اخبار السودان اليوم

الدكتور / محمد علي عبد الجابر

الدفعة (60) الجامعية التي استوعبت في كلية الشرطة في العام: 3/8/1991م وتخرجت في العام: 15/7/1992م وكانت مثار جدل طيلة مسيرتها في الشرطة زهاء الثلاثين عاما هي عمر الإنقاذ التي أوجدت هذه الدفعة في سياق عام شمِل كل مناحي الحياة في السودان من تغيير في إطار فكرة النهضة. ولمعرفة خلفية هذه الدفعة التي طاردتها ظلال وريبّة وشك منذ اليوم الأول لها في كلية الشرطة ببري أنها ما جاءت إلا لإحداث إحلال كامل في الشرطة وختمت مسيرتها في الكلية بعبارة قالها الشهيد/ الزبير في طابور التخريج بأستاد الخرطوم )بأن الشرطة تبدأ من هنا(. وظلت العبارة متداولة كل يفسرها حسب هواه وأغراضه.
خلفية هذه الدفعة تقرأ من تاريخ الحركة الإسلامية عموماً في السودان من خلال نشأة الأخيرة واهتمامها بالشباب في محاضنهم الأولى في المدارس الثانوية والمعاهد والجامعات، حيث وجدت كمنافس قوي وشرس لليسار في هذه المحاضن بالذات جامعة الخرطوم باعتبار تاريخها الباذخ في العمل الوطني، كان الاهتمام بالشباب وتنظيمهم في أطر وهو جوهر وأصل في أدبيات الحركة الإسلامية باعتبار أن مشروع الحركة تربوي في المقام الأول يشهد ويستهدف استنهاض هِمم المجتمع بإثارة عاطفة الدين واستدراج قيمه من ثباتها ومحدودية فعلها إلى فضاء الحياة العامة وصيانة الأخلاق، فمشروع الحركة الإسلامية قائم على حراك اجتماعي ضخم، لذلك كان نجاحه ولحمته وسداه مرهوناً بالشباب وبسواعدهم القوية، ومن هنا كانت الفكرة في تغذية المؤسسات بمن يحملون هذا الهم الكبير وهو ما عرف لاحقاً بالتمكين والذي اعترف بالقصور في التطبيق بعض قادة الإنقاذ مع سلامة الفكرة التي لم تلتزم بفضيلة التدرج، وللحقيقة فإن استيعاب الدفعة (60) في كلية الشرطة جاء وفقاً للمعمول به من لوائح الشرطة من معاينات معروفة لا يستثنى منها أحد، والحقيقة أيضاّ أن الحركة الإسلامية لم تفرض أحدا من كوادرها من هذه الدفعة كما يظن البعض، كل الذي حدث وجهوا بعض كوادرهم للالتحاق بهذه الدفعة وفق الإجراءات المعروفة، وجهوا كوادرهم المتميزين منذ دراستهم في الجامعات، فكان المطلوب آنذاك عدد (250) طالبا، وكان من الطبيعي أن تنجح بعض الكوادر في الدخول للكلية، للحقيقة أيضاً لم تشكل هذه الكوادر الأغلبية في هذه الدفعة، والإنقاذ نفسها اعترفت ببعض الأخطاء القاتلة، والشاهد أنها أحالت أكثر من (37) ضابطا من كوادرها في ذات الدفعة في كشوفات العام السابق.
والجديد سادتي والذي أعِبْناه في قيادتنا الحالية أن الإحالات الأخيرة في الدفعة (60) وجدت الاستهجان وقوبلت بعدم الرضاء، وأن القيادة الحالية لم تدافع وترفض هذه الإحالات التي لم يسبق لها مثيل طيلة تاريخ الشرطة الناصع، وحتى وإن بدر تساؤل أن الإحالات الأخيرة تمت فى إطار تفكيك النظام كان الأجدى انتظار موعد ترقي الدفعة العام القادم وتأتي الإحالات في إطارها الإداري المعروف، ولكن ان تستدعى دفعة تبقى لها عام كامل في الدخول لحيز الترقي فهذا ما لم نسمع به في الأولين ولا في الآخرين!.

Exit mobile version