اخبار السودان لحظة بلحظة

هل تنجح الولايات المتحدة في الانسحاب هذه المرة؟



برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

تحولت مسألة الانسحاب الأمريكي من سوريا إلى “قصة إبريق الزيت”. بفضل قدراتها العسكرية المتنوعة تحتل الولايات المتحدة البلدان الأخرى بسهولة، لكنها لا تحقق النجاح نفسه على صعيد الانسحاب.

كما أنها لا تستطيع تأسيس دولة في البلد الذي تحتله، ولا تتمكن من الانسحاب منه في المهلة المحددة. وأبرز الأمثلة على ذلك العراق وأفغاستان. والآن تتخبط في سوريا.

تعمل واشنطن على تجربة خيارات قد تثير المشاكل، رغم اقتراحها من قبل على أنقرة منطقة آمنة بعمق 20 ميلًا.

توجه ساسة واشنطن إلى خيار تسليم المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم “ي ب ك” لقوات أوروبية، بعد أن كانوا يفكرون بـ “قوات عربية”.

بحسب خبر لواشنطن بوست فإن الحلفاء الأوروربيين رفضوا طلب ملء الفراغ الذي سيتشكل عقب الانسحاب الأمريكي، وفي حال انسحاب الولايات المتحدة سيغادرون هم أيضًا سوريا.

من الواضح أنه ليس من الحكمة بالنسبة للعواصم الأوروبية، في حال انسحاب واشنطن، الدخول في مغامرة تسبب لها صداعًا لمدة طويلة مع أنقرة.

لماذا؟ لأن تركيا حليف وثيق وباب يحمي أوروبا من الإرهاب وتدفق اللاجئين، مع أن القارة العجوز لم تؤدِّ ما يقتضيه واجب الحليف في الحرب السورية وقضية اللاجئين..

نشوب خلاف بين تركيا وأوروبا في مسألة خطيرة مثل تهديدات تنظيم “ي ب ك” يعني حدوث اضطراب طويل الأمد في العلاقات بين الجانبين. كما أن أوروبا بحاجة إلى تركيا أكثر من الولايات المتحدة. يمكنها حل المشاكل الناجمة عن الشرق الأوسط بالتعاون مع تركيا.

من جهة أخرى، يزداد التوتر بين موسكو وواشنطن. مؤخرًا قال بوتين إنه في حال توسيع الولايات المتحدة شبكة صواريخها في أوروبا فإن روسيا ستوجه صواريخها الجديدة نحوها.

سيكون موقف تركيا هام في تحقيق توازن في الضغط الروسي على أوروبا. وفي هذا السياق، وجه أردوغان رسائل مباشرة إلى العواصم الأوروبية، فقال إن الخيار الوحيد لعودة اللاجئين هو إنشاء مناطق آمنة.

وأكد أردوغان أن تركيا لن تستطيع مواجهة موجة لجوء جديدة بمفردها، وأن السوريين غير القادرين على العودة إلى بلدهم سيتجهون في نهاية المطاف إلى أوروبا.

وشدد على أن تقديم الدعم لمنطقة آمنة تحت إشراف تركيا سيكون “مساهمة تقدمها البلدان الأوروبية من أجل أمنها القومي”.

عبثًا يعمل ساسة واشنطن على خيارات لا طائل تحتها. الخيار الوحيد الصالح هو “منطقة آمنة تحت إشراف تركيا”. وهذا الخيار سيساهم أيضًا في تحسين العلاقات التركية الأمريكية من جهة، وتحقق أمن العواصم الأوروبية من جهة أخرى.

يمكن القيام على الأكثر بتجربة مؤقتة من أجل “منطقة آمنة” تحت إشراف قوات عربية أو أوروبية، وهذه التجربة لن تكون ناجحة قطعًا..

الخيار الأخير ترك المنطقة لروسيا وإيران والنظام، وهذا يعني الاعتراف بفشل الانسحاب الأمريكي من سوريا. فهل تنجح واشنطن في الانسحاب دون إثارة المزيد من المتاعب؟

اترك رد