سهير عبدالرحيم
] يوم أمس أسرعت الى مستشفى أسمه (علي عبد الفتاح) في منطقة أسمها الدروشاب ببحري، لأكون برفقة صديق عزيز كانت تعاني شقيقته الصغرى من ضيق شديد في التنفس، حيث تم إسعافها الى مستشفى البراحة والذي وجدوه مغلقاً، وانتقلوا من بعد ذلك الى أحد المستشفيات القريبة فنفذ الأكسجين من الأسطوانة، ثم لجأوا أخيراً الى مستشفى علي عبد الفتاح.
] في الطريق استعنت بمروءة السودانيين للوصف، فالمشوار بعيد ومعرفتي بشوارع بحري ضعيفة، كثيرون يقفون للرد عليك ويقودونك الى الطريق السليم بكل أريحية وحب وشهامة، والله مهما جارت الظروف على هذا الشعب تظل المروءة ماركة مسجلة في جينات السودانيين.
] وبعد وصف طويل لشارع اسفلتي ممتد وشارع ترابي وجنائن وقضيب للسكة حديد ومطبات وصلت الى منطقة اسمها الدروشاب (١٧).
] في الطريق هاتفت صديقي صلاح وانا على تخوم المستشفى، لأكتشف ان روح شقيقته قد صعدت الى بارئها راضية مرضية، وصلت المستشفى وبدأنا سلسة اسمها العذاب في البحث عن سيارة إسعاف لنقل الجثمان الى مدينة ود مدني.
] كنت ومعي اشقاؤها الثلاثة كل منا يحاول الاتصال بإحدى سيارات الإسعاف، البداية كانت مع الاسعاف المركزي بالرقم (333)، وجاءني الرد الآلي: مرحباً بكم في الاسعاف المركزي الاسعاف المركزي برعاية سوداني …. وخليك سوداني.
] والله كما اقول لكم نغمة الانتظار برعاية سوداني ظلت على الرد الآلي اكثر من سبع دقائق والجثمان مسجى أمامنا في انتظار الرد، الدوائر مشغولة عليك الانتظار، الى ان نفذ صبري واغلقت الخط.
] علمناً بأن لقوات الدعم السريع سيارات اسعاف تعمل في نقل المرضى ولكن وجدنا اغلبها خارج الخرطوم، طبعاً المستشفى نفسها ليس بها اسعاف…!! تخيل فقط.
] بعدها أخيراً توصلنا الى اسعاف اسمه (تبارك) جاءنا بعد ان قال ان كلفة النقل الى ود مدني (٩) آلاف جنيه، مليون بالقديم.
] حين وضعنا الجثمان في الإسعاف وبدأنا التحرك لحقت بنا طبيبة ونحن داخل سيارة الإسعاف لتقول انها يجب ان تأخذ عينة لفحص الكورونا ….!! تخيلوا …!!
] قلت لها الجثمان مسجى ثلاث ساعات لماذا لم تفعلي ذلك، قالت: خشينا من غضبتكم، طبعاً الرفض كان سيد الموقف من اهل المرحومة، ذلك انها مريضة جداً بالكبد لأربعة أشهر.
] الشاهد في الأمر أن المستشفى نفسه (كورونا)، حيث يفتقر الى ابسط ادوات النظافة والتعقيم، وباستثناء الطبيبات والممرضات فغالبية العاملين لا يضعون حتى كمامات.
] الذباب سيد الموقف، والكراسي متهالكة، البؤس واضح، الشاش غير متوفر حتى لإحكام ربط الجثمان، الأجواء غير صحية، منظر المرضى ونوع الجروح امامك والدماء التي تسيل في شكل خرائط على الأرض, تجعلك متيقناً أن العافية لا تمر من هنا.
] جميع الظروف متوفرة ومواتية لأن ترفض (كورونا) نفسها المجيء الى هناك.
خارج السور:
] نزلاء المشفى كثر، ولكن بدا واضحاً أنك قد تأتي بمرض وتخرج بأمراض عدة.