اخبار السودان لحظة بلحظة

السودان: أحمد يوسف التاي يكتب: بيت العزابة والفراخ النافق

تقول الطرفة أنه على أيام انفلونزا الطيور، مر أحدهم بمزرعة ورأى كميات كبيرة من الفراخ النافق، فراودته نفسه على أخذ أربعة سمينة منها، ونظفها تماماً وذهب بها إلى زملائه في بيت العزّابة، وصارحهم بالأمر وطفق يقول بإستهتار :(قال انفلونزا الطيور قال، نحنا والله حديد مصفح انفلونزا الطيور مابتعمل لينا أي حاجة، الحاجات دي بخوفو بيها الحناكيش مش نحنا)، صفقوا له وعملوا تظاهرة وتحدي للانفلونزا، وضّبوا الطبخة، وبعد نضوج الحلة، قام أحدهم بإفراغها داخل صحن كبير كان بجانبه، في هذه الأثناء، استشاط زعيم العزابة غضباً من صاحبه: (ياخ حرام عليك، إنت ما بتفهم عايز تسممنا ياخ ، عايز تقرضنا مالك ياخ، الصحن الكبيت فيهو الحلة دا ما غسلتو بالصابون ولا نضفتو بس طوالي كبيت فيهو الشفقة البيك شنو، مستعجل لشنو)..

هذه الطرفة قفزت إلى ذهني على وجه السرعة، وأنا قادم من كبري الحلفاية على طول امتداد شارع المعونة، أشاهد منظر الأوساخ والقاذورات ملقاة على منتصف الطريق، وجيوش الذباب والتعفن شيء لايطاق…

تذكرتُ تشدُّد زعيم بيت العزابة في غسل الصحن ونظافته وغضبته المضرية لعدم غسل الطبق بالصابون جيداً، واستغربت لتساهله مع جلب الفراخ النافق والسماح بطبخه، وهو أمر لم يغضبه ولم يثر اهتمامه بقدر ما أغضبه وأثار حفيظته عدم غسل الطبق بالصابون..

وبالطبع تذكرتُ تشدُّد الحكومة في منع الناس وحظرهم داخل بيوتهم، واستغربت لتساهلها مع تناثر هذه الأوساخ والقاذورات وهي بذلك تهييء البيئة الملائمة للجراثيم والفايروسات القاتلة وتؤثث لها منزلاً ومأوى لم تكن لتحلم به. كنتُ أود أن تهتم السلطات الصحية بالنظافة وتتشدد فيها أكثر من تشددها وحرصها على حبس الناس داخل بيوتها، حتى يتسق هذا الإجراء مع ذاك دون تناقض. 

في رأيي أن النظافة لاتحتاج إلى إمكانيات و(قومة نفس) فلايستقيم أن أراك تصرخ مثل زعيم العزابة وتتشدد في غسل الصحن بالصابون وتسمح في نفس الوقت بدخول الفراخ النافق إلى البيت، وتتغافل أشياء هي أس البلاء وهي أولى بالمنع وعدم التساهل معها مهما كانت الظروف، أظن أن القصة واضحة والعبرة أوضح..

.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..

ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

اترك رد