اخبار السودان لحظة بلحظة

(الانتباهة) من داخل سوق الطواحين.. تفاصيل ما حدث

سوق الطواحين: محمد احمد الكباشي
لم تكن الاخبار التي تم تداولها نهاية الاسبوع الماضي حول الاحداث التي شهدتها محلية ابو حمد والتي كان مسرحها سوق الطواحين بسبب احتفالية تم تنظيمها داخل السوق تضاربت الانباء حولها وانقسمت الآراء في مسبباتها، بينما يبقى القاسم المشترك بين هذه الآراء هو وجود مثليين داخل السوق لفتوا الانظار حولهم في ما يتعلق بطريقة لبسهم وتحركاتهم ومخاطبتهم، الى ان وصل الامر الى اقامة احتفالية صاخبة بل قيل انها ماجنة استفزت مشاعر من هم خارج نطاقها، اذ تقول الرواية الاولى ان مناسبة الاحتفالية تم تنظيمها لاحد الشباب كونه مقدم على الزواج، وهي ذات الرواية التي جاءت على لسان الجهات الرسمية بالمحلية، بينما اجمعت قيادات من داخل السوق على ان الاحتفالية نظمت على شرف زواج مثليين بقطوس زواج رسمي حتى اذا ما بدا الحفل ثار الناس حولها (فحدث ما حدث). اذ ان مثل هذه الاخبار لم تكن بالامر المألوف للمجتمع السوداني، وقد رفعت حاجب الدهشة وسط مكوناته المختلفة. وبين الروايتين وتداعيات الاحداث كان لا بد لنا في (الإنتباهة) ان نشد الرحال الي موقع الحدث بحثاً عن الحقيقة، فماذا حدث بالضبط؟ هذا ما ستتم الاجابة عنه داخل هذا التحقيق.
رحلة البحث عن الحقيقة
ارتسمت حالة من الغضب وتغيرت ملامح ذلك الشاب الذي كان يجلس بجواري في البص المتجه الى ابو حمد، ذلك عندما سألته عن حادثة زواج مثليين، فرد بقوله: (والله دا آخر الزمن)، واردف قائلاً: (لكن نعمل شنو اذا كان هناك من يبحث للمثليين عن قانون يحميهم؟) هكذا يرتسم المشهد، وذات الحالة التي تشكلت على الشاب كرار تبقى ماثلة للعيان عن المجتمع هناك.
نشاط السوق
حالة من النشاط والحراك مع ازدحام داخل سوق ابو حمد، وان كان الجميع قد تجاوز مرارة الحدث، الا ان آثاره مازالت باقية، ولم تكن الحقيقة لتنتهي هنا داخل مدينة ابو حمد، فكانت وجهتنا الى حيث سوق الطواحين على بعد نحو (13) كلم الى الشمال الشرقي من مدينة ابو حمد، ولهذا السوق مدخلان فقط رغم اتساع رقعته وتمددها في اكثر من خمسة كيلومترات مربعة احدهما عند الناحية الجنوبية والاخرى عند الناحية الشمالية، بعد ان تم تسويره بصورة محكمة لضمان تحصيل وارد الخام من الذهب بصورة يومية.
وداخل السوق تتداخل المحلات التجارية بين كافتيريات حديثة ومطاعم تقليدية الى محلات تجارة للجملة والقطاعي، فضلاً عن انتشار المقاهي بانواعها المختلفة، وليس بعيداً عن هذه المواقع تنشط حركة المعدنين في مواقع الطواحين الحديثة مع وجود تلال من مخلفات التعدين او ما يطلق عليه الكرتة.
رأس الخيط
بدأت جولتي بالقرب من موقع الحدث عندما اشار الي احدهم الي نادٍ للمشاهدة بدا اكثر اختلافاً عما سواه من بقية الاندية، اذ تم طلاؤه من الخارج بعدة الوان صارخة، مع رسومات بداخله وخارجه وبالوان زاهية جعلته يكون اكثر جاذبية وملفتاً للانظار، تماماً مثلما يقوم صاحب منزل بالاعداد والترتيب لمناسبة زواج ايضاً مع اختلاف الحالتين، ويمكن لاي زائر للسوق ان يميز هذا النادي بأنه موقع الاحتفال المثير للجدل بدون ادنى شك.
مشاهد صادمة
فقد هالني ما رأيت بداخله وسمعت ممن كان برفقتي، فقد شاهدت بالرغم مما تعرض له من حرق واتلاف، شاهدت اناءً بداخله بقايا حناء وقوارير تحفظ بداخلها عطور نسائية، غير كميات من الحبوب والحقن التي يرجح انها تستخدم للسمنة، اضافة الى انواع من الكريمات ومستحضرات التجميل. وطلبت من احد التجار الذي يجاور محله نادي المشاهدة المعني، ان يحكي تفاصيل ما جرى كونه شاهد عيان، فقال بعد ان طلب عدم ذكر اسمه، انه لا يساوره شك ان الذي تم هو زواج بين مثليين، وان اسم العروس وهي رجل اطلق عليه (امل)، واشار الى ان الاحتفال كان مغلقاً على اناس بعينهم، وجرت اجواء مراسمه في اجواء اشبه بالزواج المعلوم اي الشرعي، وقال ان الذين يتحدثون عن غير ذلك اما مغيبون تماماً عن المعلومة، او ان لهم اغراضاً لم يحددها، واكتفي بقوله لـ (الإنتباهة): (حسبنا الله ونعم الوكيل).
مصدر رسمي ــ فضل حجب اسمه ــ كشف لـ (الإنتباهة) معلومات خطيرة حول وجود المثليين داخل السوق، مشيراً الى وجود منظمات لم يسمها تقف وراء هؤلاء ودعمهم، واكد المصدر ان سوق الطواحين صار قبلة في الآونة الاخيرة ليس للشواذ جنسياً، بل لعدد من المجرمين، مؤكداً مقدرة الاجهزة الرسمية على حسم الظاهرة ومجابهة اي نوع من التفلت.
تضارب حول الرواية
لم يكن الرأي الغالب هو اثبات حالة زواج مثليين، الا ان طقوسهم وممارساتهم هي التي وجهت اصابع الاتهام نحوهم، وحركت امامهم سيلاً من الانتقادات، وخلفت حالة من الغضب والسخط على المواطنين. وعلى خلاف الرأي المتجه نحو اثبات الواقعة، فقد التقيت امام المسجد محمد الطيب عبد القادر، والرجل لم يسلم من اتهامات طالته بتحريك الرآي الاخر ضد الاحتفالية من خلال انتقاده لمثل هذه الممارسات، الا ان الشيخ محمد الطيب قال لـ (الإنتباهة) من خلال سرده للاحداث: ان احد الشباب كانت له مناسبة تم تنظيمها بهذا النادي الذي يجاور موقعي التجاري، وعليه تمت الدعوة لكل الشباب الذين تربطهم به علاقة، الا ان الاحتفال كما يقول امام المسجد كان صاخباً وخارجاً عن المألوف، الأمر الذي جعل البعض يتصدى لهم ضرباً بالعصي والحجارة، وبعدها حدث هرج ومرج وتعرض البعض لاصابات، ونفى امام المسجد ان يكون هناك زواج مثلي تبعته محاكمة بالرجم للعروسين، وقال: ان هذا حديث لا اساس له من الصحة، وقد استغل البعض هذه الحادثة واخذ يروج لها، وهنا نقول الحقيقة فقط، وحول وجود مثليين داخل السوق يقول امام المسجد: نعم هم موجودون بكثرة، وينحصر عملهم فقط في ادارة اندية المشاهدة وبيع الشيشة، وقال انه كثيراً ما تحدث مع التجار واصحاب المحلات بأن يدفعوا بمذكرة الى الجهات الرسمية لابعاد هؤلاء عن السوق، الا انهم لم يستجيبوا لطلبي هذا وكان ردهم (سيبك من المشاكل)، الا انه اشار الى ان ظاهرة الشواذ داخل السوق لم تكن وليدة اللحظة، بل ان وجودهم بالسوق يكون لفترة طويلة، وان غالبيتهم من الشباب وليس من بينهم اجانب، كاشفاً عن انه في الفترة السابقة القي القبض على عدد منهم وتمت محاكمتهم، قبل ان يعودوا في الفترة الاخيرة بصورة اكبر مما كانت عليه في الفترة السابقة.
اتهامات
ويقول يونس الامين ممثل لجان المقاومة بابو حمد: هناك نشاط واضح للمثليين بالسوق، وقال ان تصريحات الطبيب النفسي علي بلدو تصب في هذا الصدد مع غياب قانون رادع، مطالباً بنظافة السوق من هؤلاء وابعادهم بصورة نهائية، محذراً من التهاون في هذا الامر، مع المطالبة بمراجعة تخطيط السوق.  وطالب الجهات الامنية بزيادة قوة التأمين، واشار الى ان سوق الطواحين صار مسرحاً للجريمة وارجع ذلك لضعف الرقابة.
الجهات الرسمية توضح
الحادثة الأخيرة رفعت درجة اهتمام الجهات الامنية بوجودها داخل السوق منعاً لحدوث تفلتات امنية ومحاربة انتشار الظواهر السالبة ومنعاً لانتشار الخمور التي انتشرت بصورة كبيرة خلال الايام الاخيرة, وتعليقاً على حادثة السوق اكد اللواء حمدان عبد القادر داؤود قائد الفرقه الثالثه شندي، رئيس لجنة تقصي الحقائق حول الاحداث، اكد هدوء الاحوال بالمحلية في اعقاب التفلتات الامنية التي حدثت اخيراً، وقال لدى تفقده موقع الاحداث واجتماعه مع لجنة امن المحلي، ان الحدث شابه كثير من تزييف الحقائق واطلاق دعايات غير حقيقية ساعدت في ارتفاع وتيرة الاحداث.
واشار الى ان الاجتماع امن على وضع الحلول والترتيبات الامنية التي من شأنها وضع الامور في نصابها، بالاضافة الى تنظيم الاسواق وحصر الوجود الاجنبي وترفيع نقاط الشرطة الى مراكز في كل اسواق التعدين بالمحلية تعزيزاً للوجود الامني بالأسواق.
ومن جانبه قدم يحيى خالد عبد الباسط رئيس لجنة امن المحلية، تحليلاً  متكاملاً حول الاحداث الاخيرة وجهود لجنة امن المحلية، معلناً هدوء الاحوال ومشيراً الى ان ما تم تداوله حول الحدث مجافٍ تماماً للحقيقة.
من المحرر:
هكذا جاءت الروايات على لسان من التقيناهم وممن تحدثوا الينا حول ظاهرة الشواذ، على انه يبقى الدليل الدامغ ما شاهدناه داخل هذه الاندية المشبوهة، اذ ان الأمر لا يجب ان يتوقف عند هذا الحد، فبالضرورة ان تسعى كافة الجهات ذات الصلة لمنع تكرار الحادثة اياً كانت زواجاً او مناسبة صاخبة.

اترك رد