهران وموسكو أصبحت أنقرة معادية للغرب أكثر من أي وقت مضى. وبهذا المعنى فإن تركيا تنحرف عن حلف الناتو، وتتقارب مع روسيا وإيران.”

ويضيف أن نظرة أردوغان لتركيا بوصفها زعيما للعالم السني، جعل السعودية منافسا أكثر منها حليفا. وكانت جريمة اغتيال خاشقجي أحدث حلقة في سلسلة من التطورات التي فاقمت التوترات بين تركيا والسعودية، وخاصة بعد انضمام أنقرة إلى طهران في دعم الدوحة في خلافها مع السعودية.

وفي الآونة الأخيرة، وقعت تركيا صفقة لشراء أنظمة الصواريخ S-400 الروسية الصنع، مما دفع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إلى تحذير تركيا من ضرورة إعادة النظر في هذه الخطوة، لأن حلف الناتو لن يكون قادراً على دمج هذه الأسلحة في منظومته الدفاعية.

ويقول التقرير إنه بالنسبة لتركيا، يبدو التقارب مع إيران وروسيا  في الوقت الراهن أكثر ملاءمة لها من حلف الناتو، لأن أنقرة مشغولة باستقرار سوريا، وهذا الهدف يتوافق مع الأهداف الإيرانية والروسية. و”لكل من روسيا وإيران وتركيا مصلحة مشتركة في في الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، الأمر الذي يمكن أن يساعدهما على تفادي احتمال تقسيم سوريا وفشل الدولة الذي يمكن أن ينتشر ويهدد بقاءهما.”

ويلفت التقرير إلى سبب آخر يدفع تركيا إلى التقارب مع إيران، وهو أنها “أكثر قلقا بشأن الأكراد من قلقها إزاء داعش. وقد تكون إيران في وضع أفضل من الولايات المتحدة وحلف الناتو للمساعدة في تهدئة المخاوف التركية بشأن مستقبل الأكراد”، واستطرد التقرير أن “إيران تشعر، مثل تركيا، بأنها مهددة بشكل كبير من تنامي قوة الميليشيات الكردية، وترى البلدان أن تقطيع أوصال سوريا وانفصال الأكراد قد يؤديان إلى منحدر زلق يشجع سكانهما الأكراد ويهدد سلامة أراضيهما.”

ورأت المجلة أنه على الرغم من عدم الثقة المتبادل بين إيران وروسيا وتركيا التي لها تاريخ من التنافس والحروب المدمرة، فإن لديها حالياً عددا من المصالح المشتركة وإدراك لللتهديد المشترك، الأمر الذي يدفعها إلى العمل معاً بشكل وثيق في كثير من المجالات، بما في ذلك في المجالات العسكرية والاقتصادية.

ماذا تعني التحولات الجيوسياسية في المنطقة بالنسبة لواشنطن

وتقول المجلة إن تركيا هي الرابح الأكبر من التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وتستفيد من هذه التحولات في تحسين صورتها في العالم الإسلامي كدولة قائدة.

وفيما يتعلق بتأثير التقارب التركي مع روسيا وإيران في سوريا في الاستراتيجية الأمريكية في سوريا، قالت المجلة إن نجاح سياسة الولايات المتحدة في سوريا يعتمد جزئياً على تركيا. ونتيجة لذلك، يجب أن تفهم واشنطن الأهداف الإقليمية الرئيسية لتركيا وأن تقيم قدرة حلف الناتو على إحباط تحول غير مرغوب فيه في ميزان القوى الإقليمي.

وأضافت أن من المرجح أن يؤثر إعادة اصطفاف تركيا مع روسا وإيران في الحملة الأمريكية الجديدة في سوريا واستمرار سياسة واشنطن في الشرق الأوسط ككل. ورداً على هذا التطور تقترح المجلة على  واشنطن أن تفكر في استخدام نفوذها لإظهار أن لديها الوسائل والإرادة السياسية على حد سواء للمساهمة في استقرار سوريا.

وخلصت المجلة إلى  أن الرياض لن تكون قادرة على الخروج من الوضع الذي وضعت نفسها فيه بعد اغتيال خاشقجي، ولن تستطيع فعل الكثير  لإيقاف زخم المشهد الجيوسياسي المتحول بسرعة، حيث تظهر إيران وروسيا وتركيا ككتلة متماسكة.

وأردفت أن هذه الدول الثلاث يمكن أن تتجاوز المسرح السوري، وتعمل على إعادة صياغة  أكثر جوهرية للقوة في جميع أنحاء المنطقة، الأمر الذي سيكون له آثار طويلة الأجل بالنسبة للولايات المتحدة.

اترك رد