اخبار السودان لحظة بلحظة

الحظـــــــر الشــــــــــــــامل يطرق الأبواب.. (كورونا) يتوغَّل !!

الخرطوم: ياســـــــر الكُـــردي

بدو أن فيروس كورونا (ينوي) نقل البلاد والعباد من مُربّع (المناظر) إلى (الفيلم) وذلك بظهور عشر حالات دُفعة واحدة خلال (24) ساعة فقط، ما جعل لجنة الطوارئ العليا تعقد اجتماعاً عاجلاً اتخذت خلاله حُزمة من القرارات الحاسمة والحازمة أهمها إعلان حظر التجوال الشامل بالخرطوم لمدة ثلاثة أسابيع اعتباراً من السبت القادم.. السطور التالية نناقش عبرها تداعيات الحظر بكل جوانبه.

ظروف بالغة التعقيد
يقول د. محي الدين حسن تاج الدين، نائب اختصاصي الطوارئ، وعضو مبادرة الطوارئ السودانية لـ(السوداني) إنَّ دواعي إعلان الحظر الشامل هي دخول البلاد في مرحلة الانتشار المجتمعي للفيروس، وهشاشة النظام الصحي بالسودان، مشيراً إلى أن الكوادر الطبية الآن تعمل في ظروف بالغة السوء، واستدل بأن نائب الأخصائي يعمل مجاناً وليس ذلك فحسب بل يدفع من جيبه للدولة (12) مليون جنيه (بالقديم) مقابل تكملة إجراءات شهاداته. ومضى بقوله إن الأطباء الآن يقفون في الخطوط الأمامية لمجابهة الوباء ونسبة لعدم توفر وسائل الحماية الكافية لهم دخل (8) من الزملاء في دائرة الاشتباه بالعدوى وأكدت الفحوصات إصابة واحد من أولئك الثمانية، فهل سأل أحد عن مصيره أو مصير أبنائه ماذا جرى لهم وكيف يعيشون؟؟

ظُلم ذوي القُربى..!!
ويمضي عضو مبادرة الطوارئ السودانية في حديثه لنا (أمس) إن الكوادر الطبية لم تجد دعماً لا من المواطن ولا حتى من الدولة بدليل أنه ورغم الظروف الاستثنائية التي يعملون خلالها إلا أنهم لا يجدون أدنى تقدير من الدولة منوهاً إلى أن الأطباء ورغم أنهم أول من يقابلون خطر العدوى لكنهم مع ذلك هم الوحيدون الذين ليس لديهم تأمين طبي مثل القضاة والمهندسين وغيرهم من الشرائح الأخرى.

الوزير يدق ناقوس الخطر
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل الإجراءات التي أعلن عنها مساء (الإثنين) كافية للسيطرة على الوباء؟ بحسب خبراء تحدثوا لنا فإنها قد تقلل من خطر انتشار الفيروس لكن ثمة عقبات لا تزال تتربص بالمواطنين أهمها دخول البلاد في مرحلة الانتشار المجتمعي وهذا ما أكده وزير الصحة د. أكرم علي التوم، والذي لم يكتف بهذا القول بل دق ناقوس الخطر حين قال إن مُعينات مكافحة الوباء في طريقها للنفاد، حيث لم يتبقَّ من المعدات التي تبرع بها رجل الأعمال الصيني إلا القليل جداً، وشكا سيادة الوزير من هشاشة النظام الصحي بالسودان.
*بين تفريط البداية وتشديد النهاية

وبالعودة إلى بداية (المشكل)؛ نجد أنه وقبل أن يعرف الكثيرون شيئاً عن فيروس (كوفيد -19) الذي انطلق من مدينة ووهان الصينية، وما تبعه من تداعيات تمثّلت – ساعتئذٍ – في أزمة الطلاب السودانيين- والذين عاشوا أوقاتاً عصيبة في انتظار إجلائهم من المدينة المنكوبة، وكما هو معلوم لم يتم ذلك إلا بشقِّ الأنفس وعن طريق دولة الإمارات العربية التي وفّرت لهم الطيران والحجر الصحي بكامل مستلزماته..
ومن ثم تسابقت الأحداث بسرعة و(تسلّل) الفيروس ليصبح وباء لم تسلم جُلَّ الدول الأوروبية والآسيوية والعربية منه، وبحسب خبراء في المجال الطبي كان ذلك هو الوقت المناسب للتدخل بتشديد الرقابة على كافة المعابر الجوية والبحرية والبرية، وأيضاً استنهاض القطاع الصحي ليقوم بما يليه بكل جدية، لكن المتابع للأحداث لا يجد كبير عناء في ملاحظة أن شيئاً من ذلك لم يحدث قط، فدخل الناس إلى البلاد أفواجاً؛ (سودانيين وأجانب) دون أن تعرف جهات الاختصاص عنهم تفاصيل دقيقة، بدليل أن مدير الطوارئ والوبائيات بوزارة الصحة الاتحادية د. بابكر المقبول قال في مؤتمر مشهود أن ثمة قادمين عبر مطار الخرطوم دخلوا واعطوا وضللوا الجهات المختصة بمعلومات غير صحيحة وقد تأكد ذلك بعد الاتصال عليهم، وقتذاك تساءل المختصون في الحقل الطبي هل كانت الأولوية تقتضي حجز القادمين وحجرهم صحياً أم أخذ عناوينهم وأرقام هواتفهم؟؟

شكراً حمدوك
د. محيي الدين حسن، عاد ليؤكد كِبَر الظلم الذي وقع على (الجيش الأبيض)؛ حين قال لـ(السوداني): حتى عندما تلا رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، أحكام الطوارئ – قبل يومين- حدَّد فيها عقوبة من يعتدي على الكوادر الطبية بخمسة آلاف جنيه، فساوى بذلك من يعتدي على الطبيب الذي يعالج المرضى بصاحب البقالة الذي يوجد في الأسواق.. مشيراً إلى أن أضعف الإيمان أن يجد الأطباء الدعم المعنوي لكن حتى هذا لم يجدوه، ففي الوقت الذي شاهدنا فيه كل الشعوب تُحيي الجيش الأبيض وترفع له القبعات على مستوى الرؤساء والمواطنين، أما نحن في السودان فلم نجد تحية إلا من نائب رئيس مجلس السيادة الذي رفع من روحنا المعنوية حين قال إذا العالم حيا الجيش الأبيض مرة واحدة فإننا نبعث مليون تحية لجيشنا الأبيض. وقال محيي الدين كنا نتمنى أن نجد هذه الجرعة المعنوية من وزيرنا ورئيس مجلس الوزراء ورئيس المجلس السيادي.

اترك رد