اخبار السودان لحظة بلحظة

السودان: مزاهر رمضان تكتب: لو دامت لغيرك

الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل

وهج الفكرة
مزاهر رمضان

لو دامت لغيرك

لا تسعوا للحكم ولا تحسدوا أحدا على منصب وزاري او رئاسي أو إداري …فوالله لنزع روحه أهون عليه من نزع منصبه ! وهذا ما عبر عنه القران (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) فقد عبر عن انتهاء فترة الحكم بالنزع لأنه من النادر أن يتنازل أحد عن الحكم طواعية..وغالبا ما يتم انتزاع الحكم منه بالقوة لذا تكون نهايته محزنة ومؤثرة فإنه إذا لم يتم قتله أودع السجون أو هرب تاركا بلاده أو عاش كئيبا ذليلا…فما أقسى أن تكون ملء السمع والبصر ثم يتحول بك الحال إلى خمول الذكر ومغادرة الأضواء وتبتلعك ذاكرة النسيان..ما أسوأ أن تستغرقك الامتيازات والصلاحيات و (سيادتك ويا ريس ويا معاليك ) ثم تجد نفسك بين يوم وليلة تطاردك اللعنات والركلات (وسيادتو بقى في رويحتو دي)…فكم من حكام ورؤساء ووزراء تمت تصفيتهم بطريقة تجعلك تتمنى أن تعيش مزارعا فقيرا طوال حياتك…وكم من أهل الحكم من توزعتهم المنافي والمخابئ كما الجرذان…بل إن بعضهم صار يتكفف الناس ويعرض أمجاده القديمة ليتم توظيفه في وظيفة تطعم جوعه وأسرته وقد يوظفه البعض من باب (ارحموا عزيز قوم ذل)..ولكنه يظل يتحسر على أيام السطوة والنفوذ حتى تلم به الأمراض وتفارق محياه البهجة ويسير في الشارع مجهولا منبوذا بلا مواكب ولا تعظيم..
والبعض ممن ينتزع ملكه يظل (يفرفر) رافضا ذلك فيحاول بشتى أساليب المكر والدهاء استعادة ملكه ولو أدى ذلك لأن يولغ في دماء الناس ولا يمكنك اقناعه بأنه كان عهدا وولى وأن الأيام دول وأنها لو دامت لغيرك لما آلت إليك ولكن أوهامه تصور له أنه الأصلح للإدارة أو الحكم وتجده غاضبا من جحود مرؤسيه وثورتهم عليه فيظل يمني نفسه بالعودة ويتوعد وتعاوده سكرة الحكم والنفوذ ويرى أنه أحق بالأمر من غيره..
هي الدنيا تتقلب بأهلها وتذيق محبيها من الويل والثبور ما لا تذيقه لمبغضيها لذا جاء التوجيه النبوي (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)..
هذه المناصب أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة وقد كان السلف يتحاشونها ما أمكن إلا أن يتم إجبارهم عليها من ولي الأمر فيطيعونه ويجتهدون في العدل والتخفف من متاع الدنيا فيعيشون بين الرعية متواضعين زاهدين متعففين عن (المال العام) يقيمون الليل يبكون ويعتذرون إلى الله ويقول قائلهم (ليت أمك لم تلدك يا عمر) (وليتني كنت شجرة تعضد) (وأعفني منها يا أمير المؤمنين) كانوا مع عدلهم ونزاهتهم ومحبة الناس لهم خائفين من أمانة الحكم كارهين لها بينما حكام هذا الزمان (مكنكشين) في الحكم رغم الظلم والتضييع وسوء الإدارة وكراهية الناس لهم..هؤلاء هم الذين يتم انتزاع الحكم منهم انتزاعا مؤلما وقاسيا.
فكيف يتمنى العاقل أمرا يعلم مغبته وسوء عاقبته !! وقد أوصى بعض العلماء بعدم الإقتراب من الحكام وصحبتهم وكأنهم نار تحرق من يقترب منها.. إنك لو تمنيت ذلك الحكم وفقا لمؤهلاتك وخبرتك وفي نيتك الإصلاح والنزاهة فستحاصرك الضغوط وتزين لك حاشية السوء ما لم يخطر ببالك وتجد نفسك مجبرا على السير في طريق محددة لو حدت عنها فقدت منصبك ولو سرت فيها لم تسر إلا مكرها…ورويدا رويدا يسكرك الحكم وتسري نشوته في عروقك وتلامس فطرة السيطرة والإستعلاء في دواخلك فتحيلك إلى شخص ينكره معارفه ويقولون (فلان تغير) وأنت نفسك لا تعرفه ولكنه ولد وسيعيش زمانا ما ثم تأتي الصدمة التي إما أن تعيدك إلى شخصك القديم نادما كسيرا أو تجعلك (تفرفر) رافضا إقصاءك. و (في الحالتين أنا الضايع).

The post السودان: مزاهر رمضان تكتب: لو دامت لغيرك appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد