اخبار السودان لحظة بلحظة

عثمان ميرغني يكتب : الحظر العام !!

أعلنت الحكومة – أخيراً- حظراً عاماً للتجول في ولاية الخرطوم يبدأ من السبت القادم 18 أبريل 2020 لثلاثة أسابيع، يسمح خلالها بالخروج من البيوت لمدة ساعة يومياً للحصول على الاحتياجات المعيشية.. ويعني ذلك أن الحظر سيشمل نصف شهر رمضان ليعود الجميع للعمل لمدة أسبوعين ثم تبدأ عطلة عيد الفطر.

إمتحان كبير يمر به الشعب السوداني، فالبقاء في البيوت ليس متعة لأن الغالبية الكاسحة تقتات من عرق كدها اليومي.. يستيقظون فجراً ويكدحون في أعمال مرهقة ليعودوا في آخر النهار بما يكفي الحد الأدنى من الطعام، وربما بلا احتياطي لمقابلة مطلوبات أخرى مثل رسوم التعليم والعلاج وغيرها.

ولكن مع ذلك أنا على يقين كامل أن الشعب السوداني الذي عبر مضائق جسيمة في تاريخه قادر على تحويل هذه الأسابيع الثلاثة إلى “ملحمة” تاريخية.. بالتكافل الاجتماعي والتآزر على مستوى الأحياء والقرى.. خاصة أن شباب لجان الخدمات والتغيير ولجان المقاومة أيضاً لديهم القدرة على الوصول إلى كل الأسر التي قد تواجه ظروفاً صعبة.

مهما كان الوضع شاقاً لكن الحكومة اتخذت هذا القرار لأن البديل أصعب.. فهذا الفيروس المستجد الذي لا يزال علماء الدنيا يحاولون فك طلاسمه، سريع الانتشار وهزم حتى الدول الثرية ذات الإمكانات الصحية المترفة.. دولة مثل أمريكا يرتفع صوتها كل يوم تطلب المساعدات من دول أخرى.. في ظل ظروف استدعت أن تنغلق كل دولة على نفسها مع شح المتوفر عالمياً من أدوات طبية.

صحيح أن الأطباء والكوادر الصحية السودانية يبهرون العالم الآن بما يشبه المعجزات في تصديهم للوباء بأقل قدر من الإمكانات.. في خط المواجهة الأول بصدور عارية إلا من الإيمان بقدسية المهنة وواجب الوطن والشعب.. ولكن هذه الروح والتضحية ليست وحدها الذي يمكن أن يجنب بلادنا شر هذا الوباء.. الوضع الآن وصل مرحلة (فرض العين) على كل فرد منا أن يعمل بكل ما يملك لتنفيذ مطلوبات الوقاية التي أعلنت عنها وزارة الصحة.. المحك الآن في (الوعي) الشعبي بضرورة الامتثال لتعليمات الصحة بمنتهى الصرامة والجدية.. إيقاف كل المناسبات، خاصة الأفراح ، يدهشني أنني أتلقى بصورة مستمرة دعوات لمناسبات سعيدة وكأن الأمر عادي لم يدخل طور الطوارئ القصوى..

هي مهمة شخصية، أغلق باب بيتك، واجعل الحركة في أضيق نطاق وبأقل عدد من أفراد الأسرة.. وبإذن الله سنجتاز الامتحان بفضل الله وعونه..

لو اجتهدنا في تطبيق مطلوبات الصحة ربما يمن الله علينا بتخفيض أيام الحظر.. دعونا نعتبره تحدياً شخصياً لكل منا.. ربنا يسلمكم وأحبابكم جميعاً.

ألِّحوا في طلب العون من الله، ومنه التوفيق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحيفة التيار

اترك رد