يلاحظ بوضوح خلال الفترة الأخيرة التداول الكثيف للشائعات والأخبار المزيفة من خلال مواقع التواصل الإجتماعي وغالبا يكون ذلك لغرض ما يود مطلق الشائعة تحقيقه.
وقد أصبحت وسائل التواصل الإلكتروني تلعب دورا كبيرا في نشر الاخبار الزائفة التي تروجها وتستفيد منها جهات معينة، واضحت مرتعا خصبا لهذه الشائعات بسبب الكم الهائل من الرسائل التي تلاحقنا بهذه الأخبار غير الصحيحة وبلا توقف.
تأثير الشائعات والأخبار المزيفة على الناس يتحدد تبعا لما تتضمنه الشائعة من محتوى، فإن كانت متعلقة بأشياء لها علاقة بمعاش الناس فهنا يكون التاثير كبيرا بسبب القابلية الكبيرة للناس لتصديق الشائعات من هذا النوع حتى وإن لم يتوفر لها منطق معقول أو دليل على إمكانية حدوثها.
كذلك تتسبب الشائعات في اضرار للدولة والمواطن، الضرر للدولة يتمثل في حالة الارتباك التي تخلقها و ما قد يترتب عليها من تصرفات بعض الناس وردة فعلهم في التعامل مع تلك الشائعات، أما المواطن فقد يتأثر سلبا بالشائعات وما تفضي إليه وقد تكون تلك الخسارة أو ذلك الضرر ماديا او معنويا.
هناك إستخدام آخر للشائعات منتشر في كل انحاء العالم وهو ما يعرف “بالتسريبات” وهو أن يتم إفشاء خبر او موقف معين لجهة ما والغرض في هذه الحالة هو التاثير على أحداث آنية يتم التفاوض حولها او لأجل معرفة الرأي العام حول موضوع معين، وفي هذه الحالة يكون الإستخدام غير مرتبط او مسبب لضرر لجهة ما في المجتمع، وهو ما يجب الحرص على تجنب حدوثه، هذا إضافة إلى ان استخدام التسريبات لتمرير مواقف بعينها هو تقليد شائع الإستخدام في كل دول العالم وفي أغلب الأحيان يتم ذلك عن طريق الأجهزة الإعلامية ومن خلال المحللين السياسيين والماليين والاقتصاديين والرياضيين وغيرهم الذين تكون لديهم صلة بمراكز صنع القرار ويتم كل ذلك بحرفية عالية وبقدر كبير من الانضباط.
ولكن ما نحن بصدده هنا هو الشائعات الهدامة والأخبار المزيفة التي يسعى مروجوها إلى التكسب أو احداث ارتباك معين يسمح لهم بانجاح وتمرير مخططاتهم الخبيثة.
ولذلك يجب التحذير من خطورة نشر الشائعات والأخبار غير الصحيحة والتي غالبا تكون مجهولة المصدر.
فالملاحظ أن المجموعات التي تتكون على مواقع التواصل الاجتماعي هي دائما المصدر والمستقبل لها، لان أغلب هذه الشائعات يتم تداولها بين الأعضاء والذين لايهتمون كثيرا بالتحقق من صحة الخبر أو المعلومة بقدر ما يهمهم تحقيق “السبق” وإعادة الإرسال للمجموعات والأفراد وهذا ما يفاقم من المشكلة ويجعلها تتدحرج وتكبر ككرة الثلج.
وقد فعلت حسنا بعض الجهات والمواقع الاعلامية الإلكترونية – رغم قلة عددها – التي تعمل على فضح هذه الأخبار المزيفة وبيان عدم صحتها وهو ما يساهم في تقليل المخاطر التي يمكن ان تسببها هذه الممارسات.
وعليه يجب علينا اخذ الحذر والتدقيق والتروي قبل إعادة إرسال الأخبار التي تكون مجهولة المصدر خاصة أن الاستدلال على صحة وموثوقية الاخبار وتفاصيلها لم تعد مهمة صعبة مع توفر الإنترنت وسهولة الحصول على المعلومة الصحيحة من الموقع الرسمي للجهة المعنية.
وقد اتاح التقدم التكنلوجي إمكانية تزييف وتحريف محتوى الفيديوهات وتركيب الأصوات المزيفة لها بخلاف أصوات أصحابها الحقيقيين وهذا شيء أصبح في متناول اليد، بالإضافة لصعوبة اكتشاف مثل هذه التغييرات “الدبلجات” والتي تتم بطريقة متطورة ومتقدمة جدا، لذلك يجب الحرص وعدم الوقوع في فخ الترويج لهذه المواد.
لا يخفى على أحد الإمكانيات الكبيرة والسهولة الفائقة التي وفرتها لنا وسائل التواصل المختلفة عبر الإنترنت والتي جعلتنا نبقى متواصلين على مدار الساعة مع الاهل والاقرباء وبتكلفة زهيدة لو قارناها بالمكاسب المتعددة والمتمثلة في التواصل والحصول على المعلومات وتبادل الأفكار وتبني المبادرات لأعمال الخير ومساعدة المرضى والمحتاجين من الأهل والأصدقاء، وقد اثمرت العديد من هذه المبادرات عن إنجاز مشاريع كبيرة تخدم اعداد كبيرة من الناس مثل تمديد شبكات المياه وتوصيل الإمداد الكهربائي وغيرها، والتي ما كان لها أن ترى النور لولا التفاعل والسهولة في التواصل من خلال هذه الأدوات التكنلوجية.
ولكن في المقابل افرزت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من السلبيات المتمثلة في المحتوى المزيف وغير الصحيح للكثير مما ينشر وايضا ابتداع نشر المستندات والمكاتبات الحكومية والتي تكون مزيفة وغير صحيحة في أغلب الأحيان وهو ما لا ينبغي أن يتم بهذه الطريقة حتى إن كانت مستندات صحيحة إلا عبر المواقع الرسمية للجهات الخاصة بها.
ما من شك أن التكنلوجيا وفرت لنا الكثير من الأشياء المفيدة إلا انها في نفس الوقت لا تخلو من بعض المساويء المرتبطة بها بالطبع، ولكن يظل حسن إستخدامها والاستفادة مما توفره من فوائد مرهونا بوعي المستخدمين وادراكهم ومدى تحملهم للمسؤولية القانونية والاخلاقية التي تتطلب الحرص على نشر المحتوى الهادف وعدم نشر الاخبار المزيفة والترويج لها.
على الوزارات والادارات الحكومية أن تستفيد مما توفره ثورة التكنلوجيا والمواقع الإلكترونية الموثوقة من خلال خدمة الاستضافة المجانية للمنصات الاعلامية، كذلك يجب عليهم تنشيط المواقع الاكترونية الخاصة باداراتهم وتحديث محتواها من المعلومات والأخبار بشكل منتظم حتى لا تترك الناس فريسة للشائعات والأخبار الغير صحيحة.
من الأشياء الجديدة على مستوى الخدمة المدنية في السودان والتي شهدتها شخصيا خلال الفترة الماضية تلك المنصة الاعلامية لمكتب وزير الدولة بوزارة البنى التحتية السابق على موقع لينكدان (LinkedIn) الشهير والتي كانت تنشر أخبار الوزارة وانشطتها وأعمالها مدعمة بالصور بشكل منتظم وبطريقة احترافية ومميزة، فله ولطاقمه التنفيذي المعاون منا التحية على هذه البادرة الحسنة ونتمنى أن تتبع الوزارات الأخرى هذا النهج في توفير المعلومة للمتابعين الشيء الذي سيضفي قدرا اكبر من الشفافية على أعمالها.
المصدر: صحيفة الانتباهة