=عثمان.. الذي ابتلينا به
الحكاية…
حكاية الاغتيالات عند بعض الناس هي طبع.. وهذا ما يقوله التاريخ والأدب وعلم النفس والأحداث قديماً وحديثاً
وحتى لا يكون الأمر مجرد خيال أدبي .. فالقطعة الصغيرة جداً من تاريخ الحزب الشيوعي.. الأرض الأم.. الاتحاد السوفيتي.. وفي السودان .. قطعة تكفي..
والقطعة الصغيرة تصبح أكثر خطورة ودقة حين تكون الاغتيالات .. هي سلسلة اغتيالات مديري الاستخبارات ذاتهم.. هناك..( كل واحد يقتل من قبله..) وبأمر من استالين طبعاً ..
وهاك..
فبعد زحام هائل من الاغتيالات هناك..( اغتيال الكبار لبعضهم البعض ) كانت السلسلة هي ..
ماكويان .. أقرب صديق لستالين.. يُعدم ..
( وحتى لا نكرر الكلمات.. فكلمة اغتيال تعني.. إعدام..) ..
وفالاس تجوير .. يعدم ..
وتجوير يعدمه زادانوف ..
وزادانانوف يعدمه كيركوف..
( وهذا يعقبه خرشوف الذي ينحو منها .. لكن السلسلة تستمر..)
وقبل خرتشوف ويزفوف يعقب زادانوف ثم بالطبع يعدم ..
ويوقودا .. أشهرهم لأنه مثقف.. يعدم .. وفيشينيسيكي الذي يعدم هذا يعدم ..
وبالمناسبة.. ياقودا ويزدوف .. كان كلاهما يعدم .. لأنه فتح فمه يوماً ولأنه يعرف أكثر من اللزوم ..
( وقانون ١٩٣٩ ) الذي يعدم المتهم وأطفاله .. يصبح تطويراً لإرهاب الشيوعيين للشيوعيين ..تحت تهمة أنهم أعداء الشعب
والقاضي الأشهر هو ( اوكلريخ) الذي يطلق الأحكام الجاهزة يذكرك بقضاة معروفين في العالم العربي ..
وقريباً من ٤٠ من قادة المخابرات كلهم يعدم بعضهم بعضاً..
والقائمة هذه .. ما يفوقها هو قائمة أخرى .. فمجلس السوفيت الأعلى الأول .. كان يتكون من ١٠٧
تسعون منهم يعدمون بتهمة أنهم أعداء الشعب .. ( وافتح أي موقع من مواقع التاريخ لتجد الأسماء )
وثلاثة منهم كانوا أذكياء إلى درحة أنهم ادعوا الجنون .. وبالتالي نجوا من الإعدام ..
وآخر من يعدمون وأشهرهم هو( بيريا)
ففي أول اجتماع بعد موت استالين .. كان خرتشوف يقدم البند الأول ويتهم بيريا ( أفظع مدير مخابرات في التاريخ ) بأنه عدو للشعب
وصورة الاجتماع كانت هي افتتاح ( لعله بالبسملة) خرتشوف يقدم الاتهام..
والحضور يصمتون..
والصمت يعني .. نعم ..
وقائد الحرس في المجلس يتقدم ويضع يده على كتف بيريا ويأخذه إلى ممر خارج الغرفة والحضور كل منهم يخرس عيونه في الورق أمامه وأذانه عند الباب وصوت رصاصة..
بعدها خرتشوف يقدم البند الثاني..
==========
الحكاية هناك يا عثمان هي طبع مغروس في النفس هناك وفي كل مكان يسود فيه الشيوعيون.. ( ما لم يقدم الشيوعيون تفسيراً جديداً أو معلومات جديدة في التاريخ )
وفي الأدب والتاريخ الطبع الغريب هذا يعمل
والطبع الذي يعبد معبوداً معيناً له الصورة ذاتها في تاريخ العالم كله ..
صورة للنفس الخربة
ففي رواية ( الإخوة كرامازوف) هناك.. يهبط عيسى عليه السلام إلى الأرض.. وحين يرى ما يفعله القساوسة والكرادلة باسمه ينكر كل هذا ثم يعلن أنه هو المسيح .. ولم يكن قبلها قد أعلن لهم هذا
لكن المسيح.. حين يعلن أنه المسيح يلقاه القسيسون بالردع للعنيف والتكذيب ..
وكبيرهم ينفرد به ليقول له همساً
اسمع.. أنا .. وكل أحد من هؤلاء نصدق تماماً أنك المسيح ( وكان صادقاً في هذا )
وكبير القسيسين يمضي ليقول..
وكل ما تقوله عن تحريفنا لدينك صحيح.. لكن ما الذي تعنيه بقولك ( إصلاح) .. لا.. لا..
الناس مبسوطين كدا فاتركهم في حالهم ..
وفي الأدب المصري القديم أحد العباد يسمى ( بتاح) .. يختفي
والرهبان يعلنون أن بتاح قد صعد إلى السماء وأصبح إله..
وهكذا يجعلون لهم معابد وقسيسين..
وبتاح يظهر.. ويعلن أنه موجود وأنه ليس إله..
عندها ينفرد به رهبان المعبد ويعلنون له أنهم يصدقونه تماماً لكن عليه أن يسكت..
وحين يقول.. وماذا أكون أنا إذاً ..؟
قالوا.. أنت بتاح (حتب) ..
وحتب تعني عبد.. ليصبح الآله هو عبد بتاح..
والشيوعيون حين تسقط الشيوعية حتى عند أهلها هناك يقولون إن النظرية صحيحة وإنهم ما زالو يعبدونها..
وأغرب نموذج لهذا النوع من النفوس هو الطائفة التي تسمى الراوندية ..
والراوندية طائفة خرجت أيام أبي جعفر المنصور.. وقالوا إن أبا جعفر المنصور هو الرب الخالق المعبود
وحين يقاتلهم أبو جعفر للمنصور يقاتلونه لأنه عندهم رب كفر بنفسه وأنهم يقاتلونه حتى يؤمن بأنه إله..
الطبع غلاب..
وفي كل مكان كان الشيوعيون يفعلون ماهو معروف من محاولات الاغتيال
وفي السودان يقع ما تعرف ..
وهذه مقدمة لحديث الغد عن المسألة الشيوعية ومحاولة اغتيال حمدوك
ونلتقي غداً