الخرطوم: عبد الرحمن صالح
درج السياسيون السودانيون على اتخاذ القاهرة منفى يقضون فيه فترة نقاهة، ونجد كثيراً من السياسيين بمجرد اختلافهم مع الحكومات داخل البلاد أو إقالتهم من مناصب حكومية كانوا يشغلونها، يتوجهون مباشرة للعيش في القاهرة، والأمثلة كثيرة، إذ نجد منهم الرئيس الراحل جعفر نميري ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي مولانا محمد عثمان الميرغني والراحل الصادق المهدي وبعض منسوبي حركات الكفاح المسلح، وآخرهم مدير جهاز الأمن الأسبق صلاح عبد الله (قوش)، فكلهم اتخذوا مصر وجهة لهم عقب خروجهم من السلطة في البلاد .
حسناً.. فلم يقتصر التوجه للقاهرة على هؤلاء فقط، فقد كشفت صحيفة (السوداني) أمس عن مغادرة كبير المستشارين السابق لرئيس الوزراء الشيخ خضر السودان إلى مصر يوم السبت الماضي. فيما كشف مصدر رفيع بقوى إعلان الحرية والتغيير للصحيفة أن مدير مكتب الشيخ خضر د. أمجد فريد غادر أيضاً إلى ذات الوجهة أمس الأول الأحد، منوهاً بعدم معرفة أسباب المغادرة المفاجئة. وأضاف قائلاً: (المغادرون إلى مصر لم يقفوا عند حدود طاقم مكتب حمدوك السابق، بل سبقهم الثلاثاء الماضي وزير الصناعة والتجارة السابق مدني عباس مدني). ورفض المصدر الإفصاح عما إذا كانت الرحلة بالتنسيق بين الثلاثي، مستبعداً أن يكون الأمر مرتبطاً بالتطورات الماثلة بالبلاد أو استبعادهم من الأجهزة التنفيذية، مرجحاً أن يكون الأمر مرتبطاً بالاستجمام والراحة بعد ضغوط الفترة الماضية. ويبقى السؤال هل خروج الثلاثي وتوجههم للقاهرة (غاضبين) لكي يتخذونها (كمنفى) دائم أسوة بمن سبقهم من السياسيين، أم فترة (نقاهة) واستجمام يقضونها ومن ثم يعودون للبلاد؟
ولم يستبعد المحلل السياسي أبو بكر محمد عوض أن يكون خروج الشيخ خضر ومدني عباس وأمجد فريد من السودان للقاهرة بهذه السرعة لأنهم صاروا (غاضبين) على الحكومة، وقال في حديثه لـ (الانتباهة): (لا استبعد أن يغيروا خطابهم السياسي، وأن يكون معادياً للحكومة، خاصة أن مدني عباس قبل مغادرته وجه انتقادات لاذعة لمجلس شركاء الفترة الانتقالية) .
وقال أبو بكر: (ربما يكون هناك تحالف وعلاقات تجمع بين مدني عباس وأمجد فريد والشيخ خضر)، وأضاف قائلاً: (كثر حديث أمجد فريد في الإعلام سابقاً عن أن مدني عباس باق في منصبه وزيراً للصناعة)، ونبه إلى أن الحديث عن خروج الشيوعي من مكتب حمدوك بخروج أمجد فريد والشيخ خضر حديث يصعب تأكيده في هذه الفترة، وقال: (لا نقول بخروجهم إن الشيوعي خرج من مكتب حمدوك، لأننا لا نعرف القادمين لشغل هذه المناصب حتى الآن)، وأضاف قائلاً: (رشح حديث في الفترة الماضية عن تعيين القيادي السابق بالحزب الشيوعي الشفيع خضر في مكتب حمدوك) .
وأكد أبو بكر أن علاقات مدني عباس بالمصريين كانت وطيدة وجيدة في الفترة السابقة خلال توليه حقبة وزارة الصناعة، وقال: (أكثر التعاون المصري كان مع مدني، وأحضروا له المخابز، وربما وطد مدني علاقته مع مصر أكثر وذهب هناك للإقامة فيها).
واستبعد المحلل السياسي عبد اللطيف محجوب أن يكون توجه الثلاثي أمجد فريد والشيخ خضر ومدني عباس للقاهرة من أجل تغيير خطابهم السياسي تجاه الحكومة، وقال في حديثه لـ (الانتباهة): (ربما خرجوا غاضبين، لجهة أنهم يفتكرون أنهم الدينمو، باعتبار أنهم كانوا المحرك لمكتب رئيس الوزراء وسياساته في الفترة الماضية)، ونبه إلى أن استبعادهم من المناصب تم بسبب الضغوطات التي تعرض لها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من قوى الحرية والتغيير وجهات أخرى، بأن وجود هؤلاء الأشخاص في مكتبه يمثل عبئاً على سياساته ويحول دونه والآخرين .
وأكد عبد اللطيف أن ذهاب وزير الصناعة السابق مدني عباس للقاهرة ليس (غضباً) وإنما فترة استجمام ونقاهة، وأضاف قائلاً: (مدني حتى الآن يعتقد أنه مازال داخل الحكومة، وربما ذهابهم في هذا التوقيت يكون مصادفة وليس مرتباً له، وإنما ذهبوا للاستجمام والنقاهة من العمل الشاق والمتواصل خلال الفترة الماضية)، ولفت إلى أن رئيس الوزراء عمل في اتجاه إبعاد الحزب الشيوعي من مفاصل اتخاذ القرار، لجهة أن الحزب الآن بقي في موقع المعارضة، وأضاف قائلاً: (وجود هؤلاء في مكتب حمدوك غير مناسب وليس في صالحه، باعتبار أن السياسات التي اتخذها يرفضها الحزب الشيوعي)، وجزم بأن تغيير الشيخ خضر وأمجد فريد لخطابهما السياسي الآن بعد خروجهما ليس له تأثير، وقال: (حتى لو (ركبا) صف المعارضة فلن يكون لهما تأثير، لأنهما ليسا من القيادات البارزة في الحزب) .
المصدر: صحيفة الانتباهة