اخبار السودان لحظة بلحظة

السودان: صديق البادي يكتب: أدركوا البلاد والعباد لأن الأوضاع علي حافة الانهيار

الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل

بعد ذهاب نظام الإنقاذ السابق الذي أصبح الآن في ذمة التاريخ وفتح صفحة جديدة كان ينبغي أن تكون هناك جدية وعدم سلحفائية في المحاسبة وأن يكون القانون ولا شئ سواه هو الفيصل والحكم العدل شريطة عدم إلقاء التهم علي عواهنها وإجراء محاكمات إعلامية ولكن عندما يثبت بالشواهد القاطعة والأدلة الدامغة حدوث فساد مؤكد فان أي نزع وإعادة حقوق الشعب والدولة المنهوبة ينبغي أن يتم بإتباع الإجراءات القانونية وتقديم شكوى ودعمها بالأدلة للنيابة العامة ومن ثم تحول للقضاء ليفصل فيها بالعدل ومن ثم يتم كل شئ بعد ذلك بالإجراءات الصحيحة . وليس من الأمانة دمغ الجميع وبلا استثناء ووصفهم كلهم بأنهم فاسدون وفي هذا ظلم وافتئات وتجني علي الحقيقة وقطعاً إن فيهم طاهرين نزيهين ويوجد بينهم مهنيون كثيرون جادون في عملهم ومجالات تخصصهم ولا يمكن عزلهم لمجرد انتمائهم والمؤكد أن ذلك النظام بكل عنفوانه وسلطاته الواسعة الممتدة وتسلطه وإمساكه بكل خيوط السلطة والجاه والمال وسيطرته علي كافة أجهزة الدولة وتمدده وسعيه للسيطرة حتي علي المناشط المجتمعية . إن ذلك النظام السابق لن يعود مرة أخري وعود الثقاب لا يشتعل مرتين . وكان عدد من المسئولين الإنقاذيين السابقين يرددون وهم يتبجحون بأن عضوية حزب المؤتمر الوطني مليونية وكنا نردد وذاك النظام قائم بأنها ملايين مكتوبة علي الورق فقط تستغل وتستدعي عند انعقاد المؤتمرات القاعدية لبضع ساعات ثم ينفض سامرهم ويتم استنفارهم عند قيام الانتخابات أو عند إقامة احتفالات واستقبالات وجل هذه الجماهير لم تكن تسعي من أجل منافع ومكاسب شخصية ولكنها كانت تسعي من خلال هذا الارتباط العضوي الموسمي الواهي أن تخدم مناطقها بتقديم الخدمات لها ودرج الكثيرون منهم علي هذا النهج في مختلف العهود وتبعاً لذلك فان علاقتهم قد انقطعت بالإنقاذ التي كان ارتباطهم بها واهياً وأي حديث باسمهم الآن وتصرف بالإنابة عنهم فيه ادعاء خادع كاذب ولا يمكن وراثتهم إذ أنهم ليسوا متاعاً يورث أو عقاراً يغتني .
وكان يوجد تنظيم داخل نظام الإنقاذ عضويته قاصرة علي المنتمين إليه وهم الذين يعتبرون أهل الحل والعقد وأهل الجلد والرأس ولهم منظماتهم العديدة وحلقاتهم الداخلية في تسلسل هرمي من القاعدة للقمة وتوجد داخل هذه الحلقات الضيقة حلقات أضيق ولهذا التنظيم ميزانيات وبنود صرف مفتوحة وكل شيء كان متاحاً لهم من أموال ميزانية التمكين الضخمة ولهم صفات أمنية تتكامل مع الأجهزة الأمنية الرسمية دون تناقض وازدواجية بينهما وقطعاً إن سقوط النظام يتبعه بالضرورة فقدان تلك الامتيازات والصرف البذخي المبالغ فيه ولكن لا أدري هل لا زال هناك حبل سري مالي يقدم عبره ما يمكن تقديمه لتسيير امورهم أم لا يوجد وفي كل الأحوال توجد شلل ومجموعات هنا وهناك وبالطبع يوجد أهل مبادئ صادقين وأهل مصالح يبكون علي اللبن المسكوب والعز الدنيوي المفقود أما الملايين الذين كانت اسماؤهم مكتوبة علي الورق فقط والذين كانوا من أهل الهامش في السلطة وليست لهم عضوية في التنظيم فمن الطبيعي الا يكون لهم الآن ارتباط بجسم هلامي لا يعرفون عنه شيئاً ولا يمكن أن ينقادوا صم بكم خلف مجهول لا تربطهم به صلة وفي ظل الظروف السيئة التي يمر بها الوطن نرجو ألا يغامر بإسمهم ودون رضاهم أحد الانقلابيين الطامحين في السلطة والمتعطشين للوصول لكراسي الحكم وقطعاً أن الفشل سيكون حليفه . وقد انطوت فترة حكم الإنقاذ الطويلة وهي تجربة سودانية وانسانية سيقلب الباحثون والدارسون والاكاديمون في صفحاتها ليقفوا علي ابيضها وأسودها وصالحها وطالحها لأخذ الدروس والعبر.
والساحة فيها أحزاب صغيرة تتنمر وتحاول أن تتطاول وتتعملق وتريد أن تفرض هيمنتها وسطوتها وسلطانها علي الآخرين دون تفويض منهم وأنوفهم راغمة في التراب . وأن بعض الأحزاب الصغيرة تملأ الأرض ضجيجاً وعجيجاً في المركز وفي وسائل الاعلام والميديا الحديثة وأي عمليات احصاء في الأحياء داخل المدن وفي كافة القرى بالسودان تؤكد أن بعض الأحزاب وجودها صفرياً في جل قرى السودان وبعضها لم يسمع به أحد وعلي أحسن الفروض قد يوجد فرد ينتمي إليها هنا أو شخصين أو ثلاثة ينتمون إليها هناك وتخلو قرى كثيرة منهم تماماً وبعض الأحزاب الصغيرة العريقة قد تجد كل عضويتها لا تزيد في أحسن الفروض علي العشرين عضواً في وحدة إدارية كاملة تضم عشرات القرى . وتوجد أحزاب سودانية عريقة أضحت كالخيول المتعبة التي أضناها وأوهنها وأضعفها طول ووعورة المسير وتطاول العمر والسنين وتحتاج كل الأحزاب والتنظيمات السياسية بلا استثناء لتتفرغ تفرغاً تاماً في الفترة الانتقالية لتنظيم نفسها وإعادة بنائها وتجديد الدماء فيها دون انشغال بأي مهام تنفيذية في الدولة مع ضرورة تجاوز المهزلة الإنقاذية ( فرق تسد ) التي أدت لقيام أكثر من مائة حزب من أحزاب الزينة وعلي سبيل المثال يمكن أن تتحالف قوى اليسار في تجمع واحد والوسط العريض كذلك وألا يزيد عدد الأحزاب علي ثلاثة أو أربعة أحزاب تكون أحزاباً حقيقية تنهي مهزلة الأحزاب الكرتونية . ولا ينكر أحد أن كل الأحزاب المشار إليها آنفاً شاركت وساهمت بدرجات متفاوتة في ثورة التغيير ودورها محفوظ وغير منكور ولكن هذا لا يعني أن يكون مقابله صرف الفاتورة وتولي مقاليد الأمور وقد أمسكت في التسعة أشهر المنصرمة بتلابيب السلطة أما بالعمل التنفيذي المباشر في مجلس الوزراء وغيره من المواقع أو بالوصاية عليه من خلال الحاضنة التي تحضن الحكومة كمرشدة لها وولية لأمرها والنتيجة بكل أسف مخيبة للآمال تماماً و حدث إهمال تام لقضايا وهموم المواطنين ولم يتم حل الأزمات بل تم تأزيمها أكثر مع فشل ذريع في إدارة القطاع الاقتصادي وإهمال للقطاعات الإنتاجية والإنشغال بقضايا إنصرافية . ويدافع البعض عنهم بمبررات واهية وترديد أن الناس صبروا علي النظام السابق ثلاثين عاماً فلماذا لا يصبروا علي هؤلاء الذين أمضوا تسعة أشهر ولو شعر المواطنون بجديتهم لصبروا عليهم لأطول فترة ممكنة ولكن كل شئ أخذ يتقهقر للخلف بسرعة وتضاعفت الأسعار عدة مرات عن الأسعار التي كانت عليها في يوم 1/4/2019م وتضاعف سعر الدولار في السوق الأسود مرتين واشتدت الأزمات في الخبز والوقود والغاز وكافة المواد والسلع الضرورية وعلي رأسها الأدوية وأضحت الأسواق بلا حسيب ورقيب وغابت الحكومة تماماً وأصبحت بلا هيبة وخشية منها . وكانت الحكومة تعول علي دعم الدول الغربية والدول العربية النفطية الشقيقة لها ولكن هذه وتلك كفتا عن دعمها بسبب ما حسبتاه فعلاً أو ظناً ميول الحكومة لليسار المسيطر عليهاوعلو صوت الحزب الشيوعي والدول الغربية والدول العربية النفطية المحافظة لا يمكن أن تدعم نظاماً يكون فيه الصوت الشيوعي هو الأعلي .. وعلي الجميع ألا يدفنوا رؤوسهم في الرمال ويعترفوا بأن الأوضاع أخذت تتقهقر للخلف بسرعة حتي كاد الوطن أن يصبح علي حافة جرف هارٍِِ ويخشي أن ( ينط فيها عسكري) ليحاول تعلم الزيانة في رؤس اليتامي وهناك اجماع علي رفض واستهجان قيام أي نظام عسكري يعيد البلاد والعباد مرة أخري لعهد الزنازين والسجون وبيوت الأشباح وكبت الحريات وانتهاك حقوق الإنسان بدعوى أن الشرعية الثورية تقتضي ذلك في بداية عهده . والإنقلاب العسكري مرفوض والحكومة بوضعها الراهن تقود البلاد كل يوم من حال سيء لحال أسوا منه . ويمكن الإبقاء علي مجلس السيادة بمكونيه العسكري والمدني مع ضرورة تركيز الجانب العسكري علي الدفاع والحفاظ علي الأمن القومي لئلا يحدث إنفلات .. وتقتضي الضرورة الوطنية العاجلة غير الآجلة تكوين حكومة خبراء من الكفاءات الرفيعة والقدرات العالية ويكون من مهامها العاجلة إيجاد معالجات اقتصادية وإيلا هموم المواطنين المعيشية أقصي درجات الإهتمام وإرساء دعائم السلام وفتح قنوات التعاون الخارجي مع العالم بأصدقائه وأشقائه وانتهاج سياسة خارجية معتدلة فيها قوة بلا رعونة ولين وإعتدال بلا ضعف.

The post السودان: صديق البادي يكتب: أدركوا البلاد والعباد لأن الأوضاع علي حافة الانهيار appeared first on الانتباهة أون لاين.

اترك رد