الخرطوم : هنادي – هالة
حذر خبراء إقتصاديون من خطورة توجيهات بنك السودان المركزي للبنوك وكل شركات الصرافات، والتمويل الأصغر والمؤسسات المالية الأخرى بالعمل بسياسات البنك للعام 2021م والتي تهدف إلى خفض معدلات التضخم وضبط التوسع النقدي الناتج عن تمويل المركزي للحكومة فضلاً عن استقرار أسعار الصرف، والتي نصت السياسات الجديدة على أن تقوم كل المصارف بفتح نوافذ لشراء وبيع تحويلات المغتربين والتعامل عبر (الكاونتر) والتحويلات الأخرى بسعر المصدرين والمستوردين بغية توظيفها لاستيراد السلع الضرورية، كما وجه الصرافات بشراء وبيع تحويلات المغتربين بسعر المصدرين والمستوردين على أن يتم توظيفها لأغراض السفر والعلاج، وأعتبروا القرار بالتحرير غير المعلن، لسعر الصرف، وتسابق من الدولة للزمن في تنفيذ متبقي أجندة صندوق البنك الدولي.
إيجابيات القرار
ويؤكد الأمين العام لجهاز المغتربين مكين حامد تيراب إن فوائد منشور بنك السودان كثيرة للبلاد لجهة أنها مرتبطة بسياسات الدولة في معالجة الإخفاقات على مستوى الدولة المتعلقة بجذب مدخرات المغتربين من العملات، وأضاف لـ(الإنتباهة) حال تم تفعيلها بصورة جيدة سيكون لها مساهمات كبيرة خاصة بعد الإنفتاح على العالم الخارجي مما يعكس الجوانب الإيجابية للقرار، جازماً بأنه يشكل معالجة لإشكالات المتاجرة بأموال المغتربين المهاجرين لجهة أن معظم أموالهم الآن يتم تدويرها خارج النظام المالي السوداني بسبب الإخفاقات التي صاحبت الفترة الماضية إبان فترة العهد البائد، واستبشر بالمرحلة المقبلة قائلاً أنها ستكون بها فوائد كبيرة على البلاد . وأشار إلى أن أموال المغتربين المجنبة تقدر بحوالي (٦) مليارات دولار، وكشف عن الشروع في معالجة جوانب فنية كثيرة بهذا الشأن
وتشير التقارير الحديثة إلى أن السودان يعد الدولة الوحيدة في العالم التي تشهد تدنياً في معدل التحويلات بدرجة عالية .
علامة استفهام
وقال رئيس اللجنة التسييرية لإتحاد المصارف د. طه حسين أن الفقرة التي ذكرت في منشور سياسة بنك السودان للعام ٢٠٢١م بأن يكون تعامل تحويلات المغتربين بسعر المصدرين والمستوردين يمثل استفهاماً، لجهة أن الأسعار الموجودة التي يتم التعامل بها لم تمكننا من تحديد أن يقوم البنك المركزي بإعطاء منشور إضافي لتلك السياسة النقدية، لجهة أن أي منشور يستخرجه المركزي ويحتاج لشرح يتم استخراج منشورات، وأضاف نحن بحاجة لتحديد هذا المنشور الذي يحدد سعر المستوردين والمصدرين، لجهة أنه إلى الآن السعر الموضح للعيان هو سعر السوق الاسود وذلك لعدم تحديد المركزي وجود سعر يسمى المصدرين والمستوردين، وقطع في حديثه لـ(الإنتباهة) إن الجانب المهني يوضح أن المستوردين والمصدرين يعملون على تبديل الحصائل وفقاً للسعر الجاري المحدد في تاريخ الحصيلة، لجهة إرتباطها بإجراءات البنك المركزي وتقدر مدتها الزمنية بـ(٢١) يوماً تكون فيها حصيلة الصادر موجودة وبعد ذلك يلزم بتحويلها لحساب الاستيراد لصاحب الحصيلة، لافتاً إلى أن هذا الأمر يحدث في كل الحصائل المتعلقة بالسلع الاستراتيجية أو السلع الضرورية، مشيراً إلى أن ما أتى به البنك المركزي يحتاج لشرح أو منشور يوضح السعر الذي يتعامل به، وحال لزم المركزي الصمت عن هذا السعر يصبح بذلك السكوت عن السعر الموازي ويعتبر بذلك تشجيعاً للمغتربين، بيد أنه يكون بذلك مدروساً من جانب واحد وهو أن يكون حافزاً للمغترب دون التركيز على أن يكون السوق الأسود متماشياً مقارنة بالسعر الموجود، وتوقع طه أن يحدث دوامة من إرتفاع الأسعار مع الاستمرار بها، لجهة أن هذا القرار يصعب تنفيذه وتطبيقه عملياً مع الزيادة في سعر الصرف إلا حال تم تنفيذ سياسة واضحة للحصائل الموجودة من الذهب وتنزيلها خطوة واحدة واستخدام السلع الاستراتيجية بدلاً من السلع الضرورية يمكن أن يؤدي لنجاح سياسة المغتربين، لأن حصيلة الذهب تعمل على ضبط السوق الموازي، بيد أنه يمثل المعيار لتحديد سعر المستوردين والمصدرين وهو من أتت به السياسة ويمكن بذلك أن يكون إحدى الأدوات التي تعمل على نجاح السياسة التي يقوم بها البنك المركزي، لافتاً إلى أن هذا الجانب فني لجهة أن البعض لا يعرف أن حصائل الذهب مرتبطة بمنشور محدد بأن تتعامل فقط في السلع الاستراتيجية سواءً كانت دواءً أو قمحاً أو البترول، وتابع : حال تم تحويل الحصائل باستخدام السلع الضرورية من ضمنها الآليات الزراعية وغيرها سيحدث استقرار لحجم الحصائل وبالتالي استقرار للسوق وقد ينخفض سعر الصرف، وحدوث وزنة للمصدرين والمستوردين التي استند إليها البنك المركزي كمؤشر واضح لسعر الدولار للمغتربين .
خطوة انتحارية
ويرى الخبير الإقتصادي د.محمد الناير أن سياسات البنك المركزي لعام ٢٠٢١م التي أجيزت مؤخراً، أهمها السماح للمصارف بفتح نافذة لشراء وبيع تحويلات المغتربين ببيع بسعر المصدرين والمستوردين وتوظيف هذه المبالغ او العائد بالنقد الأجنبي لاستيراد السلع الاستراتيجية والضرورية، مؤكداً أن هذا تحرير غير معلن، لسعر الصرف، وقال لعل الدولة تسابق الزمن في تنفيذ متبقي أجندة صندوق البنك الدولي وتريد تنفيذ قضية تحرير سعر الصرف بأسرع وقت ممكن وهذه خطوات على الأقل تتخذها الدولة نحو قضية التحرير، لافتاً إلى أنهم أطلقوا تحذيرات من قبل أن عدم وجود إحتياطي من النقد الأجنبي يتراوح مابين (٥) إلى (4)مليارات دولار يمكن الدولة أن توفر هذا المبلغ عبر تحرير سعر الصرف دون وجود أي مخاطر ويمكن أن تدير قضية سوق النقد الأجنبي بسياسة سعر الصرف المرن بكفاءة عالية دون وجود أية إشكالات، وأضاف أن شراء وبيع مدخرات المغتربين من قبل الصرافات بسعر المصدرين والمستوردين لمقابلة إحتياجات الأفراد للسفر للعلاج بالخارج كل هذه السياسات لن تحقق النجاح المطلوب إلا بتحفيز المغتربين وجاءت فقرة التنسيق مع الجهات ذات الصلة لإبتكار الآليات بحوافز لجذب المغتربين متسائلاً « لماذا لم يتم الإعلان عن هذه الحوافز .لجهة أنها تساعد كثيراً في قضية الاستفادة من تحويلات المغتربين بصورة كبيرة بمعنى أن من يقومون بالتحويل عبر السوق الموازي يستفيدون من كثير من الإمتيازات التي لا تحقق عبر السوق الرسمي أي أن المغترب أحياناً يتصل بالشخص الذي يحول وأحياناً يجرى التحويل دون أن يدفع المقابل بالنقد الأجنبي هناك بالريال أو الدرهم أو غيره ويتم تسليم أسرته بالداخل ويمكن أن يدفع هذه بعد أسبوع أو أكثر هذه الميزات لا تتوفر في القطاع المصرفي وبالتالي خدمة التوصيل إلى المنزل هذه الخدمات لا تتوفر لدى القطاع المصرفي وكي نجذب المغتربين للذهاب إلى البنك في دولة المهجر وإكتمال الإجراءات الرسمية وسداد المبلغ والتحويل عبر نافذة رسمية هذا يتطلب تسهيلات كبيرة، مشدداً على ضرورة وضع تحفيز كبير بجانب وجود رؤية واضحة للحوافز كي تكون مكملة لهذه السياسات ويتم تفعيلها بصورة سريعة مثل قضية شروع الدولة في تخصيص مساحات في أماكن مميزة والإتفاق مع شركات وطنية وشركات مقاولات لجهة أن القطاع الخاص لديه أموال كثيرة والدولة يمكن أن تتفق مع القطاع الخاص بإنشاء أبراج يتم العمل فيها عبر جدولة سداد قيمة التمويل للشركات الخاصة على سنوات محددة وبالتالي طرح هذه الوحدات السكنية بأسعار جيدة أقل ما تعرض في الشركات الخاصة بأقساط يمكن أن تستمر إلى عشر سنوات والسداد بالنقد الأجنبي وفي هذه الحالة لا يكون هنالك سؤال كم حساب الريال أو الدولار بقدر مايكون السؤال بقيمة الوحدة السكنية بالنقد الأجنبي هي المعايير الأساسي لهذا الأمر ويكون المغترب قد وجد هذه القيمة جيدة متميزة وهو يستحق ذلك.
جزم الناير إن هذه عوامل سريعة وعاجلة لجذب هذه التحويلات وتجعل الشخص يقوم بالتحويل وسداد أقساط الشقق السكنية وتكون مملوكة له وكذلك يمكن إعفاء المغتربين لسيارة واحدة لمرة واحدة مقابل ترتيبات محددة، وتساءل لماذا لم توضح السياسات بجانب إتخاذ قرار ملحق لتوضيح هذه الحوافز ليتم القضاء على السوق الموازي والتحويلات خارج المنظومة المصرفية، وطالب ببذل جهد كبير من قبل المصارف في زيادة شبكة المراسلين أو العمل على بناء شبكة كبيرة منتشرة في كل بقاع العالم والعمل على تحفيز المغتربين تحفيزاً مجزياً لضمان إنسياب النقد الأجنبي .
وأعتبر قضية تحرير سعر الصرف وتوحيده ستكون خطوة إنتحارية إذا لم يتوفر للدولة إحتياطي لا يقل عن (4) إلى (5) مليارات دولار ومن ثم إدارة هذا الإحتياطي بصورة صحيحة وسليمة تساعد على جذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي وإلا سوف تشهد هذه الخطوة كثيراً جداً من التدهور في المؤسسات الإقتصادية أكثر مماهو عليه، وذكر على الدولة في حال تحكمت بالإحتياطي الذي ذكرته تستطيع أن يكون لديها كنترول عبر آلية السوق وليس تدخل على سعر الصرف. وإلا ستشهد قيمة العملة مزيداً من التدهور، واستعجل الدولة في الإعلان بأسرع وقت ممكن لحوافز المغتربين والتي يمكن أن توفر تدفقات بالنقد الأجنبي سريعة وعاجلة تكون مضمونة وسريعة الحدوث، مما يخلق ضماناً لعدم إنهيار قيمة العملة الوطنية.
حسم أمني
شدد الخبير المصرفي إبراهيم أونور إلى ضرورة أن تكون هنالك إجراءات أمنية تمنع من تداول العملات خارج القنوات الرسمية كما يسري في كل العالم ، لجهة أن التحويلات بالسوق الأسود تعيد رفع السعر، لجهة تمتعهم بإمكانيات كبيرة، إضافة للسياسات التحفيزية بتحويل العملة بالسعر المتداول في السوق، ونبه أونور في حديثه لـ(الإنتباهة) على ضرورة أن يكون هنالك حسم أمني إضافة للإجراءات الإقتصادية لاستقطاب مدخرات المغتربين
وسبق وأن ألزم بنك السودان المركزي في 2017م في إطار الجهود الرامية لتسهيل إنسياب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج وفي سبيل تقديم خدمات مصرفية مميزة لهم جميع المصارف بتسليم تحويلات المغتربين بنفس العملات التي تم التحويل بها كما يعلن عن تعامل جميع المصارف العاملة بالبلاد في استقبال وتسليم تحويلات المغتربين عبر فروع مخصصة (نوافذ) تعلنها المصارف لأغراض تذليل العقبات وتقديم أفضل الخدمات المصرفية لجمهور السودانيين العاملين بالخارج، بيد أن الخطوة لم تجد إقبالاً كبيراً من قبل العاملين بالخارج،
قال الخبير الإقتصادي عبدالله الرمادي أنه حال تم التحويل للمغتربين بسعر السوق الموازي سيقوم التجار بالموازي برفع السعر وعرضه على المغتربين بأسعار أعلى ويتحول الأمر لمزاد، وتساءل قائلاً : هل سيقوم بنك السودان بالدخول مراراً وتكراراً بالدخول معهم في هذا الأمر ؟، وأبان في حديثه لـ(الإنتباهة) أن وجود السوق الأسود نتيجة الإختلالات الإقتصادية بالأضافة للتهريب الذي يمنع من السيطرة على صادرات الذهب والصمغ وغيرهما من الموارد، وجزم الرمادي بعدم إصلاح الإقتصاد دون وقف نزيف التهريب، ونوه البنك المركزي بعدم الدخول للمنافسة في الدولار إلا إذا توفرت حصائل صادر مليارية من الدولارات ودون ذلك لا يتجرأ بالدخول في هذا الأمر.
المصدر: صحيفة الانتباهة