اخبار السودان اليوم

محاولة اغتيال حمدوك..مـن المستفيد؟

تقرير: آدم

إفادات في غاية الأهمية صدرت من الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الإعلام فيصل محمد صالح؛ وهو يتحدث لقناة الجزيرة مباشر، عن تداعيات محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، اذ قال الرجل إن «الطريقة التي تمت بها العملية غريبة على البلاد؛ وتشير إلى احتمال تورّط جهات خارجية»، بذلك يكون فيصل قد وضع اجابة كبيرة على سؤال كان يدور منذ وقوع الحادثة، لكونه حدد الجهات التي تقف وراء الواقعة وهي خارجية وهو ما أشار إليه أيضاً عضو المجلس السيادي الفريق ياسر العطا في حديث لـ»الانتباهة» وسبق تصريحات فيصل، بينما يظل التفكير مشغولاً بالبحث عن القيمة المضافة او الجدوى التي تبحث عنها هذه الجهات الداعمة والمنفذة للعملية الفاشلة، وبصورة أدق من المستفيد؟
بوصلة الإشارة بالنسبة للحكومة ممثلة في ناطقها الرسمي كما ذكرنا، قالت «إن بعض القوى الإقليمية والدولية متضررة من النموذج الذي يقدمه السودان»، وبالطبع فإن الدوافع الخارجية للقيام بمثل هذه العملية هي الخوف من استقرار السودان عبر إرساء نظام ديمقراطي وتحول حقيقي في منطقة تموج بالاضطرابات والتقلبات السياسية، مقروناً بالنظر إلى نموذج الربيع العربي الذي انتهى إلى ما يشبه العودة إلى المربع الأول بالنسبة لتلك الشعوب سوى القليل منها التي استفادت من التجربة كتونس على سبيل المثال، وبالتالي فإن ما حدث في السودان ان سار على ما هو عليه فانه بالطبع سيفرز حالة جديدة ربما تكون هادية إلى شعوب أخرى في اطار ما يعرف بانتقال العدوى، ويقول المحلل السياسي والصحفي عبدالماجد عبدالحميد «أفتكر أن المستفيد الأول هي الجهات التي ليست لديها مصلحة في أن ينتقل السودان إلى تحول ديمقراطي حقيقي، لان المرحلة الانتقالية من المتوقع ان يعقبها عمل ديمقراطي».
ولكن المتابع لردود الفعل الخارجية يمكنه ان يجزم بان كل الإدانات التي صدرت عالمياً تمضي في اتجاه، تأكيد الدعم للسودان وحكومته الانتقالية، حتى يعبر هذه المرحلة الحرجة، وهو ما يجعل العثور على الخيط الرفيع بين الحقيقة والخيال أمراً صعباً، لجهة ان الدول المهتمة بشأن السودان، أوضحت موقفها الصريح، تجاه الحادثة، الا ان عبدالماجد في حديث لـ(الانتباهة)، يشير إلى ان ما يدور في ملفات تتعلق بعلاقة السودان الخارجية، سيما تلك التي لها صلة بالمياه ربما تكون حاضرة في فرضية من المستفيد؟، بحسبان أن من يسعون وراء ذلك يعمدون إلى تغييب رموز لديها علاقة بالملف، وأضاف «وبالتالي تفتكر أن على رأس هذا الموقف هو حمدوك»، وكذا يقول المحلل الاستراتيجي د.محمد سليمان لـ(الانتباهة) إن البحث عن المستفيد من الحادث لا يفيد لكونه يظل استنتاجات ظنية فقط والظن لا يغني عن الحق شيئاً، لكن سليمان يؤكد ان الحادث دخيل على عادات وتقاليد الشعب، وأضاف» في تقديري ليس هدفه فقط اغتيال حمدوك وانما هدف إلى اغتيال التحول الديمقراطي»، وينوه إلى أن الحادثة جاءت في وقت تشهد فيه الساحة السياسية فشلاً كبيراً معترفاً به، في ظل عقبات تتمثل في ضعف الاداء والتعصب المنسوب للحاكمين الآن، وأشار سليمان إلى احتمالين الأول ان جماعة متشددة انطلقت من الآثار السالبة لمنهج الحريات التي بدأت تظهر على الساحة الاجتماعية كزواج المثليين وغيرها وارادت ان ترسل رسالة تغير هذا الاتجاه، وأضاف» لكن لا اعني ان من قام بذلك لهم صلة بدوائر خارجية»، والاحتمال الثاني وفقاً لسليمان هو ان «هناك ما يريد احداث فتنة وارباك للمشهد وإطالة أمد الخروج من الأوضاع الحالية، املاً في الوصول إلى تحقيق اهدافهم الخاصة».
ولكن بما ان غالب التوقعات استبعدت ضلوع الإسلاميين في هذا الأمر، إلا البعض يرى ان مجموعة داخل قوى التغيير لديها راي حول تعامل الحكومة، مع الإسلاميين، وتعتقد ان الأسلوب لا يزال «ناعماً» تجاههم، وتدفع نحو أهمية ايقاع مزيد من الغلظة، وبالتالي وفقاً لمراقبين ربما ارادت ان تحدث هذه الضجة لاحكام القبضة عليهم، وهو ما يؤكده عبدالماجد الذي يقول إن مجموعة اعداء التحول الديمقراطي، يدفعون خلف فزاعة الاسلاميين، ويرمون بكل ثقلهم تجاه هذه الواقعة للشيطنة»، وفي تغريدة على حسابه بالفيس بووك قال د.أمين حسن عمر القيادي بالنظام السابق المعروف إن «الفزاعة هي فخ أو عارضة أزياء، غالباً على شكل إنسان، عادة ما ترتدي الفزاعات البشرية بملابس قديمة وتوضع في حقول مفتوحة لتثني الطيور عن الإزعاج والتغذية على المحاصيل الزراعية، يتم استخدام الفزاعات أحياناً من قبل السياسيين لتجنب الانتباه من شيء قد يزعجهم أو عار»، وبالطبع فإن إشارات أمين وإن كانت غير واضحة المغذى إلا انها يمكن ان تفيد في حالة البحث عن من المستفيد؟
في المقابل هناك من يربط بين تردي الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والحادثة، انطلاقاً من نظريات كثيرة أبرزها ما اشار اليه أمين انفاً، في اعتقاد جازم ان الحكومة تريد ان تجد مادة لإلهاء الناس وصرف انظارهم في ظل تقصير حكومي، مع ان الفرضية بالنسبة للبعض مستبعدة تماماً في ان تقوم حكومة الثورة بذلك، الا ان استاذ العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية د.محمد علي تورشين، يقول إن الحادثة تبعث بالقلق الشديد لجهة ان المجموعة التي كانت تسبح بحمد حمدوك لاحظت في الآونة الأخيرة انخفاض شعبية الرجل بمتوالية هندسية فى ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، فحبكت سيناريو لتحريك المياه الراكدة بفرقعة إعلامية لاحياء الشعبية من جديد في محاولة لارباك المشهد السياسي في البلاد وتحقيق مكاسب سياسية بدراما غريبة على أخلاقيات الشعب السوداني، وأضاف» أعتقد أنها محاولة من جهات تحاول أن تصرف المواطنين عن معاناة صفوف الخبز والوقود والمواصلات وضرورات الحياة المعيشية التي صارت الهم الشاغل وكجرس الإنذار الأخير قبل دخول البلاد إلى منعطف خطير مجهول المصير».
والمتابع يمكنه ايضاً ان يربط بين جملة التحليلات الواردة، وبعض تعليقات نشرت في مواقع التواصل الاجتماعي كانت رداً على بيان أصدره تجمع المهنيين حول الحادثة ودعا انصاره إلى النزول للشارع استكاراً لها، فالواقع ان عدداً ليس بالقليل من التعليقات كانت مستنكرة لأصل الدعوة، واعتبرت ان التجمع بدا مشغولاً بقضايا بعيدة عن هم المواطن، وذكر هؤلاء التجمع بصفوف الخبز والوقود وازمات الحياة اليومية.

Exit mobile version