استطلاع: نجلاء عباس
فجع الشعب السوداني صباح امس بحادثة محاولة اغتيال رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، وسط استنكار شعبي كبير لهذه المحاولة الفاشلة التي اعتبروها استهدافاً لقمع الثورة واحباطها بنهاية الرجل الاول.. (الإنتباهة) اجرت استطلاعاً واسعاً وسط المواطنين والقوى السياسية، لتشير اصابع الاتهام لعدة نقاط. ومع ذلك يجدد الشعب الثقة في رئيس مجلس الوزراء ويؤكد مساندته والوقوف معه في صف وطني موحد، والمضي معه قدماً نحو تحقيق أهداف الثورة وبناء سودان جديد، رغم ما تواجهه البلاد من ازمات وتفلتات امنية.
غضب شعبي
اثارت محاولة اغتيال حمدوك غضباً شعبياً رافضاً لهذه الجريمة التي اعتبرها منحى خطيراً للبلاد، وتعد ظاهرة دخيلة على المجتمع افرزتها الاوضاع السياسية التي شهدتها البلاد أخيراً.. (الإنتباهة) وقفت مع عدد من المواطنين لمعرفة آرائهم حول هذه الجريمة البشعة، لتقول الاعلامية بالخارج ام تامر: (نتأسف ان نرى بلادنا قد وصلت الى هذا الوضع الخطير والاساليب الاجرامية البشعة التي تفتقد لابسط مقومات الانسانية)، واستبعدت ان يكون المتهمون المتورطون فيها سودانيين، واتهمت الاجانب الذين صدر في مواجهتهم سحب الجنسية السودانية، وقالت ان ما جرى هو نتيجة حقد على رئيس الوزراء الذي يعمل على تصحيح اخطاء النظام السابق. اما المواطن ابو السيد فيعتقد ان الحادثه مدبرة من قبل الدولة العميقة التي ترى ان حمدوك هو المهدد الرئيس لها، وتوقع ان تكون الحادثة انتقامية لما اقدمت عليه لجنة ازالة التمكين وفصل الكثير من المنتمين لنظام الانقاذ، فيما اجمع عدد من المواطنين على ان ما جرى صباح امس يهدف الى نشر الفوضى وزعزعة المرحلة الانتقالية، وتوقع المواطنون ان تنفذ مليونية لمناصرة حمدوك وتأييده ورفض ما اصابه من احداث عنف.
سلاح ذو حدين
الكثير من الجدل صاحب حادثة محاولة اغتيال حمدوك، لتوضع في وضعية دراسة الاسباب والاغراض الخفية التي دفعت الى وقوع هذه الجريمة، ليقول عضو الحزب الاتحادي الاصل علي السيد لـ (الإنتباهة) ان ما حدث غير متوقع ولم يسبق في التاريخ السياسي للبلاد، وقال انها كارثة مرفوضة جملةً وتفصيلاً، لما تشكله من خطورة على الحياة السياسية في السودان، واتهم (فلول الانقاذ) بأنهم ضالعون في ما حدث، وقال انهم فقدوا صوابهم، واضاف قائلاً انه في بداية تشكيل الحكومة الانتقالية اصدر الحزب الاتحادي بياناً ساند فيه الحكومة رغم عدم مشاركتهم في الحكم، وابدوا تعاونهم للتحول الديمقراطي الذي تنتهجه البلاد، وتوقع ان يكون الغرض من الحادثة احباط الاتفاقيات التي تمت مع الحكومة الامريكية لازالة اسم البلاد من قائمة الارهاب، وقال: (ما جرى يعتبر سلاحاً ذا حدين، فاما ان تتضح الرؤية لامريكا وتتأكد ان الحكومة ضد الارهاب وانها متضررة منه، او يتبين لها ان البلاد مازالت تعاني من الارهاب). واضاف ان لامريكا رؤيتها ودراستها للموقف، آملا ألا تتاثر البلاد بهذه الجريمة، بينما طالب علي السيد الحكومة بأن تتعامل بجدية وتضع في اعتبارها كل الاحتمالات التي تدفعها الى تأمين قوي للشخصيات المؤثرة في الحكومة، واشار الى ان حمدوك لا يبالي في مخاطبة الجماهير في الساحات العامة دون تأمين، بجانب تأديته للواجبات والمناسبات الاجتماعية، موضحاً ان ليس كل تجمع نظيفاً، وانما يكون بداخله مندسون يتحينون فرصة الانتقام واثارة الفوضى.
شعارات دموية
بينما يقول القيادي بـ (قحت) محمد عصمت لـ (الإنتباهة) ان الحادثة ليست غريبة على جماعة النظام البائد الذين هم خريجو مدرسة شعارها (فلترق منا الدماء ولترق منهم دماء او فلترق كل الدماء). واضاف قائلاً: (لم يكن غريباً ان يمارسوا مثل هذا العمل الارهابي لتصفية خصومهم مع رمزية ثورة ديسمبر المجيدة د. عبد الله حمدوك)، وتوقع عصمت الكثير من هذه التصرفات الاجرامية، باعتبار ان قيمة الطلقة عند كل فلول النظام البائد اقيم من الانسان السوداني، بحسب ما صرح به احد قياداتهم، ولفت الى ان ثورة ديسمبر محمية ولن يدعوا شيئاً يقف في طريق تحقيق اهدافها، وقال: (سنواصل في المطالبة بالقصاص لاهلنا في دارفور والنيل الازرق وكردفان ولكل شهداء الثورة المجيدة الذين قدموا ارواحهم فداءً للوطن)، اما في ما يتعلق بتزامن الحادثة مع زيارة نائب رئيس الخزانة الامريكية، قال عصمت: (لا اتوقع ان يكون هناك غرض معين، فمثل هذه الجرائم تحتاج الى تخطيط مسبق، في الوقت الذي لم تعلن فيه زيارة نائب رئيس الخزانة الامريكية الا بعد وصوله، مما يبعد الشك في وجود رابط بين الحدثين)، ولفت الى استمرار جهود حكومة البلاد في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، وقال: (لم يتبق الا التنفيذ واعتبره مسألة وقت فقط)، واضاف قائلاً: (بالرغم مما تمر به البلاد والحكومة من ضيق وتفلتات، فلن نسمح بعودة النظام البائد مرة اخرى، وليعلموا ان عهدهم قد انقضى وخرجوا من قلوب وعقول الشعب السوداني، ولا مكان لهم في الحكم مرة اخرى).
رسالة تحذير
اما المحلل السياسي بروفيسور صلاح الدين الدومة، فيوجه اتهامه الى الدولة العميقة، وقال لـ (الإنتباهة): (ان ما جرى يعتبر رسالة تحذيرية لحمدوك ونائب وزير الخزانة الامريكية الزائر للبلاد والحكومة الامريكية ككل، حتى تتراجع عن قرار شطب السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، فكان التفكير المحدود وغير الصائب هو سيد الموقف، وما حدث من فوضى مخطط ومدبر لها، سواء بغرض انقلاب عسكري او انتخابات مبكرة، ولكن اياً كان السبب فاننا رافضون لها، فالانقلاب العسكري يواجهه الشعب بالرفض، ويتحول الى رأي اقليمي ودولي). وأضاف قائلاً: (في مثل هذه المواقف نجد ان نظام الانقاذ ينقصه الذكاء في تنفيذ مخططاته التي اصبحت مكشوفة لدى الشعب)، وحمل الدومة المسؤولية الأمنية الى المجلس السيادي، ودعا الى ضرورة فرض هيبة الدولة وتحقيق الامن والاستقرار للمواطنين والمسؤولين.
لجنة تحقيق
بينما يرى عضو حزب المؤتمر الوطني المحلول ربيع عبد العاطي، ان ما حدث لا يحتمل الاتهامات او التكهنات والخبط العشوائي، باعتبار ان كل ما قيل او اتهمت به حكومة الانقاذ يفتقد للمنطق، وقال لـ (الإنتباهة): (لا بد من تكوين لجنة تقصٍ وتحقيق حول الحادثة، حتى لا تُفسر الجريمة بالمزاج السياسي)، واعتبرها جريمة جنائية تخضع للاجراءات القانونية بدلاً من التوقعات، واضاف قائلاً: (لا اريد ان اخوض في جدل سياسي ولنترك القانون يسير في مجراه).
إجراءات قانونية
وفي بيان صدر عن مجلس الوزراء استعرض فيه الهجوم الارهابي الذي اعترض موكب رئيس مجلس الوزراء بالتفجير واطلاق الرصاص اسفل كوبري كوبر، وأوضح البيان عدم اصابة اي فرد من الموكب عدا احد افراد التشريفية الذي اصيب في (كتفه) اثر سقوطه من الدراجة البخارية، واشار البيان الى ان رئيس الوزراء باشر مهامه المعتادة بمكتبه عقب الحادثة، ولفت الى ان السلطات الأمنية بدأت التحقيق حول الحادثة للوصول الى الجناة، مشيراً الى استهداف ثورة الشعب والمكاسب التي حققتها بنضاله ودماء الشهداء، واكد ان ارادة الثورة باقية، وان مسيرتها مستمرة ولن تفقد بوصلتها، وان ارادة الشعب الغلابة ممثلة في وحدة قوى التغيير هي الضمان لاستمرار الثورة، وهي الارادة التي ستجعل الردة مستحيلة.