اخبار السودان اليوم

من فعلها؟

أحمد يوسف التاي
من حاول اغتيال حمدوك ولماذا؟…هذا السؤال المركب هو ما يشغل الرأي العام العالمي والمحلي على حد السواء، بل هو الآن بات ساحةً للعصف الذهني للمحللين والمراقبين والسياسيين وعامة الناس اجمعين… لكن من الصعب أن نقطع باتهام جهةٍ محددةٍ وإن اسندنا ظهورنا إلى جملة من المعطيات وقرائن الأحول، بل ليس من العدل والإنصاف والحصافة أن نُلقي التُّهم جزافاً دون دليل تطمئنَّ له النفوس.
ففي مثل هذه الحالات التي تتسم بالغموض وتحتاج إلى تقصٍ وتحقيق فني، يبدو صعباً معرفة من خطط ومن نفذ على سبيل الدقة واليقين، ولكن بكل تأكيد نستطيع بسهولة ويسر تحديد من المستفيد من هذه الحادثة… وبناءً على النقطة عاليه لن تقتصر طائفة المستفيدين من (اغتيال حمدوك) على خصوم الثورة وحدهم من كوادر وقيادات النظام المخلوع، بل تتعداهم إلى بعض الشركاء في الحكومة الانتقالية نفسها، وآخرين خارج حدود دولتنا المأزومة.
أرجو أن يكون واضحاً في الأذهان أنني هنا لا أتهم جهة محددة، بقدر ما أحاول فقط حصر المستفيدين من اغتيال حمدوك إذا ما نجحت هذه العملية الإجرامية، وما إذا كانت الحادثة حقيقية أم (فيلم هندي)… قد لا أكونُ مُخططاً أو منفذاً لفعل ما لكني قد استفيد منه دون أن تكون لي يدٌ فيه، وهذه الفائدة المنظورة ما قد يُدخلني في دائرة الاتهام..
وبناءً على ما سبق أستطيع القول إن بعض رموز وكوادر النظام المخلوع هم المستفيد الأول من هذه الحادثة المؤسفة، وإن استنكروها علناً فهم يبتسمون لها سراً، لأن محاولة اغتيال حمدوك إذا نجحت فإنها ستُغرق البلاد كلها في فوضى وآلام لا نهاية لها على نحو يسمح بعودة النظام القديم بكل سوءاته، والذي يستوفي مبررات عودته بالفشل الذريع لثورتنا (المُغتالة) مما قد يسمح بالإفلات من العقوبات والمحاسبة، واغتيال حمدوك يعني أيضاً الإنزلاق الأمني الذي سوف يكون الأسوأ في المنطقتين العربية والإفريقية، وهذا السيناريو إذا ما حدث يعني قطع الطريق أمام الاستقرار وبناء دولة القانون التي ستقتص من القتلة واللصوص وناهبي المال العام وكل جهابذة الفساد.
أما المستفيد الثاني فهم أنصار عسكرة الدولة بواجهة مدنية على غرار ما حدث في مصر، إذ أن سيناريو الاغتيال سيعطي مبرراً كافياً لتسليم السلطة للجيش بدواعي منع الإنفلات الأمني إلى حين تهيئة البلاد لانتخابات حرة ونزيهة، وهذا السيناريو قطعاً سيجد الدعم والمؤازرة من قوى إقليمية ودولية ستضمن رعاية مصالحها من خلال هذا الأمر، وبالتالي التخلص من الخصوم الذين سيتم (لف) الحبل على رقابهم.
أما المستفيد الثالث فهو حمدوك نفسه، والذي تراجعت شعبيته في الآونة الأخيرة بسبب تصاعد أزمات الخبز والوقود وتصاعد سعر الصرف، مما أدى إلى خروج لجان المقاومة في عدد من المناطق، ولا شك أنه بعد هذه الحادثة التي جاءت برداً وسلاماً عليه، فإن الرجل كسب تعاطفاً شعبياً على نحو لم يكن متوقعاً، وبشكل غطى على كثير من أوجه القصور البائن… وهذا السيناريو الثالث يعزز فرضية أن المحاولة ربما (فيلم هندي)، بخلاف السيناريوهين اللذين يفترضان نجاح المحاولة والمستفيدين المفترضين.
لاحظوا أيها السادة أنا هنا أتحدث فقط عمن سيستفيد من محاولة اغتيال حمدوك حال نجاحها، وحال كونها مسرحية.. اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخير:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثقْ أنه يراك في كل حين.

Exit mobile version