اخبار السودان اليوم

«جيفة» وكرسي مُفخخ

أحمد يوسف التاي
أبلغ وصف للأوضاع في السودان الآن أنها على درجة بالغة من الخطورة والتعقيد، وهذا يعني أنها على حافة الانزلاق نحو الدرك السحيق، ولا شك أنه إذا ما هوى هذا العملاق فلا أمل يلوح في الأفق بعد السقوط… هذه الحقيقة ليست مجرد خاطرة قاتمة وحسب، كما أنها ليست ثمرة إحباط عام ظل يتوكأ على عصاه بين أهل السودان، بل هو إحساس بخطورة الوضع الذي يقف على فوهة بركان يقترب من الانفجار رويداً رويداً مما يتطلب إجابة عاجلة للسؤال المُلح : ( ما العمل لتدارك هذه الخطر)…؟…
الحقيقة التالية التي تحبُّ أن تمشي عاريةً بين الناس ولا تحتاج إلى ثياب المداهنة والرياء لتسترها، هي أن البلاد تقف الآن على أرضية هشة للغاية لا تحتمل الصراع والمناكفات والتنازع على «جيفة» سلطة لا تستهوي إلا الصقور الجوارح، وأي محاولة للتنازع على كرسيها «المُفخخ» كافية جداً لسقوط الوطن بأكمله وليس سلطته الحاكمة، وحينها لن يهنأ المنتصر في الصراع بأي سلطة لأنه لن يحكم إلا أشباحاً، ومقاتلين متفلتين وأرضاً محروقة، ومُدناً ترقد تحت أنقاضها الجثث المتعفنة، وقرى مهجورة…
الحقيقة الثالثة التي لا تقبل المراء والجدل أن بلادنا الآن في مفترق طرقٍ تشعبت بنا مذاهب شتى وقافلة الوطن ما زالت مُتعثرة الخُطى تتنكب الطريق، وحكومة حمدوك المُثقلة بالهموم والنكبات الموروثة تقود السفينة في بحر متلاطم الأمواج وعواصف هوجاء تملأ الأرجاء تحيط بها من كل جانب، وقراصنة البحر ما زالت تمُدُّ أيديها الآثمة لسرقة الثورة بينما اللاعبون الدوليون والإقليميون ينتظرون الفرصة المواتية لسرقة الوطن بأكمله كما سُرقت من قبل أوطان وأمم وحضارات …
وإزاء هذه الأوضاع يبقى هناك طريق واحد للنجاة، فإمّا أن يصطف كل السودانيين خلف حكومة حمدوك رغم التحفظات الكثيرة عليها ورغم الضعف البائن من أجل العبور الآمن إلى مرحلة ما بعد الفترة الانتقالية، لكن قطعاً لهذا الاصطفاف شروطه ومستحقاته وأولى هذه المستحقات هو أن يتحول منتسبو قوى الحراك الثوري إلى رجال دولة حقيقيين يتحملون مسؤولياتهم كما يفعل الرجال الأبطال في مثل هذه الظروف أو يتنحون بطوعهم واختيارهم لأن الوضع الآن لا يحتمل «اللجلجة» ولا يقبل إلا الرجال الأوفياء أصحاب المواقف الواضحة، وثاني شروط الاصطفاف ومستحقاته هي تنظيف صفوف الحكومة وممثليها من كل العناصر الانتهازية والمشبوهين وكل من ارتقى مرتقى ليس بأهلٍ له، فحكومة الثورة لا يليق بها إلا من هم قدر التحدي الكبير الذي سبقت الإشارة إليه… اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

Exit mobile version