اخبار السودان لحظة بلحظة

دفار (الشعبي)!!

كثيرون حاولوا أن ينالوا من الثورة السودانية ومن سلميتها التي التزمت بها وهي تدخل للشهر الخامس، إلا من بعض التفلتات المحدودة والطبيعية في مواجهة (دولة عقيمة) استمر حكمها لمدة (30) عاماً بعد الاعتداء (المرفوض) الذي وقع على قيادات المؤتمر الشعبي في صالة قرطبة بالصحافة.
البعض وجد ضالته في السخرية من الثورة والتشويه لها من جراء ذلك الفعل الذي أدانه الجميع بما في ذلك التيارات الثورية وحتى الحركات المسلحة الموجودة بالخارج وهذا تأكيد آخر لسلمية الثورة، ولجمالها الذي جعل كل الأجسام السياسية والمتشددة منها ترفض ذلك السلوك وتدينه.

لولا الثورة، لوجد الغالبية العظمى من الأحزاب المعارضة في ذلك الاعتداء متنفساً، أو على الأقل كانوا وجدوا له مبرراً، وكانت إدانتهم ورفضهم للاعتداء على أعضاء المؤتمر الشعبي لن تكون بذلك الشكل الصارخ، لحزب ظل شريكاً أساسياً في الحكم، بعد أن كان جزءاً أصيلاً في السلطة قبل المفاصلة 1999م.
أن نلتقى في تلك الإدانة وأن نرفضها بذلك الشكل الجماعي القوي، فإن ذلك شيء يحسب لـ(بركات) ثورة ديسمبرالمجيدة.
حدث ذلك في ظل الدعوات المباشرة والصريحة التي خرجت تدعو إلى الفتنة والقتل وتسوّق للخلافات والانشقاقات باسم نصرة الشريعة والتي لم يهزمها إلا النظام السابق بما فعل من تجاوزات وما حلل من حرمات للاستيلاء على المال العام وللترويج للفساد ليكون هو المناخ السائد في طقس النظام السابق.
(2)
هناك الكثير من المرارات والجراح التي ما زال يحملها أبناء هذا الشعب من النظام السابق بسبب ما تعرضوا له من ظلم وما وجدوه من انتهاكات ومس للحريات الشخصية وعبث فيها ، لكن مع ذلك كانت الصور التي نشرت لأعضاء المؤتمر الشعبي والدماء تلطخ ملابسهم البيضاء تثير في النفوس التعاطف التام مع تلك الفئة التي تعرضت للاعتداء … وتبقى صورة أعضاء الشعبي وهم داخل (الدفار) لترحيلهم لسجن كوبر أمراً أغضب الجميع وإن كان (الدفار) بذات الشكل كان أداة من أدوات القمع والضرب عندما كانت تتم حملات الخدمة الإلزامية بشيء من الفوضى والقمع، وكانت (دفارات) المحليات تقدم صورة أبشع من تلك الصورة التي شاهدناها لأعضاء المؤتمر الشعبي وهي تجمع (عدة) بائعات الشاي وتلاحقهن في الأسواق وشارع النيل قبل أن يصبح متاحاً ليقطع مصدر رزقهن الوحيد.
الأيام دول– ولكن مع ذلك لا نريد لتداول الأيام أن يكون بهذه الصورة. الذين يرفضون الظلم عندما يقع عليهم يجب أن يكون رفضهم أقوى عندما يقع على غيرهم، كما أن الحريات لا تتجزأ، فهي مكفولة للجميع، وليكن العقاب والحساب بالقانون وعن طريق القضاء المنزه والخالي من الشوائب السياسية التي كان تعكر صفاءه في العهد البائد.
(3)
أحسب أن التفلتات التي بدأت تظهر أخيراً في الساحة بعد أن التزمت الثورة بسلميتها كل هذه الفترة، نتاج للتيارات المتشددة التي بدأت تتحرك الآن، ولا أعفي تصريحات الشيخ عبدالحي يوسف أو (تهديداته) من نتاج تلك الأفعال، طالما كان هناك شيخ في علم ووقار عبدالحي يوسف يدعو إلى نصرة الشريعة في شوارع الخرطوم عن طريق (القتل).
الشريعة انتشرت وانتصرت بالحوار والحريات والشفافية والعدل والتسامح والنماذج والأمثلة المشرفة لها – ولم تنتصر (الشريعة) يوماً في بلد مسلم بالقتل أوالقمع.

> فكيف لعبدالحي يوسف بعد كل ذلك السماح والسلام والتصالح المتواجد في الشريعة الإسلامية أن يدعو لها بتلك الغلظة والفظاظة، ألم يتوقف الشيخ عبدالحي يوسف يوماً عند (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).

اترك رد