اخبار السودان اليوم

السودان: د. حسن محمد صالح يكتب: غياب التشريعي

مشكلة الفترة الانتقالية التي نعيشها الآن تكمن في مجافاتها لتاريخ الفترات الانتقالية في السودان وآخرها الفترة الانتقالية التي أعقبت الانتفاضة (ابريل ١٩٨٥م والتي قادها المشير الراحل عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب والتي تميزت بانها فترة قصيرة (لعام واحد) وكانت فترة سلسة. يحكمها الدستور الانتقالي) وهو عبارة عن دستور السودان (للعام ١٩٥٢م) المعروف بدستور الحكم الذاتي مع بعض الاضافات والتعديلات . قوي الحرية والتغيير لاذت بالفرار من هذه التجربة الفريدة والتي نالت اعجاب العالم اجمع في نقل السلطة لحكومة مدنية عبر انتخابات حرة ونزيهة . كما ابتعدت عن دستور السودان الانتقالي لسنة ٢٠٠٥م وانتهي الامر للوثيقة السياسية او الدستورية والتي صارت نسختين لا ندري حتي الان أيهما التي تحكم الفترة الانتقالية وصار الفراغ التشريعي ظاهرا للعيان لكون العلاقة بين السيادي والتنفيذ ي هي علاقة تعايش اكثر من انها علاقة حكم وسلطة وادارة دولة بالاضافة للمحاصصة بان يحكم العسكر الفترة الاولي من عمر الفترة الانتقالية والمدنيون المتبقي من الفترة الانتقالية. وهناك من يجد العذر لقوي الحرية والتغيير لتاخير المجلس التشريعي لحين اكتمال السلام ولكن ان كان الامر مرتبط بالسلام فالحكومة نفسها وتشكيلها قبل احلال السلام اثار غضب الحركات التي تحمل السلاح ووصفوا الامر بالمحاصصة وضاعت فرصة انخراط الحركات في الثورة والمؤسسات لان المحاصصة بين الاحزاب والسعي لتمكين الكوادر الموالية لها باسم المهنية والاستقلال كان سيد الموقف.
وبعد مضي عام علي تشكيل الحكومه ها نحن نري بام اعيننا تجميد حزب الامة القومي لعضويته في قوي الحرية والتغيير (لخمسة عشر يوما) وموقف اخر مشابه لموقف حزب الامة وهو موقف المؤتمر السوداني وقوي نداء السودان بصفة عامة المنادون بتعديل النظام الاساسي لقوي الحرية والتغيير و اعادة تشكيل المجلس المركزي للحرية والتغيير في حين يقف المكون العسكري في انتظار القادم ليعده هل هو ناقص زول والله زايد. واكثر المتضررين من غياب المجلس التشريعي هو الوطن والمواطن فهناك قرارات كبيرة ومصيرية يتم اتخاذها من قبل القادة السياسيين والعسكريين في المجلس السيادي ومجلس الوزراء في غياب ممثلي الشعب في الجهاز التشريعي الانتقالي ومن ذلك اللقاء الذي جمع بين الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي ورئيس الوزراء الإسرائيلي المنصرف بنيامين نتنياهو في يوغندا في مطلع العام الجاري والخطاب الذي قام رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك بارساله للامين العام للامم المتحدة يطلب منه ارسال بعثة اممية تحت البند السادس لمدة ١٠ سنوات وهي اضعاف المدة التي يقضيها الدكتور حمدوك رئيسا لوزراء الفترة الانتقالية فهل يقرر رئيس الوزراء لمن ياتون من بعده للسلطة عبر الانتخابات خلال عقد من الزمان يتسع لاكثر من حكومة وبرلمان تخضع جميعها لما تقرره الحكومة الانتقالية ام ان السودان سوف يدخل في مشكلة شبية بالمشكلة العراقيةفي حالة تكون قيادة البعثة الأممية أمريكية لان الجنرال الذي استقبله رئيس الوزراء (في الأيام القليلة الماضية) لم يسأل احد عن جنسيته حتي الان. وبالاضافة الي هذه التحديات هناك تحدي جائحة كورونا والتي بحاجة الي الجهاز التشريعي الذي يتولي الرقابة والمساءلة عن الجائحة والاجراءات المتبعة لوقاية المجتمع وتحديد الميزانيات والاموال المطلوبة والمرصودة لمواجهة المرض والمستشفيات ومراكز الحجز والمواطنين العالقين في الخارج والمطالبين بحقهم في العودة الي ارض الوطن. غير ان اهم مهام الجهاز التشريعي هو السياسات التعليمية وما يقوم به مدير المناهج بوزارة التربية الدكتور عمر القراي من تعديلات في المنهج الدراسي والتي لا يمكن ان تحدث الا باجازتها في المجلس التشريعي بتوصية من لجنة التعليم في البرلمان هذا اذا لم نقل ان امر التعليم برمته من يبت فيه هو الحكومة المنتخبة شعبيا وليس الانتقالية ااما الاقتصاد ورفع الدعم عن السلع واجازة الميزانية العامة للدولة وزيادة اجور العاملين كلها من القضايا المصيرية والتي تحتاج للجهاز التشريعي. ولن استطيع في هذه العجالة ان اعدد واجباته وأهميته بالنسبة للمواطن وللفترة الانتقالية التي تعمل من خلال اللجان مثل لجنة ازالة تمكين النظام السابق وهي بحاجة الي ضبط قانوني ومحاسبة برلمانية حتي لا تتجاوز القانون والوثيقة الدستورية وهي الان بكل صراحة فوق القانون لانها لا تتبع لوزارة العدل او النائب العام . وغير هذه الجان هناك العديد من اللجان العدلية والقانونية والاقتصادية وهناك مفوضيات عديدة نصت عليها الوثيقة الدستورية لايمكن لها ان تنشا في غياب المجلس التشريعي الذي بغيابه يخاطب وزير الصحة المواطنين بصورة غير لائقة ويعلن صراحة انه ليس لديه ما يقدمه لمرضي الكورونا هذا الوزير لو في ظل اي حكم ملكي او عسكري يستدعيه البرلمان ويتم استجوابه ويسكب منه الثقة ناهيك عن نظام ديمقراطي وثورة شعارها (حرية سلام وعدالة). ولا يمكن ان تمر ازمة مثل ازمة الوقود والغاز والجازولين الماحقة من غير او يسال َمثلو الشعب وزير الطاقة. مشكلة الفترة الانتقالية انها تحلق بجناح واحد في غياب المجلس التشريعي علما بأن الفترة الانتقالية الحالية طويلة مع سبق الاصرار . وعليه لابد من تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي حتى يدرك ما يمكن إدراكه.

Exit mobile version