اخبار السودان لحظة بلحظة

فُجعنا فيك أيها الوزير (2 ــ 2)

بقلم: أحمد يوسف التاي

الزملاء بصحيفة (الإنتباهة) كان يعتمل في أنفسهم الكثير بسبب التصرف غير اللائق الذي أبداه وزير الصحة في التعامل مع صحيفتهم مما أشرنا إليه في الجزء الأول من هذا المقال، لكن وكما يقول المثل (بعض الشر أهون)، فقد زال بعض مما كان يعتمل بصدوروهم حينما سمعوا ذات الوزير يقول : (نحنا عمر البشير قدرنا عليهو، ما بنقدر على الكورونا الصغيرة دي)..!! وأكاد أجزم أن كل من سمع عبارته السمجة تلك انتابه إحساس الإمام أبو حنيفة حينما قال قولته المشهورة: (آن لأبي حنيفة أن يمُدَّ رجليه)، وذلك لما رأى أن لا حاجة له أن يجادله أو حتى يجيب عن سؤاله الساذج الذي فضح ما تنطوي عليه شخصيته، فالحال من بعضه وقصة أبي حنيفة مع ذلك ذلك الرجل معروفة..
كنتُ أنوي في هذا الجزء من المقال تحليل شخصية الوزير كخدمة للقراء باعتباره شخصية عامة، وذلك من خلال استدعاء ما بدر من تصرفاته منذ (جليطة) صادر الضأن وحتى الآن، لكنه والله العظيم كفاني مؤونة البحث والتحليل، فقد فضح نفسه على الهواء وهو يبرز عضلاته لفايروس كورونا الذي لا يُرى بالعين المجردة، لذلك لستُ بحاجة إلى ما كنتُ أنوي فقد كشف عن نفسه الغطاء، وآن لنا أن نمُدّ أرجلنا، بل آن لـ (كورونا) أيضاً أن يمد رجليه كيفما شاء.
أما موقفه من (الإنتباهة) (لأنها مُعارِضة) فقد ذكَّرني قصة لي مع جهاز أمن البشير قبل سقوطه، حيث استدعاني أحد الضباط، وبعد ساعات طويلة من الحجز، سألتُه عن سبب الاستدعاء فرد : أولاً يا التاي نحنا متابعنك وعارفين إنك بتقود خط بتاع مُعارضة للحكومة)… أي والله العظيم هكذا قالها… قلتُ ببرود شديد ومالو؟ المشكلة وين؟ وهل المُعارضة جريمة؟ وأضفتُ: (أنا كصحفي مفهومي للمعارضة يختلف عن مفهومك لها كضابط أمن، المعارضة والحكومة عندي عبارة عن كفتين لميزان الحكم، تتساوى الكفتان عندي تماماً، ومعارضة اليوم ستكون حكومة الغد، وحكومة اليوم ستصبح معارضة الغد، وقلتُ ولهذا فإن المعارضة ليست جريمة بل هي ممارسة دستورية..)… الآن أود أن أطرح سؤالاً: ما الفرق بين جهاز الأمن آنذاك ووزير الصحة الآن، ما الفرق؟ أنا أقول لكم إن الفرق الوحيد هو أن الأول كان يمنحنا الفرصة للنقاش ويسمعنا، وهذا ما لم يفعله وزير الصحة ، إذ يرفض حتى الاستماع ..بدون أي نقاش (كدى بس).. على أية حال نرى أن الوزير أخطأ لكونه صنّف صحيفتنا في خانة العداء للثورة وهذا افتراء، فـ (الإنتباهة) اليوم تضم أخلص العناصر وأوفاها للثورة، وقد تحوّل ميدان الاعتصام من أول يوم إلى محراب مقدس يأوون إليه بقيادة مايسترو الأخبار هيثم عثمان وزملائه، بينما خرج صحافيوها يوم (6) أبريل في المليونية المشهودة التي أسقطت النظام، وكان نصيب الزميلات المحترمات هادية قاسم وهنادي النور الضرب المبرح حتى الإغماء، وهذا الوفاء للثورة وليس لسواها ، وهو قيمة يؤمنون بها ولا يحتاجون إلى شهادة ممن كسبُه في النضال صفر كبير مثل أكرم الذي يمكنه أن يقول «كان أبي» ولن يستطيع أن يقول «ها أنذا»، نحن جزء أصيل من الثورة ولن نكون ضدها لأنها ثورتنا وثورة كل الشعب السوداني ضد الطغيان والجبروت الذي يحمل الوزير بعض جيناته.. ولأنها ثورة وعي ضد الجهل والتضليل من شاكلة الذي يمارسه هذا الوزير، ولأنها ثورة «حرية سلام وعدالة»، لكن للأسف لم ينعكس شيء من شعارها على منهج وطريقة تفكير هذا الناشط السياسي، لهذا سنظل أوفياء لثورة شعبنا العظيم حمايةً لها من تصرفات الناشطين الذين لم يرتقوا بعد إلى مستوى الثورة ورجال الدولة… اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثقْ أنه يراك في كل حين.

اترك رد