اخبار السودان لحظة بلحظة

السودان: الطيب مصطفى يكتب: حذار من اغلاق المساجد والحرب على الجمعة والجماعات

> إذا كنت قد حزنت لقرار وزير الأوقاف والشؤون الدينية نصرالدين مفرح بتعليق الجمع والجماعات بل واغلاق المساجد والتي لم تغلق في وجه المصلين منذ أن افتتح مسجد دنقلا في زمن الصحابي الجليل عبدالله بن ابي السرح قبل اكثر من (1400) عام ، سيما وأن ذلك القرار الكارثي قد صدر قبل ايام من رمضان ، شهر الصيام والقيام والقرآن فقد سعدت أيما سعادة ببيان دكتور عبدالرحمن حسن احمد حامد رئيس دائرة الافتاء بمجمع الفقه الاسلامي والذي استدرك على قرار الوزير مبينا عواره وداحضا له بفقه غزير لم تأخذه في الصدع به لومة لائم او طمعا في رضا حاكم او خوفا من بطش ذي سلطان.

> فقد أصدر عالمنا النحرير بياناً حول قرار الوزير طالب فيه الوزارة بمراجعة القرار الذي قال بأنه لا يشك في حسن مقصده أو مراعاته للمصلحة العامة وللمقاصد الشرعية ولكنه ، حسب قوله *جاء متعجلاً  لإعتماده على فتوي مجمع الفقه الاسلامي ، بدون آن يأخذ باشتراطاتها مما لا يجعل الفتوى صحيحة إلا إذا استصحب مناطها ، ذلك أن فتوى المجمع اعتمدت علي المقاصد الشرعية مثل دفع الضرر ولكنها إشترطت اغلاق كل التجمعات من الاسواق وغيرها مضيفا بأن القرار صدر في وقت *يوجه فيه بنك السودان البنوك الأخرى للعمل يوم الجمعة بينما تعلق الوزارة صلاة الجمعة والجماعات بالرغم من أن الجمعة آكد واوجب من عمل البنك.

> أقول معقباً ومعضداً بيان دائرة الإفتاء: (كيف يجوز اغلاق المساجد خوفاً من تجمع الناس في صلاة الجماعة التي قد لا تستغرق خمس دقائق بينما يمكث الناس الساعات الطوال وبالمئات في صفوف الوقود والخبز والغاز ويتزاحمون بالمناكب في البصات ومواقف المواصلات العامة والاسواق)؟! 

> لماذا لم تمنع تلك التجمعات قبل أن تمنع صلاة الجمعة والجماعات ، بل لماذا صدر الأمر باغلاق المساجد (بقت علي الحيطة القصيرة) المحتقرة عند هؤلاء المستهينين بالاسلام وشعائره وشرائعه ، والذين لم يجدوا ما يبدؤون به حربهم على الوباء غير تعطيل صلاة الجماعة دون غيرها من مواطن الزحام ، في تجاهل ، يشبههم ، لقول ربنا سبحانه : *(ذَ ٰ⁠لِكَۖ وَمَن یُعَظِّمۡ شَعَـٰۤىِٕرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ)؟!*

> صدع بيان دائرة الافتاء بقول حاسم وشجاع: (لن نغلق مسجدا ولن نمنع مصليا ،واذا ارادت السلطات اغلاق المساجد فلتفعل ذلك من منطلق القوة..  ذلك أن اغلاق المساجد امر مستبعد لانها الملاذ الأخير وملتجأ الناس ولن يتم اغلاق المساجد حتى لا ندخل في حيز قول الله سبحانه وتعالى: (وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَـٰجِدَ ٱللَّهِ أَن یُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ وَسَعَىٰ فِی خَرَابِهَاۤۚ).

> أقول إن الصلاة معظمة عند الله تعالى ، فقد فرضت في السماء السابعة حين عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم تسقط صلاة الجماعة حتى في الخوف من العدو المحقق عند القتال: (وَإِذَا كُنتَ فِیهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَلۡتَقُمۡ طَاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡهُم مَّعَكَ وَلۡیَأۡخُذُوۤا۟ أَسۡلِحَتَهُمۡۖ ..) فكيف تسقط بسبب الخوف المتوهم من المرض ؟! 

> لقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث عن كيفية التعامل مع المرض ، لكنه لم يوجه البتة بترك الجمعة والجماعة وكذلك الحال بالنسبة للفاروق عمر بن الخطاب الذي وقع الطاعون في عهده ولم تغلق المساجد او يوجه بوقف الجمعة والجماعة ، فكيف يتخذ قرار مثل هذا بدون ان يطرف جفن لمتخذيه؟!

> عجبت من جرأة من يعتبر الصلاة المعظمة عند الله تعالى، اقل شأنا من الاهتمامات الدنيوية الأخرى صغيرها وكبيرها ، ولو تحلى اصحاب القرار باقل قدر من الورع لعمدوا الى معالجات أخرى مثل تقصير زمن صلاة الجمعة او التوجيه بتباعد المصلين او تعقيم المساجد والمصلين قبل أداء الصلاة ، كما فعلت دول اسلامية اخرى ولكن ما اعجل هؤلاء الذين لم نر منهم ، منذ أن ابتلينا بهم ، حرصا على دين الله تعالى ، إنما حربا شعواء كما كتبنا عن ذلك كثيرا؟!

> أضاف البيان الضافي للدكتور عبد الرحمن: (المساجد هي صمام أمان هذه الأمة وشعار الدين وأمان أهل الأرض وبيوت الله ومتنزل رحمته وعمارها هم زوار الله وحق علي المزور إكرام زائريه، كما أن المساجد ومن فيها من الراكعين الساجدين الرافعين ايديهم متضرعين بالدعاء والابتهال لله هم الذين يدفع بهم الله الوباء ويرفع البلاء).

> وأضاف بيان دائرة الفتوى الذي تلاه رئيسها د. عبدالرحمن: (وللوزير نقول وعملاً بالفتوي كان ينبغي أن تترك العلماء ليقوموا بواجبهم ارشاداً وتوجيهاً للناس، ومن خاف مرض أو زيادة مرض بحضور الجمع والجماعات سقطت عنه أما اغلاق المساجد فذلك أمر مستبعد لأنها الملاذ الأخير وملتجأ الناس).

> وأضاف بيان دائرة الافتاء: (نلتمس من مجلس الوزراء إعادة النظر في هذا القرار وترك المساجد للمصلين، سيما وأن شهر الصيام قد إقترب وهو شهر القيام يلجؤون فيه للمساجد).

> أقول إن هناك من يحتج بما فعلته السلطات السعودية بالنسبة للحرمين الشريفين وغيرهما من المساجد، ولكن هؤلاء نسوا أن العلة الموجودة عندنا لا تنطبق على المملكة التي لا يتزاحم الناس فيها في صفوف الوقود والرغيف والمواصلات، كما أنه لا توجد مقارنة ببن انتشار المرض عندنا وفي المملكة التي بلغ عدد الاصابات فيها ما يقرب من عشرة آلاف وتحديداً (9362) مصاباً بينما بلغ عدد الوفيات فيها (97) متوفى، أما في السودان فقد بلغ عدد المصابين (66) شخصاً، كثير منهم، قادمين من الخارج، بينما بلغ عدد الوفيات عشرة أفراد، معظمهم إلتقط المرض من خارج البلاد مما يملؤني تفاؤلاً بصحة التقارير العلمية الخارجية التي تتحدث عن حزام آمن يقع السودان في منتصفه.

> إن الأمر لا يقتصر على اغلاق المساجد والناس مقبلون على شهر العبادة والتراويح والتهجد، إنما يتجاوزه إلى أهمية أن تتخذ القرارات بحيثيات موضوعية ويشمل ذلك حظر التجوال الشامل، الذي أعجب أن يفرض في بلاد ربما يعتمد معظم شعبها على رزق اليوم باليوم بدون أي إعانة من الدولة كما يحدث في شتى دول العالم، وليتنا نتأسى بجارتنا اثيوبيا التي برر رئبس وزرائها آبي أحمد رفض حظر التجوال في بلاده بقوله: (لا استطيع فرض الحظر الشامل مثل الدول الكبرى على شعبي لأن معظم شعبي يعمل في المهن الحرة، ولئن استطعت حمايتهم من الموت بالمرض سأقتلهم بالجوع، والتاريخ لن يرحم).

> ليتهم فرضوا الحظر بالتدرج مثل أن يكون لمدة اسبوع قابل للتجديد ولكن ماذا مع قليلي بل عديمي الخبرة الذين نكلوا ببلادنا وشعبها الأبي؟!.

> أنا على يقين أن الكثير من القحاتة فرحوا بجائحة كورونا واعتبروها إحدى (كراماتهم) التي أنقذتهم من ثورة لا تبقي ولا تذر  فإنتهزوها فرصة لإصدار قرارات (سياسية) لا علاقة لها بصحة المواطن أو الخوف عليه من الوباء!.

> على كل سنظل نعارض اغلاق المساجد ومنع الجمعة والجماعات ونعتبر القرار الذي ندعو إلى إعادة النظر فيه كما فعل شيخنا عبدالرحمن حسن أحمد حامد ودائرة الإفتاء خطأ كبيراً يجب أن يراجع، حرصاً منا على دين هذه البلاد وعلى الصلاة وعلى شهر رمضان المبارك الذي نريده موسماً للطاعة وذكر الله تمتلئ به المساجد ليل نهار  وتتحقق فيه التقوى وتتنزل البركة على بلادنا وأمتنا وننال به رضوان ربنا الرحمن الرحيم.

اترك رد