اخبار السودان لحظة بلحظة

30 يونيو وعودة الروح للجسد

سعيد عباس…صورة وعمق

تبع احد العلماء جنازة لأحد تلامذته. واثناء بداية توسيد الجسمان داخل اللحد جذب العالم يد احد طلابه وقال له ارأيت ان اعاد الله الروح لذلك الميت ووهب له الحياة من جديد وخرج من القبر كيف ترى سيكون؟ رفع الطالب حاجباه لأعلي حتى بانت اساريره وقال، سيؤمن بالله اكثر ولا يشرك به شياً ويضاعف من العبادات والطاعات ويكثر من الصدقات ولا يقول الاخيرا حتى يغتنم الفرصة ليلاقي ربه بصورة اتقى وافضل ، ضحك العالم وقال لطالبه اذا اعتبر انت هو ذلك الشخص ووهب الله لك تلك الحياة مرة اخرى فماذا انت فاعل؟
..
حال ذلك الطالب الذي انتابته الدهشة من حديث استاذه بعودة الروح اليه من جديد يكن كحال حكومة الثورة التي بعد ان ظن الجميع بأنها قد ماتت في قلوب ثوراها ومنتسبيها بسبب الظروف الاقتصادية والضائقة المعيشية ، والغلاء الطاحن بالبلاد. يأتي الثوار في 30 يونيو في تظاهرة عملية (عودة الروح للجسد) من جديد ،اكثر المتفائلين لم يدر بخلده ان يخرج الشارع بتلك المليونية. مؤيدين ومناصرين للثورة ورافعين شعاراتها في عنان السماء ، فهذا ان دل انما يدل على ان ثورة ديسمبر هي ليست ثورة جوع او ثورة من اجل المأكل والمشرب بل هي ثورة وعى واستنارة وحرية وانعتاق من براثن الاغلال والكبت والظلم ، كتب في اليومين الماضيين الاستاذ الكبير عثمان ميرغني ان احد اللصوص قد دخل مكتبه خلسة وسرق هاتفه الجوال الا ان اللص قد خلع (الشريحة) ووضعها في مكان ظاهر وبائن للعيان، بذلك يقول ميرغني ان السارق قد كشف عن هوية وعيه الثقافي لأهميه (الشريحة) وكشف عن نفسه بأنه سارق مثقف وواع ، كذلك مليونية 30 يونيو كشفت عن حقيقة وعى وثقافة الثوار السودانيين الذين ملؤو الشوارع والازقة والطرقات وبلغت هتافاتهم عنان السماء ، المتظاهرين كشفوا عن حقيقة وعيهم السياسي وثقافتهم الثورية العالية.تجاه حكومتهم التي اتوا بها وما يؤكد ان ثوار المليونية على وعى ثقافي وسياسي عاليين هو انهم لم يخرجوا مناصرين للنظام وسط استقرار اقتصادي وتوفر للوقود ورخاء للاسعار ونزول للدولار بل خرجوا في قمة خضم الازمة الاقتصادية والصحية لنظامهم مناصرين ومؤيدين له وفي ذلك رسالة للعالم قاطبة ، بأن الثوارت يحرسها الوعى الجماعي للثوار ، ضف الى ذلك ان الثوار لم يتم حشدهم و(شحنهم) وترحيلهم وتوفير النثريات والمأكولات والمشروبات لهم . كما يفعل سماسرة التحشيد بالنظام البائد ، اعاد الثوار الروح لجسد النظام من جديد وحصدوا (لايكات) الاعجاب والتقدير والاحترام واعادوا الكرة الى ملعب النظام من جديد فهل يحسن النظام استغلال ذلك التعاطف وتنميته والحفاظ عليه بمزيد من تجويد الاداء في دواوينه ومؤسساته الحكومية ؟عملية (عودة الروح للجسد) والمليونية الهادرة في 30 يونيو تأتي مثل ضربة جزأ في الثواني الاخيرة لتأهل احد الفرق فهل يستغل النظام رضاء تلك الجماهير الهادرة ويحرز تلك الفرصة هدفا اسطوريا في مرمى خصومه ويتأهل بجماهيره الى رحاب اعلى وارحب ام سيخذلهم ويحبط من روحهم المعنوية والثورية، على الحكومة العمل بخلاصة قاعدة عودة الروح للجسد مرة اخرى، عدم ارتفاع النظام بالوضع المعيشي والاقتصادي للبلاد في ظل مناصره الملايين له سيعرضة لنكبة سياسية وسيادية قد تنخر في قاعدته الجماهيرية العريضة وتهز من ثقة ثواره ومناصريه فيه ووقتها لات حين مناص .
صورة نادرة : خرج الملايين مناصرين في ظل وضع مأزوم فكيف يكون عددهم في حال استقرار الوضع
صورة مفخرة : تظاهر الثوار ساعة ارتفاع درجات الحرارة متناسين خطورة (الكورونا) لأجل نصرة ثورتهم ، في حب ياخوانا اكتر من كدا.

اترك رد