أكدت وزيرة المالية المكلفة د. هبة محمد علي، إجراء تعديل تدريجي لسعر الدولار الجمركي في مقبل الأيام القادمة مما يمهد بصورة تلقائية الى اشتعال نار التضخم الذي وصل إلى معدل كارثي وهو رأي يعضده غالبية الملمين بالشأن الاقتصادي في البلاد ويعزِّز من عملية هروب المستثمرين خوفاً من تآكل رؤوس الأموال في حال التطبيق.
ويرى المستشار الاقتصادي د. عبد الله الرمادي أن تصريح وزير المالية المكلفة حول إجراءات الطواري في موازنة ٢٠٢٠م بأن تعديل سعر الدولار الجمركي يقصد به صعوداً وكنت أتمنى أن يقصد به نزولاً في سعر الدولار وأن يكون الرفع تدريجياً معناها المبالغ ليس بالبسيطة إذا تمت بالتدرج وهذا في حد ذاته تضخم بامتياز في بلد وصلت فيه معدلات التضخم لـ114% وقراءة الخبراء الاقتصاديين انها تجاوزت الـ(136%) وهذا معدل ينذر بخطر ويشل ويوقف حركة الاقتصاد لما يحدثه من انعدام للرؤية في المستقبل، ولا يستطيع المستورد أن يستورد ولا المستثمر أن يسهم وهذا أخطر شيء، وعجلة الاقتصادي تتعطل نتيجة لعدم وضوح الرؤية ويؤدي إلى هروب المُستثمرين خوفاً من تآكل رؤوس الأموال، فضلاً عن سحب الكثيرين لأموالهم من المصارف وشراء الأصول الثابتة كالذهب والسيارات وغيرها، وبالتالي تَتَوَقّف عجلة الإنتاج ويكون هناك عجز في إيرادات الدولة، والركود ضرره بالغ على الاقتصاد.
وقال الرمادي لـ(الصيحة): ما كان ينبغي الإقبال على هذه الخطوة لأنها تفاقم المشكله الاقتصادية، وقال إن الدولار الجمركي الآن في حدود الـ ١٨ جنيهاً وهذا سعر غير واقعي، وشدد على أهمية أن يكون هنالك سعر صرف واحد، وتساءل لماذا تترك فئة الرسوم ثابتة وتحرّك سعر الدولار وهذه بدعة كان لوزارة المالية أن لا تدخل فيه وهذا موروث من سياسات سابقة وسعر الصرف المتعدد علة لأزمة الاقتصاد منذ زمن طويل وما زالت مستمرة، كانت هناك سبعة أسعار للدولار وهذه عملية مخلة، لذا لا بد من عمل رسوم جمركية مختلفة وتحريك الفئات، وان لجوء وزارة المالية لهذا لعجزها في الموازنة وهذا يوفر لها موارد ولكن له مضار كبيرة لأنه يشغل المزيد من نار التضخم وصب الجاز على نار التضخم المشتعلة، وحذر من المغالاة في هذه الزيادات.
ومن جانبه، أكد أحد العاملين في قطاع الاستيراد أن القرارات لا تُتخذ هكذا، لا بد من دراسة مستفيضة لواقع الحال في البلاد لتأثيراتها الكبيرة وينعكس ذلك على المواطن الذي اكتوى بنيران الغلاء وجشع التجار، وتوقع في حال تطبيق زيادة الدولار الجمركي، خروج العديد من المستثمرين من البلاد لأنهم لا يستطيعون المغامرة بأموالهم، لذلك لا بد من دراسة كل الجوانب التي تخص هذا القرار.
وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي د. حسين القرني، إن الدولار الجمركي هو رسوم حكومية تفرضها الدولة على الواردات وقد تكون هذه الرسوم شاملة كل الواردات أو تكون هنالك استثناءات لسلع مُعيّنة، والمعروف أن الدولار الجمركي يختلف عن الحسابي أو الرسمي للحصول على إيرادات من السلع المستوردة من الخارج، وقال في حديثة لـ(الصيحة) إن الفترة الأخيرة رفعت الحكومة الدعم عن الجازولين والبنزين بنسبة معينة وما زالت تتحدث عن رفع الدعم عبر الموانئ البحرية والبرية والجوية، لأن الدولار الجمركي يمثل مصدر إيرادات لخزينة الدولة ويدعم الميزانية وغالباً ما تستعمله السلطات في تحسين ميزانيتها وتحسب به الدخل لمقابلة مصروفات الحكومة، وأشار القوني إلى الآثار السالبة المترتبة على القرار من ارتفاع تكلفة الواردات التي تفرض عليها جمارك لتحسّن من وضع الميزانية، كلها من شأنها زيادة تكاليف السلع المنتجة محلياً، ومن المعروف أن زيادة الجمارك تؤدي الى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية التي يتم إنتاجها من سلع مستوردة مما يؤدي إلى زيادة التضخم وحينها يضطر المواطنين ترك شراء السلع وينخفض الاستهلاك لتلك السلع أو وفق الشراء، وهذا له انعكاسات اقتصادية واجتماعية كبيرة وقال إذا كانت الجمارك شاملة لكل الواردات يمكن أن يؤثر سلبا على كثير من الأنشطة والأعمال التجارية والصناعية والخدمية بسبب ارتفاع الأسعار وقد يكون له انعكاسات على مستوى عدد العاملين في النشاط المعين وشدد على ضرورة الموازنة بين الفوائد الاقتصادية والآثار الاجتماعية عند تطبيق اي رسوم جمركية على الواردات.