اخبار السودان لحظة بلحظة

عبدالحميد عوض يكتب: ادركوا غندور

البروفسير، إبراهيم غندور، رئيس حزب المؤتمر الوطني المحظور، أحد “مناضلي “الكي بورد” الجُدد،اختار في أول يوم من أيام العيد توجيه خطاب مصور لزملائه ورفقائه من المناضلين بمناسبة العيد.
الخطاب مدته 6 دقائق و37 ثانية، بدأه غندور بالحديث عن جائحة كورونا والأخطاء العديدة التي ارتكبتها الحكومة فيها، والانهيار الصحي الذي يراه ماثلاً، وهذا نقد مقبول ومفهوم، وتمنيت أن يكون أستاذ طب الأسنان البروف غندور، أكثر شجاعة ونخوة وشهامة، ليقدم اعترافاً باسم نظامه البائد يختص بتجاهل القطاع الصحي، وتخصيص فتات من مصروفات الموازنات للصحة، وتحمل جزء من مسؤولية ما حدث وسيحدث لسنوات جراء ذلك الأهمال.
أوزار أخرى في عنق حزب غندور المحظور ورموزه وقواعده التي ظلت في حالة تحدٍ لأبسط الإرشادات الصحية في مواجهة كورونا، وظل الحزب، خلف أكثر من ستار، طوال الأشهر الماضية، يحرك التجمعات في كل المدن والهتاف “ما تغشونا ما في كورونا” والاعتراض على التدابير الإحترازية وتسييس المواقف منها، ولم يتسبينوا وجود كورونا الحقيقي إلا بعد وصولها إلى صفوفهم، فبدأوا الآن حملات التباكي ، ومهما يكن فإننا لانملك غير الدعاء بالشفاء لمن أصيب منهم والرحمة والقبول لمن توفاه الله .
(2)
أراد البروف غندور في خطابه، التلاعب إنسانياً بمشاعر الطلاب الممتحنين لامتحانات الشهادة السودانية، حينما تحدث عن قرار الحكومة الخاص بتعطيل الامتحانات، وفي ذلك – حسب تقديري- تجارة سياسية رخيصة، لأن مثل ذلك الإجراء قامت به كل دول العالم بإغلاق المدارس والجامعات وعطلت العمل في الخدمة العامة إلا في حدود الضروري.
الرجل ادعى، أن قيام الامتحانات في وقتها، وهو شهر مارس، كان ممكناً، والسؤال هنا: ألم يبدأ انتشار كورونا في مارس نفسه، وهل تخيل البروف حجم الإصابات التي كانت يمكن أن تحدث لو قامت في موعدها؟
(3)
رئيس الحزب المحظور، ذهب بعد ذلك للحديث عن فشل الحكومة في ادارة الاقتصاد ما أدى إلى انهياره وإلى غلاء الأسعار، ولو كنت مكانه لفضلت الصمت خجلاً لأن حزبه الذي تقلد فيه يوماً من الأيام منصب المسؤول التنفيذي الأول ، لم يعرف له يوماً إنجاز اقتصادي ونجاحه الوحيد هو القدرة والإبداع في التدمير والخراب، وعلى غندور أن يتذكر قصص الفشل الحقيقية ومنها ذهابه للبرلمان شاكياً الحكومة من عدم قدرتها على دفع رواتب الدبلوماسيين في الخارج، فهل ثمة فشل أكبر من ذلك، وهي فضيحة سارت بها ركبان العالم .

نعم كان الأفضل لغندور الصمت وهو الذي عمل رئيساً لاتحاد عمال السودان لسنوات وحينها كان الحد الأدنى للأجور 225 جنيهاً وقبل سقوط نظامه وصل إلى 425 جنيهاً ، ولم يعمل غندور في كل مناصبه على الاستجابة لمطالب العمال الداعية لزيادة الأجور والمرتبات في وقت تتضخم فيه جيوب رموز النظام ويتطاولون في بنيانهم، ويتنافسون في تعدد الزوجات .
(4)
إبراهيم غندور، وزير خارجية النظام السابق، ما فتئ وهو يسافر إلى الأمم المتحدة ويلتقي أمينها العام ويجتمع بدبلوماسييها وفي كل مرة لا يتردد في الإشادة ،بالتعاون بين السودان والأمم المتحدة ، حتى في مجال البعثات الأممية التي نشأت بموجب الفصل السابع، وطوال فترة عمله ما سمعنا به يوماً يستدعي دبلوماسياً أممياً ليحذره من مغبة التدخل في الشؤون الداخلية أو يسمي واحداً منهم شخصاً غير مرغوب فيه، علماً أن تلك البعثات جاءت ومعها مكون عسكري في الخرطوم وعدد من مدن السودان، وللبعثات الأممية منفذ خاص داخل مطارالخرطوم على بعد أمتار من مقر إقامة غندور بضاحية بري.

في خطابه أمس تلبس غندور ثوب الوطنية والسيادة متحدثاً عن رفض الوجود الأممي في السودان، وكان من الممكن قبول ذلك الاعتراض، لو صدر من شخصيات وكيانات لديها موقف مبدئي من الوجود الأممي في السودان، أما أن يأتي الاعتراض من غندور ورهطه، عرابو الوجود الأممي فامددي ياحكومة رجليك واخرجي لسانك.
(5)
يصل بروف غندور مرحلة الارتباك في الخطاب ويفقد المنطق كلياً، حينما أدان التعامل مع الموقوفين من رموز النظام البائد وعدم توفير الرعاية الصحية لهم مع ظروف جائحة كورونا ، مؤكداً أن ذلك حق من حقوقهم المشروعة التي فرضتها الأمم المتحدة في مواثيقها.
تبين عزيزي القارئ، كيف تصبح مواثيق الأمم المتحدة وكافة المواثيق الدولية مقبولة وواجبة التطبيق وملزمة، حينما تكون في صالح نظام غندور، ورموزه،، أما إن جاء ذكر مواثيق الأمم المتحدة من باب حماية المدنيين وإعادة النازحين والمهجرين قسرياً واللاجئين ودعم السلام وتعزيز التحول الديمقراطي، فهنا تكون وصايا وتدخلاً في الشؤون الداخلية .قمة الانتهازية والاستهتار بالعقول.
(6)
الآلة الإعلامية والسياسية لحزب المؤتمر الوطني، شكلت في سنوات الإنقاذ صورة وردية لبروفسير إبراهيم غندور، كشخص وفاقي، وسياسي ناعم ، وقد اقتنع البعض بتلك الصورة، دون اهتمام بالجوهر، وبعد الثورة تكشفت صورة غندورالسياسي دون رتوش.
و ننصح المقربين من البروف بالعمل على إدراك ما تبقى من تلك الصورة الوردية.

 

 

 

 

 

 

صحيفة السوداني

اترك رد