
بقلم دكتور صلاح البندر
واقع الحال أن دكتور منصور، بعلمه “الموسوعي وثقافته الواسعة وعلاقاته الدولية، قد أثرى المكتبة السودانية بعدة مؤلفات يمكن أن تؤسس لنمَط الكتابة ذات المعلومات المكثفة والتدوين الجيد للأحداث والوقائع واللغة الجزلة القوية ذات العبارة الواضحة الرشيقة، بغض النظر عن إختلاف الناس أو إشتجارهم حول مضمون هذه الكتابات”. إشتهر منصور بسلامة اللغة وجمال البلاغة وسعة التخيل ودقة التحليل، وسخر كل ذلك بتكريس معظم عمره، تقريبا، لأجل إعلاء قيم العدالة وإستبانة ورصد مواطن الفساد والإفساد بالدولة. ولعل في موقفه المشهود في تنظيم حملة تضامن لانقاذ حياة المرحوم محمود محمد طه دليل على ذلك. وقد إستطاع، بفضل أمانته الأدبية وحسه التوثيقي، أن يدون لجزء مقدر من تاريخ الدولة السياسي خلال الحقب المتتالية في عدد من الإصدارات من بينها كتابه المرسوم الآخر (السودان والنفق المظلم). وقد أوغل منصور في مجالات التأليف حتى كتب في القضايا الفلسفية الدينية (أو السياسة الإجتماعية). كما لم يمنعه كل ذلك من الإلتفات أكثر لمراجعة وتحقيق بعض المخطوطات الأسرية ومنها تحقيقة لمخطوطة ”السيرة الماجدية“ التي جمعها في كتاب من أجزاء ثلاث (الثلاثية الماجدية) قرظه البروفسور الدكتور عون الشريف قاسم، والذي يذخر بمجموعة إفادات وشهادات عن تاريخ الأسرة مذ إنتقالها من شمال
شمال السودان إلى وسطه بسنار ومتعرضا، أيضا، لسيرة ومناقب جده (لأبيه) الفقيه العالم الشيخ محمد عبدالماجد (ود عبدالماجد) حامد وإبنه الفقيه العالم الشيخ عبدالعزيز “الدباغ” محمد عبدالماجد و كذا لجده (لأُمه) الأديب العالم الفقيه الشيخ أحمد الصاوي عبدالماجد حامد. وتزخر تلك السيرة بأجزاء من أشعار الشيخ أحمد الصاوي في النبويات والاجتماعيات نشرت للمرة الأولى عام 1351هـ بمطبعة النهضة. يحوي الديوان “أهم ما جادت به قريحة الشيخ الصاوي من شعر رصين شبيه، من حيث البناء، بالمدائح النبوية لجهة التدفق و الغِنائية وحماسة.
ربطتني به علاقة مستمرة خلال عملي في سكرتارية التجمع الوطني الديمقراطي (1990-1996)، وفي مشاركته المستمرة في اغلب فعاليات منظمة مواطن.
كان المرحوم منصور شخصية مثيرة للجدل، ومختلفة. لم ينسى له الناس دوره في محاكمات الشجرة بعد هزيمة انقلاب يوليو 1971 ودوره في تصفيه قياداتها. واثيرت حولها اتهامات كثيرة من الارتباط المشبوه بالمخابرات العالمية ونهاية بإدمان خدمة الفكرة الشمولية وعدم ايمانه بالديمقراطية، واعلان عدم اقتناعه بمؤسسة الزواج وامتناعه بإصرار وعناد على مباركته.
له الرحمة