أيمن مزمل
يحدثك بصوته الهادئ ونظراته إلى الأرض تواضعاً وأدباً، لو طلبت منه إعادة ما قال فلا تستعجب ان امتقع وجهه بحمرة الخجل. هذا الرجل الخجول لن تعرفه إذا أدار محرك سيارته، فإنه يتحول إلى (شيطان رجيم)!!!.مارد خرج من قمقمه…. ولربما برزت أنيابه الأمامية!!..ونما فوق رأسه قرنان… واستطالت أظافره.. وتحول جلده الى فراء…وتطاير الشرر من عينيه…هذا هو حال صديقي مع قيادة السيارة… .سرعة جنونية.. حينما يتخطى سيارة في الطريق يناور بإهمال قاصدا إرباك السيارات الأخرى. حينها تسمع ضحكاته الشيطانية تجلل المكان فلو أن المشهد دراميا لأضاف المخرج المتحمس صوت برق ورعد في الخلفية!!! …صوت منبه السيارات الأخرى الممتعض يملأ المكان نتيجة سرعته الزائدة… ولربما أخذ يشتم السائقين الآخرين بأقذع الألفاظ..!! سائقة تعسة قد تخطته في براعة فازداد جنونا..وكأنه فارس يمتطي خيلا في معركة ما ليصيح (لا نجوت إن نجت)..!!! إن صوت محرك سيارته يلعلع في جنون مع ازدياد سرعة السيارة، لن يهدأ له بال حتى يلحق بتلك الفتاة التعيسة ويتخطاها ليثبت براعته…. بمجرد وصوله الى وجهته وتوقف السيارة وسكون محركها يعود الى حالة الهدوء والتهذيب التي يعرفه الناس بها، وهكذا يعيش بشخصيتين.
هل وصل حد مرض (انفصام الشخصية)؟ لا أعلم…!!!
في عالم الفيس بوك يغير الناس جلودهم بمجرد دخولهم على الموقع الأزرق … حيث أن أنيابه الأمامية قد تبرز!!..ويقوم في رأسه قرنان… وتستطيل أظافره.. ويتحول جلده إلى فِراء…ويتطاير الشرر من عينيه..بمجرد أن يضغط على أيقونة تسجيل الدخول ويرى الكم الهائل من البوستات المختلفة، فيذهبوا في مشارب شتى.
هناك من يكثر من الأدعية وآيات الذكر الحكيم، مع اختياره للمسجد النبوي الشريف كصور رمزية لحسابه، حتى إذا رأيته على أرض الواقع وجدته (حبيب أبو لهب ذات نفسه ). هو بعيد كل البعد من أي مظهر للتدين على كل حال!!!! .. إنه النفاق الالكتروني أيها السادة…!!!! أحد أشد أنواع النفاق انتشارا في أيامنا هذه بعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي. هم يتخفون خلف الكلمات الرنانة المنمقة والصور (الفيسبوكية) الكذوبة والتي لا تستبين حقيقة صاحبها.
من أنواع النفاق الإلكتروني في منصة فيسبوك أسلوب (المثقفاتي) صاحب التعليقات العميقة والذي يعتقد أن لديه سحر البيان. في الغالب فأن درجة اطلاعه المعرفية الحقيقية قد لا تتعدى مجلة (ميكي) ولربما صابر نفسه يوما ما ليكمل أحد الغاز (المغامرون الخمسة)، إلا أن لديه موهوبة سرقة بوستات الشعوب الأخرى ومحاولة (سودنتها) وإعادة إنتاجها في قالب جديد. حينما يرد عليك بأحد تعليقاته (المتعمقة) تستشعر أداء الفنان (محمود عبدالعزيز) في مستشفى الأمراض العقلية في فيلم (الدنيا على جناح يمامة) والممرضون يعملون على تهدئته بقولهم (اهدأ يا بلحة!!!) وبلحة حينها يحاول جاهدا شرح مصطلحات وكلمات رنانة لا تستسيغها أذهان العامة.
أخطرهم على الإطلاق هم راكبو موجة السياسة الجدد على مواقع التواصل الاجتماعي والذين الى عهد قريب لم يقرأوا من الصحف إلا (الصفراء منها). ومن الرياضية إلا تلك التي تحتفي بإخفاء النجوم قبل موسم التسجيلات. ومن المواقع الالكترونية لم يتابعوا إلا تلك التي تهتم بنقل (الفضائح) لا الأخبار. لديهم شعارات رنانة لا يؤمنون بأغلبها. ولربما حدثك أحد منهم عن حرية التعبير واحترام الرأي الآخر (كطقم متكامل) لابد أن يقوله في بوستاته. ليهاجمك بكتاباته التي يتمنى عبرها أن لو يدفنك حياً. اختلاف الرأي معه سوف يجعله يلجأ إلى أسلوب الهجوم الشخصي والتي تجعل الطرف الآخر ينزوي الى ركن قصي في محاولة للدفاع عن النفس لا الفكرة. والخلاصة الشعور براحة نفسية وانتصار عظيم ضد الأعداء (فكرياً) لأنه قد (القمهم حجرا) ونالوا ما يستحقون. بعد أن يغادروا العالم الافتراضي فإنهم يعودون الى طبيعتهم الوديعة الهادئة وأخلاقهم الرفيعة التي يعرفها عنهم مجتمعهم وأهليهم. أظن ان الفيسبوك أخذ يستقطب عددا لا يستهان به من الموتورين والمجانين و(المنفسنين) والذين يحتاجون إلى جيش جرار من الأطباء، ألم تلحظ معي أن المجانين الذين يزدحمون في (صواني) المرور سابقا قد قل عددهم؟