حاولت أن أحبس أدمعي ولكنها تفلتت مني كقطرات الندى منهمرة حتى بللتني وأنا أشاهد “قبل قليل” حلقة من برنامج ” قلبي اطمأن ” ، والتي صادفت هذه المرة معلم سوداني بمدرسة ابتدائية بدولة يوغندا.
مدرس جغرافيا وتاريخ يعول أسرة من ثلاثة أطفال يتقاضى راتباً زهيدا لا يسد حتى حاجته من قوت لأطفاله، ناهيك عن علاجهم وترفيههم وأجرة سكنه، ظل يستدين حتى أثقلت الديون كاهله ورسمت مسحة حزن تتلمسها على صفحة وجهه!
بدأ المعلم بوجهه الحزين المحبوب، هادئا حامدا شاكرا لله بلا ضجر على ما أنعم، وهو يتحدث مع مقدم البرنامج الملثم الشاب الاماراتي “غيث” ، يسأله عن حالهم بالمدرسة وما يتقاضونه من أجر إن كان يكفيهم فأجابه لايكفي بالطبع ولكننا “على الله” .
وقد كان فعلاً صادقاً فيما يقول بأنه “على الله” عند حُسن ظنه بربه، عندما أخرج “غيث” أوراقا قال له هي طلب تقديمه لوظيفة بالمدرسة ليقدمها إنابة عنه لإدارة المدرسة.
يُفاجأ المعلم بأن الأوراق عبارة عن طلبات له لسلفيات ينتظر من إدارة المدرسة أن تنظر فيها لينفقها على قوت وعلاج أطفاله!
فيرد بدهشة لم تخرجه عن هدوئه ” هذه طلباتي” !
يجبه “غيث” نعم وهذا ما طلبت من سلفة وأضعافها، ثم حساب بنكي ليصرف كل شهر منه ما يغطي نفقاته.
انهمرت الدموع من خد وجهه المتوضيء ثم قال : ليلة القدر تأتي ليلا ولكنها جاءتني نهارا حمدا وشكرا لك يارب .
يا الله ما أعظمك فقد تجلى في هذا المشهد علمك وقدرتك وتدبيرك لعبدك، سبحان من يسخر عباده لعباده، من أقاصي الأرض و يقدر المقادير سبحانه.
( وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا )
ابومهند العيسابي
الخرطوم (كوش نيوز)