شيعت البلاد، صباح اليوم “الخميس”، بمقابر أحمد شرفي في أم درمان المفكر والسياسي د.منصور خالد، الذي وافته المنية في ساعة متأخرة من مساء أمس، بمستشفى علياء.
ويعد منصور خالد “الدبلوماسي والكاتب والسياسي”، من أكثر الشخصيات السودانية إثارة للجدل نسبة لآرائه المختلفة ولخطورة المناصب المحلية والعالمية التي تقلدها.
ولد الدكتور منصور خالد بامدرمان في يناير من العام 1931م في حي (الهجرة)، وينحدر من أسرة أمدرمانية عريقة فجده الشيخ (محمد عبد الماجد) المتصوف المالكي، وجده لأمه الشيخ (الصاوي عبد الماجد) الذي كان قاضياً شرعياً، وعمل في تدريس الفقه، إذ غلب على أسرته طابع التصوف، وهو ما وثقّه منصور بنفسه في سيرته الماجدية.
وتلقى “منصور”، جميع مراحل تعليمه حتى المرحلة الجامعية بالسودان، ودرس الأولية بأمدرمان، ثم مدرسة أمدرمان الأميرية الوسطى، ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية العليا، ثم كلية الحقوق جامعة الخرطوم؛ والتي زامله فيها حسن الترابي ورئيس القضاء الأسبق خلف الله الرشيد ووزير العدل الأسبق عبد العزيز شدو، حصل على الماجستير في القانون من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، والدكتوراة من جامعة باريس.
وعمل “منصور خالد”، لفترة قصيرة بعد إكمال دراسته بالمحاماة، ثم عمل بعد ذلك سكرتيراً لرئيس الوزراء عبد الله بك خليل (1956-1958)، وانتقل بعدها للعمل بـالأمم المتحدة في نيويورك، ثم منظمة اليونسكو بباريس، وعمل أستاذاً للقانون الدولي بجامعة كلورادو بالولايات المتحدة.
وبعد قيام ثورة مايو 1969م بقيادة جعفر نميري اشتغل وزيراً للشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية، إذ شهدت قطاعات الشباب إبّان وزارته نهضة كبرى تمثلت في تفعيل الشباب في الخدمة الطوعية (صيانة الطرق، بناء المشافي والمدارس الخ)، وفي إنشاء مراكز الشباب، ومراكز التأهيل، ومحو الأمية.
وأسهم منصور خالد في خلق علاقات قيمة ومفيدة مع (هيئة اليونسكو، ومنظمة العمل الدولية، وحكومات مصر والجزائر وكوريا الشمالية)، بجانب إقامته لعدد من المهرجانات الشبابية وانشاء قصور الثقافة.
وفي أغسطس 1970م استقال من الوزارة رغم اعتراضات الرئيس وكثير من مجلس الثورة، لكنه أصر عليها، لأنه رأى أن الصراعات الأيدلوجية أنهكت النظام الذي كان يعيش في تلك الفترة بالموازنات الأيدلوجية اليسارية، ورغم الفترة القصيرة التي قضاها في الوزارة إلا أنها شهدت انجازات ضخمة، ثم تعيينه بعد ذلك مندوباً للسودان في الأمم المتحدة ثم وزيراً للخارجية ووزير للتربية والتعليم ومستشاراً للرئيس نميري.
وفي عام 1979م انقلب منصور على النميري متذرعاً بوجود أخطاء لا يمكن تحملها، كان من أبرزها نقض حكومة الخرطوم لاتفاقية أديس أبابا مع الجنوبيين، وكرّس قلمه لنقد وتعرية عهد النميري في كتابه “السودان والنفق المظلم”.
وانضم خالد بعد ذلك إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان مستشاراً سياسياً لجون قرنق عام 1984م، واستمر بها حتى توقيع اتفاقية السلام الشامل 2005م.
ورفد منصور خالد المكتبة السودانية بعدد من المؤلفات والكتب؛ من أشهرها “النخبة السودانية وإدمان الفشل”، و”السودان والنفق المظلم”.
صحيفة مصادر