أحمد يوسف التاي
أيامٌ قلائل تفصلنا عن أبريل شهر التغيير والثورة المجيدة الذي تنسم فيه السودانيون عبق الحريّة وودعوا حقبةً حالكةً من تاريخهم وطووا صفحةً سوداء من القهر والاستبداد والفساد وتوظيف الدين للمكاسب السياسية.. وبعد ثلاثة وعشرين يوماً تهل علينا الذكرى الأولى لانتصار ثورة الشعب السوداني الحبيبة وسقوط نظام المؤتمر الوطني، وهنا لا بد أن نطرح أسئلة ذات قيمة عالية تجول في ذهن كل سوداني: بعد عام من التغيير إلى أين تسير قوى الحرية والتغيير ببلادنا ؟ وما هي ملامح التغيير الذي حدث بعد 11 أبريل؟ وهل شعر المواطن السوداني بهذا التغيير؟…
«2» الملف الاقتصادي
تناولنا أمس ملف السلام وأبدينا جملةً من الملاحظات والمآخذ واليوم نُسلط بعض الأضواء على الملف الاقتصادي، والواقع أن الحديث عن الوضع الاقتصادي يستدعي إمعان النظر في حجم الأزمة التي تركها نظام المؤتمر الوطني وعمقها وخطورة آثارها على شتى مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والأمنية، إذ ليس من الإنصاف أن تتحمل الحكومة الانتقالية تبعاتها كما لو أنها هي التي تسببت فيها، والحقيقة التي لا مِراءَ حولها هي أن نظام البشير إن لم يسقط في أبريل لسقط في أي وقت آخر قبل حلول العام 2020 بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي صنعها بسياساته وتكلسه وفساده وإهداره للمال العام، ولو أنه استمر حتى اللحظة لما أوجد حلاً للأزمات التي تفاقمت، وذلك لأنه استنفد كل الحلول وأفرغ كل ما عنده من معالجات ولم يعد بإمكانه فعل شيء، ولكانت الأوضاع أسوأ مما هي عليه الآن، وتأسيساً على هذه الحقيقة فإنه من الطبيعي أن أي نظام حكم يأتي من بعده لمعالجة أزمة بهذا الحجم لن يفلح بين عشية وضحاها في كبح جماحها المتصاعد خاصة وأن الحلول الجذرية العلمية تأخذ وقتاً طويلاً كي يشعر المواطن بآثارها وانعكاساتها على حياته، هذا الجانب تقتضي الموضوعية والأمانة أن يؤخذ في الاعتبار، لكن بالمقابل هناك إجراءات لا تحتاج إلى وقت ولا عقد مؤتمرات ولا ورش عمل بل تحتاج إلى قرارات حاسمة وفورية وتطبيق صارم للقانون لفرض هيبة الدولة على الأسواق ومنافذ التهريب وفرض الرقابة الصارمة لضبط قنوات توزيع السلع الاستراتيجية مثل الخبز والوقود ونحوهما، هذه إجراءات لا تحتمل التأجيل ولا تحتاج إلا لحسم سلطوي يعزز هيبة الدولة في نفوس المواطنين، ويستعيد ثقتهم في مؤسساتها وأجهزتها الرقابية، وإن كنا نعذر حكومة الثورة في بطء المعالجات واستبطاء حلول الأزمات فلن نعذرها في اتخاذ الإجراءات الحاسمة للضبط والرقابة، وإن دافعنا عنها في مواجهة الذين يطلقون عليها الأحكام المُبكرة بالفشل في معالجة الملف الاقتصادي، بحسبان أن الأمر يحتاج إلى وقت طويل قد يستغرق كل الفترة الانتقالية، فإن دافعنا عنها في هذا الموضع فلن نستطيع الدفاع عن التلكؤ في اتخاذ قرارات حاسم لفرض هيبة الدولة وبسط سيطرتها على المنافذ والأسواق وتعزيز الرقابة فهذا الإجراء لا يحتاج إلا لإصدار القرار ومتابعة تنفيذه.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.